أكد عضو اللجنة المركزية لحركة فتح أحمد حلس، أنه سيكون هناك خطوات مهمة للبدء بمعالجة أزمات غزة في المرحلة المقبلة، موضحا أن إنجاز المصالحة الداخلية سيسرع من عملية حل أزمات غزة، مؤكدا أن حركة فتح دورها أن تمارس الضغوط على المؤسسات الفلسطينية كافة لحل أزمات غزة.
جاء ذلك خلال حوار مطول أجرته "الرسالة نت" مع القيادي حلس عقب عودته من رام الله بعد المشاركة في المؤتمر العام السابع، حيث تطرقت معه لملفات فتح الداخلية والعلاقة مع حماس من جانب، والرباعية العربية وأطرافها من جانب آخر، حيث استهل حديثه بالتأكيد على أن انعقاد المؤتمر في ظل الضغوط التي مورست لأجل منعه، "انجاز كبير ومهم".
وأشار إلى أن الحركة بصدد الشروع في ترتيبات داخلية على صعيد التنظيم، وأخرى على صعيد العلاقة الوطنية تحديدا مع حركة حماس.
عقد مؤتمر فتح
وقال حلس: "إن انعقاد المؤتمر لم يكن أمرًا هينا، وكان أشبه بولادة عسيرة في ظل كل الظروف"، مؤكدا أن حركة حماس قدمت كافة التسهيلات لخروج الأعضاء المشاركين في المؤتمر من غزة.
وعلى صعيد فتح الداخلي، أكد على التزام حركته بتفعيل كافة الطاقات الداخلية لكل أبنائها "الملتزمين" في الحركة، " بمعزل عن اجتهاداتهم أو تبايناتهم داخل الإطار الواحد والتي يتفهمها التنظيم وسيعمل على حمايتها".
وقال إن من خرج عن الحركة لم يعد جزءًا منها، فضلا عمن صدر بحقه قرارات رسمية من التنظيم، مضيفًا "من يستقوي بطرف خارج فتح يخرجه منا، ومن خرج فلن يكون مشمولا بأي وضع داخلي للتنظيم".
خطوات مهمة للبدء بمعالجة أزمات غزة
وتابع حلس أنه "لا مانع أن نتعامل مع أي طرف شكل جسما خارج الحركة، كما نتعامل مع أي حزب فلسطيني"، مستدركا: "بشرط أن يكون الجسم فلسطينيًا ووطنيًا". وأكدّ أن دحلان لم يكن حاضرًا في مساعي الرباعية العربية، ولا في المؤتمر السابع، "ولم يطرح من أي جهة كانت، وأنه بات جزءًا من الماضي وليس جزءً من الحركة حالياً"، وفق قوله.
وأضاف "لم ولن يتم التعامل في قضية دحلان مع أي طرف يملي علينا أولوياتنا"، مشددًا على عدم قبول حركته مبدأ التبعية لأحد، "حرصًا على كرامتنا كفلسطينيين وكحركة".
لا نبرر سياسة قطع الرواتب للموظفين تحت أي ظرف
ورفض حلس منطق الاتهام بوجود صفقة بينه وبين الرئيس عباس للإطاحة بنفوذ دحلان في غزة، متابعًا "لم ولن أكون جزءًا أو راعيًا لأي صفقة".
وبرر حلس غيابه السابق بـ "طغيان الاصطفاف الحزبي على الوطني، وعندما شعرت بوجود ظرف مواتٍ لعودة الخطاب الوطني، فتقدمت لهذا الدور"، مضيفًا "موقفي لم يتغير من دحلان والكل يعرف مواقفي منه".
العلاقة مع حماس
وأشار إلى وجود ترحيب كبير من فتح بخطاب خالد مشعل رئيس مكتب حماس السياسي في المؤتمر السابع للحركة، مشيرا إلى أن المؤتمر بكامل مكوناته تفاعل إيجابا مع هذا الخطاب، ومضى يقول: "التجاوب مع مشعل أثار لدي الثقة بأننا ذاهبون لمصالحة حقيقية"، مشيرا إلى أن الخطوات العملية لها تبدأ بانعقاد المجلس الوطني، والذي سيتبنى التوجه لانتخابات "الوطني ومن ثم اللجنة التنفيذية"، واستكمال باقي ملفات المصالحة. وتوقع أن ينعقد المجلس خلال الأشهر الثلاثة المقبلة، مشيراً إلى أن مكان انعقاده سيتم التوافق عليه وطنياً.
وحول تهميش دور غزة في المؤتمر، أوضح أن عملية الانتخاب للحركة تتم بشكل عام، مشيرا إلى أن الضغوط الإسرائيلية أثرت دون خروج كامل عناصر المؤتمر من غزة. وأوضح أن هناك توافقا لتعيين بعض أعضاء المؤتمر في غزة بالمجلس الثوري واللجنة المركزية، من باب سد ثغرة عدد المنتخبين من غزة.
