لم تنم أعين أهل غزة على مدار اليومين الماضيين، في متابعة وجدانية قبل الإخبارية للجرائم التي ترتكب بحق المدنيين في مدينة حلب السورية.
وما لمدينة في العالم أن تشعر بحلب كغزة، فهي التي عاشت وما زالت في حصار إسرائيلي منذ عقد، وما فتأت تنتهي من عدوان حتى يبدأ آخر، وكلاهما تعيشان الموت والصمت يخيم على الساحتين العربية والدولية.
وسائل التواصل الاجتماعي غصّت بمشاعر الحزن والألم التي انتابت أهل غزة، فأخذوا يعبرون عن غضبهم من الظلم الواقع على المدينة، والتجاهل الدولي لما يجري فيها.
غزة تشعر بالتقصير، هذا ما أشار إليه عشرات النشطاء الغزّيين عبر وسائل التواصل، وتناقل الشعور في أوساط أهالي غزة الذين بات حديث مجالسهم يتلخص في حلب ومأساتها.
وعادت المشاهد الواردة من حلب بذاكرة أهل غزة لتفاصيل كل عدوان شهده القطاع على مدار السنوات الماضية، من قتل للنساء والأطفال وتدمير للمنازل، وفقدهم لأساسيات الحياة والإسعاف.
ويقول الحاج الستيني أحمد أبو طه أن أهل منزله لم يغيروا بث التلفاز عن القنوات المهتمة بمتابعة أحداث حلب، التي أصبحت حديثهم في جلسات الشتاء التي تجمع العائلة بأكملها.
ويشير الستيني الذي يقطن مدينة رفح جنوب قطاع غزة إلى أن مشاهد حلب أعادت ذاكرته إلى ما جرى يوم الجمعة الأسود خلال العدوان (الإسرائيلي) على غزة صيف 2014، حين لم يجد سكان المنطقة الشرقية لرفح منقذا لهم من هجمات الاحتلال.
وتابعت وسائل الإعلام المحلية في غزة، تفاصيل الأحداث في حلب أولا بأول، وصدرتها في واجهة موادها الإعلامية، بعد أن أصبحت قضية رأي عام فلسطيني تشغل الشارع بأكمله، وكأنها مدينة في قطاع غزة.
ومع قدوم منخفض جوي لغزة وتساقط الأمطار، لم تخل دعوات أهل غزة من ذكر النازحين من مدينة حلب، والذين تدمرت منازلهم وباتوا في العراء، وهذا ما أظهرته تدويناتهم عبر وسائل التواصل.
وتقول الحاجة أم نضال أبو جزر إنه من الواجب علينا كعرب ومسلمين أن نكثف دعواتنا لأهلنا في حلب، مشيرةً إلى أنها أوضحت لأحفادها الصغار الجريمة التي تحصل بحق أقرانهم في حلب السورية.
وتمتد أجواء الدعم والمؤازرة لحلب إلى مساجد غزة، التي خصّص خطباؤها في لقاءاتهم الدعوية خطبهم لكشف الجريمة الواقعة بحق أهالي حلب.
وللنشطاء الإعلاميين دور بارز في ساحة مناصرة حلب، إذ توالت التغريدات من معظم الإعلاميين على مدار الساعات الماضية.
ومن أبرز الوجوه الإعلامية ما تحدث به الإعلامي المشهور تامر المسحال الذي قال: "في غزة نتألم لحلب ونبكي حرائرها وأطفالها وشيبها وشبابها لأننا نعرف جيدا معنى القهر والخذلان وأن تترك وحيدا لمواجهة مصيرك وسط الأشلاء والحصار، حلب أمام ما تشهده من احتلال وتطهير عرقي حتما هي معركة ضمير انساني إما ان تكون صاحب ضمير او أن تكون منعدم الضمير ولكل حرية الخيار والقرار !".
أما الإعلامية غالية حمد فقد كتبت عبر صفحتها على "فيسبوك": " أنا من الجيل الذي عاصر إبادة حلب ودمار سوريا على يد مغول العصر وكان متفرجا لا أكثر، ما أحقر ضعفنا وما أقبح عجزنا".
فيما غردت الناشطة الإعلامية ديانا المغربي من غزة عبر تويتر بقولها: "أنا جبانة وموجوعة للحد الذي يجعلني أمنع نفسي من قراءة الأخبار أو مشاهدة ما يحدث بحلب".
ووسط الحالة الشعبية الغاضبة لما يجري في حلب، أصدرت حركة حماس بيانا تستهجن فيه عملية الإبادة والتدمير الذي تتعرض له حلب في الآونة الأخيرة، فيما طالبت كلَّ العقلاء والأحرار والمسؤولين في الأمة بالعمل الفوري من أجل حماية المدنيين في حلب، وإنقاذ من تبقى منهم على قيد الحياة.
وإزاء ما يحصل في الوطن العربي، تحافظ غزة بكل مكوناتها الشعبية والسياسية على ضميرها الحيّ، لتقابل الصمت الدولي بحقها طيلة السنوات الماضية، بصرخة رفض لجرائم العصر من بين ركامها.
ذ