في حال التعثر عن السداد

"سيارة بالتقسيط".. أولها "سمسرة" وآخرها "حجز"

صورة ارشيفية
صورة ارشيفية

تحقيق: أحمد الكومي

يربت المحامي على كتف موكله المواطن أبو عماد أثناء نزولهما على درج محكمة بداية غزة، مواسياً إياه بعدما قضت المحكمة ببيع سيارته التي عجز عن سداد أقساطها.

أبو عماد، رجل خمسيني، لديه ثلاثة أبناء أكبرهم خريج جامعي لم يجد فرصة عمل في تخصصه، فاشترى له سيارة من نوع سكودا أوكتافيا 2012، كمشروع عمل، عن طريق التقسيط، على أن يكمل سداد ثمنها من ريعها.

كان شعوراً جميلاً بأن يمتلك شاب في العشرينات من عمره سيارة حديثة، أو بالأحرى حُلما، سرعان ما تبدد بعد 9 شهور، حين وجد أبو عماد أن السيارة بالكاد تغطي أقساطها، وأنه بات أسير قلقه مع نهاية كل شهر، ولم يعد يسأل عن أرباح، بقدر ما يسأل عن قسط شهري.

فضّل أبو عماد أن يحرر نفسه من هذا الأسر، فصارح التاجر بعدم مقدرته على السداد، ولأنه رفض التسوية بخسارة الأقساط السابقة، وجد نفسه في المحكمة مُرغما على خسارة الضعف، ليخرج ضحية "سيارة".. التهمت محصول أتعابه!

أبو عماد، واحد من مئات أغرتهم عروض 298 معرض سيارات في قطاع غزة وجدت أن البيع بالتقسيط (آلية البيع الآجل) أفضل لها في تصريف منتجاتها، من البيع النقدي الذي لا يُقبل عليه العُملاء؛ نظرا لضعف القوة الشرائية في غزة.

هذه الآلية في البيع مشروعة، وتتعامل بها كثير من قطاعات السوق في غزة -إذا لم تكن تعتمد عليها كليا-ومنها معارض السيارات، باستثناء أن نسبة المخاطر المترتبة عليها تختلف من قطاع إلى آخر، وهذا ما يحاول تحقيق "الرسالة" إظهاره بشأن اقتناء سيارة عن طريق التقسيط، وما يرافق ذلك من عمليات سمسرة وقضايا حجز.

خسارة قاسية

جولة ميدانية أجراها معدّ التحقيق على عشرات معارض السيارات في غزة، أظهرت أن "اتفاق البيع" يختلف من تاجر إلى آخر، فيما يتعلق تحديدا بالدُفعة الأولى من سعر السيارة، وهذا ربما كان عاملا في بحث المستهلك عمن يطلب أقلّ.

ومن أحاديث التجّار، تبين أن قيمة الدُفعة الأولى يحكمها توفّر السيولة المالية لدى التاجر؛ للقيام بعملياته التجارية، ومن دونها لا يمكن أن يطلب أقل من نصف ثمن السيارة مُقدما، أو أكثر؛ للقبول ببيعها مقسّطة.

وينبغي الإشارة إلى أن انخفاض قيمة الدُفعة الأولى من ثمن السيارة يُقابله ارتفاع في نسبة الفائدة، وهذه أول مخاطرة ضد مصلحة المستهلك، الذي غالبا ما يتقيد بالمال الذي بحوزته.

لكن الشيء الذي تتفق عليه كل المعارض في غزة، أن المستهلك ملزم بالتوقيع على "اتفاق بيع" يصرّح للفريق الأول (التاجر)، بأنه يملك السيارة، فيما يأذن للفريق الثاني (المستهلك) بوضع اليد والتصرف فيها بجميع أنواع التصرفات القولية والفعلية، ما عدا التصرفات الناقلة للملكية".

بمعنى، أن التاجر يبقى مالكا للسيارة حتى تسديد الثمن كاملا، وفي حالة تعسّر المستهلك في تسديد الأقساط المذكورة أو مخالفة شروط الاتفاق، فإن جميع الآجال تعتبر لاغية، ويحق للتاجر سحب السيارة !

