يحتفي قطاع غزة بأعياد الميلاد التي بدأت وفق التقييم الغربي في الخامس والعشرين من الشهر الجاري بطقوس وعادات اجتماعية يتشارك فيها المسيحيون الى جانب المسلمون سويًا، لاضفاء روح المحبة والتعايش المشترك بينهما.
في كنيسة اللاتين بغزة، اصطفت فتيات مسلمات، الى جانب مدخل مصلى الكنيسة، يحملون ورودًا يهدونها للمشاركين في الأعياد من المسيحيين، للتاكيد على عمق العلاقة بين المسلمين والمسيحين في غزة. وفور الانتهاء من تأدية الصلاة يتجه كل مسيحي الى منزله، ليبدأ جولة التهاني على أقاربهم وذويهم.
وتستعد العوائل المسيحية لاعداد حلويات العيد الخاصة والتي يطلق عليها بـ"البربارة"، نسبة الى قديسة مسيحية اسمها بربارة، وتعد هذه الحلويات من الاكلات الشهيرة في الأراضي الفلسطينية .
ويفضل المسيحيون الاحتفال بأعياد الميلاد في مدينة بيت لحم مهد السيد المسيح عليه السلام، نظرًا لطبيعة الأجواء الاحتفالية هناك، وهي فرصة تغتنمها بعض العوائل في غزة للقاء بذويها في الضفة المحتلة.
غير أن الاحتلال الإسرائيلي يفرض قيودًا مشددة على منح التصاريح للعوائل المسيحية لبيت لحم، ورغم تخفيفه لهذه الإجراءات خلال العامين الأخيرين الا انه لا يزال يحرم عددًا منها الى الداخل المحتل.
ويفرض الاحتلال قيودًا على الشخصيات التي تشارك في الأعياد ببيت لحم، من قبيل منعها حمل الهدايا من و إلى غزة.، كما ويضع شروطاً تمنع المسيحيين من سن 16 حتى 35 عاماً، من مغادرة القطاع إلى مدن الضفة الغربية للصلاة أو الاحتفال بالأعياد أو زيارة الأقارب.
الشاب جورج عياد، واحد من اولائكم الذين حرمهم الاحتلال منح التصاريح لزيارة بيت لحم هذا العام، وضيع عليه فرصة زيارة جديه الذين يقطنان جوار مدينة رام الله، والذي لم يلتقي بهم منذ اكثر من ثلاثة أعوام.
وقال عياد لـ"الرسالة"، هذا الحرمان لن يدفعني لادانة المقاومة الفلسطينية، فهي تسعى لتحرير فلسطين وإزالة حاجز ايرز الذي يمنعنا الاحتلال من العبور عنه ويذلنا عليه.
ويضيف " إسرائيل تعتبر كل من يقاومها ارهابيًا سواء كان بالكلمة او الشعر او البندقية، ونحن لن نسلم لإسرائيل باي شبر من ارضنا كفلسطينيين".
ساندرين صلّيبا لم تستطع الخروج من غزة إلى الضفة لقضاء الأعياد في كنيسة المهد ببيت لحم. وعن استعداداتها لاستقبال الأعياد في غزة، قالت: "الطقوس منذ سنوات محدودة جداً، وتقتصر على تزيين شجرة الميلاد، والصلاة في الكنيسة، وتبادل التهانئ والزيارات بين الأقارب والأهل". وتشير إلى أنها زارت كنيسة المهد للمرة الأخيرة عام 2007.
ويقدر عدد المسيحين في غزة بـ 3 آلاف مسيحي، وينقسمون لثلاثة كنائس ارثوذكسية ولاتينية وبرتستانية.
وفي غضون ذلك، اشاد الأب أنطوان ضو أمين عام اللجنة الأسقفية للحوار الاسلامي المسيحي بلبنان، بدور حركة حمابس في حماية التعايش الديني بين المسلمين والمسيحين في قطاع غزة، قائلا " حماس حركة مباركة في الحياة السياسية الفلسطينية والعربية والإسلامية".
وقال ضو لـ"الرسالة"، "المهام الملقاة على عاتق حماس أصبحت كبيرة ، "فنحن بأمس الحاجة لحركة إسلامية سياسية مثل حماس تعمل في حقل الحوار في واقعنا الراهن، في ظل ما نعيشه من حروب"، وفق قوله.
وأضاف: " حماس مثلت صمام أمان للتعايش الديني بين المسلمين والمسيحين في غزة، وهي تمثل فكرًا نهضويًا في الامة على عكس من سعى لتدميرها وعمل على تفتيتها".
وأشار إلى أن دور حماس لم يعد مقتصرًا على غزة، "فهناك قضايا أخرى تستوجب تدخلا من حماس، وأدوار عظيمة ندعوها للقيام بها لثقتنا بمقاومتها ودورها وصدق قادتها"، وفق قوله.
وأوضح أن حماس تملك أرضا خصبة لفعل ذلك، لكونها تمثل نقطة اجماع في الامة بين مسلميهم ومسيحيهم.
وأضاف " تعرفت على مؤسس حماس الشيخ أحمد ياسين وتعرفت على روحانيته وصدقه، وغزة المباركة باتت ملكًا لكل العرب وللبنانيين كذلك، وهي غنية بإرثها الديني والإنساني".