حماس قدمت كافة التسهيلات لخروج الأعضاء المشاركين في المؤتمر السابع
وعن رغبة مصر استضافة مؤتمر للفصائل، أوضح أن حركته لم تستلم دعوة رسمية "وفي حال وجهت دعوات سنستجيب لها وسندفع باتجاه إنجاح الجهد المصري"، مشيرا الى ضرورة أن يسبق هذه اللقاءات تفاهمات فلسطينية داخلية.
وردًا على سؤال حول تخوفات حركته من إمكانية أن تتجاوزها مصر ردًا على رفضها التصالح مع دحلان، أجاب " الفلسطيني قوي ولا أحد يمكنه أن يتجاوزه أو يلعب فيه أو يقفز عنه"، مضيفًا " لسنا خصما لا لمصر ولا لغيرها بل نسعى لتصويب العلاقة مع الأطراف العربية، وقوة هذه الأطراف من قوة التزامها بالشرعية الفلسطينية، وعدم تدخلها في الشأن الفلسطيني".
لا مانع أن نتعامل مع أي طرف فتحاوي شكّل جسما خارج الحركة
وأكدّ أن مصر لن تتدخل في الشأن الفلسطيني، وأن هناك محاولات من "بعض الخارجين عن الصف الوطني للزج بمصر في الشأن الفلسطيني". وتابع "مصر ليست سخرة عند هذا اللاعب أو غيره"، معتبرًا أن عقد المؤتمرات الأخيرة في مصر والتلويح بدعم مصري لطرف محدد "لعب صغار ونحن نتعامل مع مصر القائدة لا مع الصغار التي تقودها هذه الأداة أو تلك"، وفق قوله.
خلافة عباس
وفي قضية خلافة عباس، قال حلس إن مسألة خلافة أبو مازن أو تسمية نائب لم تطرح للنقاش طيلة جلسات المؤتمر، مؤكدا أنه لم يجرّ تحديد مهام أعضاء اللجنة المركزية المنتخبة.
وكشف حلس أن المجتمعين في المؤتمر السابع أقدموا على مراجعة الرئيس عباس في قضية العودة للمفاوضات، مشيرا إلى أن الإجماع الفتحاوي يرفض العودة لها؛ "لأنه لم يعد شيء يبررها في المرحلة الحالية".
لم تُحدَد مهام أعضاء اللجنة المركزية المنتخبة
وتابع مستدركا بقوله: "نحن ضد المفاوضات من أجل المفاوضات، لكننا سنستجيب لأي مفاوضات يمكن أن تحقق شيئا"، داعيا إلى أن تكون هناك بدائل وطنية للمفاوضات يتبناها المجموع السياسي الفلسطيني.
اغتيال عرفات
وفي ملف التحقيق باغتيال الرئيس الراحل ياسر عرفات، كشف حلس عن أن حركته لا تملك أي أدلة قاطعة ضد أي شخص في قضية اغتيال عرفات، مؤكدا أنه في حال الحصول عليها ستكشفها القيادة للشعب بشكل صريح.
وأوضح أن هناك اتفاقا فتحاويا سبق المؤتمر السابع على عدم استخدام ملف أبو عمار كمادة للدعاية الانتخابية للمتنافسين في الانتخابات الداخلية، قائلا: "نرفض استخدام اللغة العاطفية لكسب أصوات إضافية في الانتخابات".
وفي التعقيب على حديث عباس حول معرفته بقاتل عرفات، قال إن الرئيس تحدث بالمفهوم العام وليس الخاص، وهو الذي يشير إلى أن إسرائيل هي من تقف وراء اغتيال عرفات، لكن نحن نبحث عن أداة التنفيذ.
المشاركون في المؤتمر السابع راجعوا عباس في تمسكه بالمفاوضات
وأضاف: "هناك مؤشرات لا تصل الى مرحلة الحقيقة الكاملة، ولا يجوز أن نعطي الحقيقة على جرعات، أما ان تكون الحقيقة كاملة أو نقول الموضوع ما زال قيد التحقيق والبحث وهو كذلك فعليا".
وأكد حلس أنه ستكون هناك عراقيل وعقبات ومحاولات للتضليل حول تفاصيل اغتيال عرفات؛ لأن هناك أطراف عديدة -لم يسمها- لا مصلحة لها في الكشف عن تفاصيل القضية.
ملف غزة
وفي شأن غزة، قال حلس إنه سيكون خطوات مهمة للبدء بمعالجة أزمات غزة في المرحلة المقبلة، مشيرا إلى إنجاز المصالحة الداخلية سيسرع من عملية حل أزمات غزة. ونبه إلى أن من غير المعقول أن تحال أزمات غزة إلى لجان، قائلا: "يجب حل أزمات غزة من خلال المنظومة الوطنية الفلسطينية ككل، ويجب أن يكون لغزة نصيب في الانجازات وأن تكون شريكة فيها".