كانت هذه شروط اتفاق البيع الذي وقّع عليه المواطن أبو عماد، لسيارته، وحصل "مُعدّ التحقيق" على نسخة منه.

وبينما يصعُب على التاجر سحب السيارة من المستهلك عنوة في حال تخلّفه عن الدفع؛ لارتباط الأخير بدفعة مالية أولى وأقساط سابقة، فإنهما يضطران لإجراء تسوية مالية، تنتهي في أغلبها بخسارة المشتري، أو أن لا يقبل، فليجأ التاجر إلى المحكمة لرفع "قضية حجز سيارة"، ومن هنا تبدأ أسوأ خسارة يتعرض لها مشتري السيارة.

شركة متفرّدة

في قاعة مكتظة بالمحامين والمراجعين بدائرة تنفيذ محكمة بداية غزة، اقتنصت "الرسالة" جزءا من وقت مأمور التنفيذ ياسر بربخ، ليشرح مجريات قضايا حجز السيارات لديهم.

يقول إن التاجر بمجرد رفعه قضية حجز لدى النيابة، يحوّل الأمر إلى الشرطة القضائية التي تباشر بدورها المهمة، فتحجز على السيارة، وتنقلها إلى "كراج الزهرة"، وهو كراج حكومي خاص، جنوب مدينة غزة.

48 قضية حجز سيارة أحصاها معد التحقيق من أرشيف مهمات التنفيذ لدى الشرطة القضائية في عامي 2015-2016

وأثناء ذلك، والقول لبربخ، يحق للمشتري تقديم طلب للقاضي بتقسيط المبلغ، وغالبا ما يوافق على طلبه، وفي حال لم يلتزم بالدفع خلال ثلاثة شهور، يقضي القاضي بعرض السيارة للبيع في "مزاد علني"، يتم نشره في الصحف المحلية.

ويضيف: "ثم يؤمر بمُخمِّن محلَّف إما من وزارة العدل أو يأتي به صاحب المصلحة بالبيع (التاجر)، ويشترط أن يكون حاصلا على رخصة تجارة سيارات؛ من أجل "تثمين" السيارة المعروضة للمزاد العلني، على أن يقْسم أمام القاضي "بأن يؤدي عمله دون تحيّز لأي طرف".

ويشير بربخ إلى أن من يرغب بالشراء عليه أن يدفع نسبة 10% من قيمة التثمين، بأن يدفع مثلا 1300 دولار إذا ثُمّنت السيارة بمبلغ 13 ألف دولار، مؤكدا أنه في جلسة المزاد، تنتهي السيارة لصاحب أعلى سعر، وبعد ذلك يتم رفع الأمر للقاضي المختص، الذي يقضي بالبيع أو إعادة المزاد مرة ثانية.

وأوضح أن الثمن المرصود للسيارة يذهب إلى تغطية بقية أقساطها لدى التاجر، الذي يتنازل بدوره عن ملكيتها للمالك الجديد، فيما تذهب البقية إلى جيب المشتري الأول، "الذي لا يخرج إلا خاسرا"، بقوله.

وفي أثناء وجودنا بالمحكمة، وقع في أيدينا ملف قضية لحجز سيارة للمواطن (ك.ل) من نوع (نيسان ميكرا 2013)، عُرضت في مزاد علني.

ويُظهر ملف القضية أن المبلغ "المترصد" على المواطن يقدّر بـ 12,600 دولار، من الثمن الكلي للسيارة.

وبينما لم يُظهر الملف "أصل" المديونية (الثمن الكلي للسيارة بالتقسيط)، عاد "مُعد التحقيق" إلى الشركة المسجل باسمها القضية، وأخبرته بأن المواطن اشتراها بثمن 19,600 دولار، بدُفعة أولى 5 آلاف دولار، وأن صاحبها قسّط 2000 دولار فقط من المتبقي عليه، بمعنى أن الشركة وصلها 7 آلاف دولار من الثمن الكلي، وتطالبه بالباقي بعدما تخلّف عن السداد.

وعلمنا أنه تم تثمين السيارة في المزاد بمبلغ 13 ألف دولار، سيعود 12,600 منها للشركة فيما سيذهب باقي المبلغ للمواطن (ك.ل)، وبالتالي فإنه سيكون قد خسر الدُفعة الأولى للسيارة وأقساط أربعة شهور، بواقع 6600 دولار في غضون شهور قليلة!