وأضاف: "حركة فتح دورها أن تمارس الضغوط على المؤسسات الفلسطينية كافة لحل أزمات غزة، وهذا الملف في أجندتنا ونعلم حجم المعاناة الحاصلة في غزة".
فتح لا تملك أي أدلة قاطعة ضد أي شخص في قضية اغتيال عرفات
وعن تخلي حركته فتح عن الكفاح المسلح، أوضح حلس أنه يجب أن نفرق بين مفهومين: الأول حق الشعب الفلسطيني في المقاومة، وهذا بتشريع كل قوانين العالم، وبين مقتضيات المرحلة وما تحدده من وسائل للمقاومة.
وأضاف: "مارسنا في فتح في مرحلة من المراحل المقاومة المسلحة، وخضنا الانتفاضة مع شعبنا، ورفعنا شعار المقاومة الشعبية". وأوضح أنه من الضروري الوصول إلى فهم فلسطيني يتعلق بتوقيتات المقاومة وأشكالها حتى نخرج من المنظور الحزبي للمقاومة، الذي يختلف من طرف لآخر من ناحية ما هو مسموح أو مرفوض.
وعن نظرة فتح للأجنحة العسكرية للمقاومة، قال حلس: "إننا نتمنى أن نصل لمرحلة أن تكون المنظومة الأمنية في السلطة هي جزء من المفهوم الوطني العام حتى في موضوع المقاومة"، مستدركا: "أن تنفذ المنظومة ما يتفق عليه وطنياً".
أتوقع أن ينعقد المجلس الوطني خلال الأشهر الثلاثة المقبلة
وأضاف:" وإلى أن نصل لهذه الدرجة يجب أن نفرق بين نوعين من السلاح أول وهو الرسمي التابع للسلطة سواء في غزة ورام الله، وما دون ذلك أي سلاح يجب ان ينضبط للقرار الوطني الفلسطيني، ولاحقا نبحث عن تسمية له".
وفي العلاقة مع حركة حماس، أوضح حلس أن التواصل بين الحركتين لم ينقطع، مشيرا إلى أن اللجنة المركزية تتحمل مسؤولية تنفيذ سياسة الإطار العام للحركة المتوجه صوب المصالحة خلال المرحلة المقبلة. وقال: "أنا على ثقة أن هناك خطوات عملية وجدية سيبدأ يلمسها شعبنا في المرحلة المقبلة دون أن ندخل في تفاصيلها"، متوقعا أن يكلف في بعض المهام المتعلقة بالمصالحة الفلسطينية.
وعن الوضع الفتحاوي في قطاع غزة، أشار حلس إلى عدم وجود أي مواقف مسبقة من أي كادر فتحاوي، مؤكدا أن حركته مقبلة على بناء تنظيمي سيقدر كل صحاب جهد ومبادر وملتزم. وشدد على عدم وجود تغييرات في البناء التنظيمي للحركة إلا في الإطار الإيجابي ووفقا للنظام الحركة الداخلي، مؤكدا أنه لن يتم إبعاد أحد عن المشهد والعمل التنظيمي.
وحول الخصومة مع الأطراف الأخرى في فتح، قال إن الخصومة أسبابها وطنية وليست حزبية، ولطالما بقيت هذه الأسباب قائمة "لن اضع يدي في أيديهم مطلقا" -وفق قوله-.
وفيما يتعلق بملف قطع رواتب الموظفين التابعين للسلطة في غزة، أكد حلس أنه لن يبرر سياسة قطع الرواتب تحت أي ظرف من الظروف، مضيفا: "هناك مخالفات تعالج في إطار القانون، وإن كانت العقوبة تؤدي للفصل يفصل أو تخفيض المرتبة".
ترحيب فتحاوي برسالة مشعل للمؤتمر السابع
وأشار إلى أنه يجب ألا تبدأ سياسة العقاب من قطع الراتب، مؤكدا أنه على مدار مسؤوليته التنظيمية لم يكن يجامل أحدا في العقوبة التنظيمية ولكن يحمي المخالف من الناحية الوظيفية.
وحول مساعي التسوية التي تقودها فرنسا، قال: "من البداية رحبنا بالمبادرة الفرنسية والموقف أن إسرائيل لا مصلحة لها فيها أو الاستجابة لها".
وفي العلاقة مع الرئيس عباس، قال حلس: "اختلفت مع أبو مازن أكثر مما اتفقت معه خلال العمل التنظيمي، لكني أثق في صدق أبو مازن وقيادة حماس كذلك تثق في صدقه، وأنا أراهن على ذلك".