المواطن المرفوع ضده قضية حجز ملزم بدفع وديعة المحكمة، وأجر المخمّن، ورسوم فتح القضية، وثمن إعلان المزاد في الصحيفة !

ومهم أن نلاحظ هنا الفرق بين السعر الحقيقي للسيارة وسعرها بعد التثمين، كي نقدّر حجم الخسارة التي سيكون المواطن عُرضة لها في المحاكم.

ليس ذلك فحسب، فالمواطن المنفّذ ضده سيكون ملزما بدفع وديعة المحكمة وأجرة المخمّن، التي يقدرها القاضي، وهي، وفق مأمور التنفيذ بربخ، بحدود 400 شيكل لكل منهما، عدا عن رسوم فتح القضية التي تبلغ 1% من الثمن المطلوب للسيارة (130 دولار إذا كان ثمنها 13,000 دولار)، وأيضا ثمن إعلان المزاد في الصحيفة!

نافذة وموظف خاص!

هذه القضية كانت واحدة من أصل 48 قضية حجز سيارة، أحصاها معد التحقيق من أرشيف مهمات التنفيذ لدى الشرطة القضائية، تمت في عامي 2015-2016.

المفاجأة أن 32 سيارة منها تتبع لشركة واحدة فقط، تتحفظ "الرسالة" على اسمها، ونكتفي بالإشارة إليها بأحرف (ع.ر).

وحين واجهنا صاحبها بذلك، في مكتبه بأحد معارض الشركة بشارع الجلاء وسط مدينة غزة، أجاب: "طبيعي، لأن لدينا عدة فروع".

وعلمنا من مصادر خاصة في قطاع الترخيص أن عدد المركبات المرهونة لشركة (ع. ر)، 70 سيارة في العام الحالي 2016، في الوقت الذي أظهرت فيه إحصائية رسمية حصل عليها "معد التحقيق" أن إجمالي عدد السيارات المرهونة لدى الترخيص من "معارض سيارات" للعام نفسه، يبلغ 108 سيارات !

لا يملك المستهلك تجديد ترخيص سيارته إلا بحضور التاجر في حالة التقسيط

وبمقارنة قيمة الدُفعة الأولى ومدة التقسيط مع شركات أخرى، تبين لنا أن هذه الشركة تنفرد بآلية بيع أكثر قبولا وإغراءً لدى المواطنين، من ناحية انخفاض قيمة الدفعة الأولى، وزيادة سنوات التقسيط.

فمثلا، يمكن لمواطن يملك 6 آلاف دولار تقديمها دفعة أولى لأي سيارة حديثة معروضة لدى الشركة، بفترة سداد تمتد لخمس سنوات !

وهذا ربما يفسر شيوع اسم هذه الشركة، وزيادة عدد قضايا الحجز باسمها لدى محكمة بداية غزة.

حتى إن بعض السائقين الذين قابلهم "معد التحقيق" في إطار تقصيه، يتندرون بأن دائرة الترخيص تخصص "نافذة وموظف خاص" لمعاملات هذه الشركة، في إشارة إلى كثرتها.

سمسرة

في المحكمة، همس لنا أحد الموظفين، الذين يشرفون على إدارة المزادات، بأن تجّار السيارات باتوا "يستسهلون" رفع قضايا حجز في المحاكم؛ لأنها تأتي لهم بثمن السيارة كاملا بطريقة أسرع من أن ينتظروا انقضاء سنوات التقسيط.

وقد يبرر ذلك خلو اتفاق البيع من أي كفيل، في الوقت الذي يعتبر وجوده مصلحة للتاجر بالدرجة الأولى !

لكن تبين أن أغلب تجار السيارات يتعاملون في معاملاتهم التجارية بنظام "الكمبيالة" (ورقة تجارية يتم التعامل بواسطتها في المعاملات ذات الطابع التجاري والمدني)، التي تتيح للتاجر فتح قضية تنفيذية في المحكمة.

عمليات "سمسرة" بأجر مالي، مقابل كل سيارة يكون لـ "السمسار" دور في بيعها، "وإقناع" المستهلك بها

الجانب الأكثر خفاء في كواليس البيع والشراء التي يتبعها تجار السيارات في غزة، ما كشفت عنه "الرسالة" بشأن عمليات "سمسرة" بأجر مالي، مقابل كل سيارة يكون لـ "السمسار" دور في بيعها، "وإقناع" المستهلك بها.

واحد من هؤلاء السماسرة، قابلته "الرسالة" ورفض الكشف عن اسمه، وكان صاحب معرض سيارات، قال إن "الزبون" الذي كان لا يجد عندي السيارة التي يرغبها، أتوجه به إلى تاجر زميل، وأكون جزءا من عملية الشراء.

وأكد أن السمسرة "مهنة" يمارسها كل تاجر سيارات لا يملك السلعة التي يأتيه الزبون في طلبها، فيحوّله إلى زميل له بذريعة أنه شريك أو مدير فرع ثاني، ويحصل على مقابل ذلك.

ووصف هذا الأمر بأنه أشبه بـ "اتفاق شرف" بين كل أصحاب المهنة.

وأسرّ السمّسار بأن ما يحصّله من هذه المهمة يكون مُربحا في بعض الشهور، أكثر من بيع سيارة نقدا !

ويمكن اعتبار حديث السمسار قريبا من الحقيقة إذا ما علمنا أن 110 سيارات تدخل قطاع غزة أسبوعيا، يقوم بإدخالها 54 مستوردا معتمدا، وفق إحصائية حديثة لوزارة المواصلات.

علاقة ترخيص

وزارة المواصلات تعتبر، من جانبها، أن علاقتها بتجّار السيارات "علاقة ترخيص" فقط، كما قال لـ "الرسالة" المهندس طلال القرشلي، نائب مدير عام هندسة المركبات بوزارة المواصلات.

وذكر القرشلي أن الوزارة يعنيها من التاجر أن يملك رخصة مزاولة مهنة فقط، وألا يتجاوز شروطها المتعلقة باستخدام المركبات داخل المعرض، وفق القانون وبناء على إجراءات الوزارة.

واعتبر أن أي علاقة بين التاجر والمواطن هي "أمر خاص لا شأن لنا به"، مضيفا أن الوزارة ليس عندها شروط أو قيود تحكم عمل التاجر، أو آلية البيع التي يعمل بها.

كذلك الأمر مع جمعية تجار قطع الغيار والسيارات في غزة، التي قال رئيسها عبد الهادي حميد لـ "الرسالة"، إنها لا تتدخل في آلية البيع لدى التجّار.

وانطلاقا من قول القرشلي، وقبل أيام قليلة من نشر التحقيق بلغنا أن وزارة الموصلات اتخذت إجراءات يمكن أن تضبط هذه التجارة، دون التدخل في آلية البيع.

وفي أول تصريح له منذ توليه منصبه وكيلا لوزارة المواصلات، يقول صلاح أبو شرخ لـ "الرسالة" إننا قررنا إجراءات لضبط عملية رهن المركبات تحديدا، باعتبارها جزءا من عملية البيع والشراء بالتقسيط.

وذكر أنهم رفعوا قيمة رهن المركبة بنسبة (نصف في المائة) من ثمنها، بما لا يقل عن 200 شيكل، علما أنها كانت مقطوعة بمبلغ 50 شيكل فقط للرهن، وفك الرهن.

وستعمل الوزارة على تحديد عدد السيارات المسجلة باسم الشركة، إذا ما علمنا مثلا أن السيارات الـ70 المرهونة لدى شركة (ع. ر)، مسجلة باسم شخص واحد فقط !

وأضاف أبو شرخ أن الوزارة قررت تحديد الجهات التي يحق لها الرهن لدى قطاع الترخيص، مشيرا إلى أنه سيقتصر على "الشركات المرخصة والموثوقة" بعد تقديم طلب وأخذ الموافقة عليه، فيما لن يتم قبول رهن الأشخاص، وأن بإمكانهم التوجه إلى المحاكم.

وبيّن أنه سيكون مسموحا لكل شخص تسجيل 3 سيارات فقط باسمه.

وأكد أبو شرخ أن هذه الإجراءات من شأنها ضبط عملية رهن المركبات، في الوقت الذي يتعذّر على الوزارة "إيقاف الرهن" باعتبار أن ذلك يتعارض مع "الكم الأكبر المستفيد من هذه التجارة".

تتضح أهمية ذلك في الوقت الذي تزداد فيه عمليات رهن السيارات لدى قطاع الترخيص، فبينما بلغت العام الحالي (108 سيارات)، كما ذكرنا سابقاً، كانت في العام السابق 2015، (42 سيارة)، علماً أنه تم استثناء أعداد السيارات المرهونة باسم البنوك وشركات التأمين، على اعتبار أنها تتعامل بآلية بيع مضمونة بكفلاء، واكتفينا بالسيارات المرهونة باسم معارض سيارات.

وبمقارنة الأرقام بين عامين، تتضح أيضا زيادة الإقبال على شراء سيارات بالتقسيط؛ الأمر الذي يؤكد أهمية الالتفات إلى مخاطر هذه العملية.

ويوجد في قطاع غزة 9300 سيارة عمومي داخلي موزعة على جميع المحافظات، وفق إحصائية للوزارة المواصلات.

وفي السياق، يعتقد المحلل الاقتصادي نهاد نشوان أن تجارة السيارات انحرفت بشكل أبعد وأخطر عما كان معمولا به، في ظل "الغياب التام" للدوائر الرسمية.

وأرجع نشوان، في حديثه مع "الرسالة"، أسباب ذلك إلى عدم تحديد قيمة الفائدة على البيع بالتقسيط، واختلافها من صفقة إلى أخرى، إضافة إلى غياب "حماية المستهلك" في تحديد آلية تحمي بموجبها المواطن من الاستغلال في زيادة الثمن عن السوق.

ويوصي بأهمية تنظيم عمليات البيع بموجب "شريحة"، تبين فيها دائرة حماية المستهلك، قيمة الفائدة، ونسبة الزيادة عليها، وفق المدة الزمنية لفترة السداد.

ويشير المحلل الاقتصادي، نشوان، إلى شكل جديد "من أشكال الربا"، وفق تعبيره، بدأ تجار السيارات بابتداعه؛ استغلالا لظروف المواطنين المتعسرين، أصبحت بموجبه السيارات وسيلة للاقتراض، تحت مسمى متعارف عليه لدى التجار بـ "القضية"، وهي عملية بيع شكلية يقوم عبرها تاجر السيارات ببيع سيارة إلى مشتري على الحساب (دين) بموجب كمبيالات أو شيكات، وفي الوقت نفسه يقوم مرة أخرى بشرائها، نقداً!.

ويقول إن هذا الشكل من التجارة ساهم في رواج تجارة السيارة في غزة بشكل غير مسبوق؛ "لما تحققه من أرباح خيالية على حساب الأزمات المالية للمتعثرين، خاصة أن نسبة أرباحها تصل إلى 40% على كل قضية وأكثر".

وأكد المحلل الاقتصادي أن "التجارة بالقضية" تعتبر مثالا لـ "الربا الفاحش"، الذي له أثر سلبي كبير على اقتصاد السوق، وإرهاق الجهاز القضائي والتنفيذي في مئات القضايا الناتجة عن ذلك.

قصارى القول، إن غياب وجود "ناظم" لآلية البيع بالتقسيط لدى تجّار السيارات يزيد من أعداد المقبلين على الشراء من خلالها، مدفوعين بمبدأ أن الحاجة تبرر كل الأعمال.

وبالتالي، فإن ذلك يستدعي مزيدا من "التدخل الحكومي"؛ بما ينظّم العمل أكثر بهذه الآلية لدى تجّار السيارات، وفي أقل صوره، أن تكون "حماية المستهلك" طرفا مراقبا على عقود البيع.

الأهم من ذلك، أن يكون المواطن نفسه على دراية بمخاطر شراء سيارة عن طريق التقسيط، وأن يعمل بمبدأ القيادة على الطريق: "في التأني السلامة وفي العجلة الندامة".


تحقيق أبو عوض

البث المباشر