نجحت الفنانة العالمية التشكيلية الهولندية، ماريان تويون في تحويل ركام منزل دمرته قوات الاحتلال الإسرائيلي منتصف عام 2014م إلى متحف فني بمواصفات أوروبية، في مدينة خانيونس جنوب قطاع غزة.
واعتادت صاحبة الـ63 عامًا العمل داخل المباني المهجورة أو المُهملة، وعملت هذه المرة داخل منزل مُهدم بفعل طائرات الاحتلال في مدينة خان يونس بقطاع غزة.
وما إن تنظر إلى المكان من الخارج ترى منزلًا مدمرًا، وأحجارًا مبعثرة، نتيجة استهدافه من طائرات الاحتلال خلال العدوان الأخير على قطاع غزة.
بمجرد أن تطأ أقدامك بوابة المنزل المتهالك يأسرك مشهد الأسقف المعلقة، والجسور المتينة، الموضوعة على جدران المنزل من الخارج بطريقة هندسية مميزة، إلى جانب أعمدة البناء غير التقليدية.
عملت الفنانة الهولندية بمساعدة مهندسين وفنيين فلسطينيين وأوروبيين على "تحويل دمار البيوت الى نحت جميل" ضمن مبادرة لجمعية الهلال الاحمر الفلسطيني بقطاع غزة.
ففي الشرق من محافظة خانيونس جنوب قطاع غزة، انتهت الفنانة وطاقمها المساعد، من تحويل منزل مدمر إلى قطعة فنية مذهلة.
وأعادت الفنانة الهولندية استخدام مخلفات الحجارة والأعمدة والأسقف، التي تعود لمنزل المواطن جمعة أحمد شعت إلى أشكال فنية جذابة.
وتقول تويون إن إتمام هذا العمل الفني استغرق 3 شهور، بمساعدة فريق من مهندسين ومتخصصين وعمال، مضيفةً: "عندما أتيت إلى غزة كانت البيوت مدمرة فعلاً بسبب القنابل"، مشيرة إلى أنها عندما بدأت العمل في هذا المنزل لم يكن به جدران أو نوافذ، حيث دمرت كلياً بفعل العدوان.
وتابعت: "أخذت جميع القطع في البيت بما فيها الطوب ووضعتها بترتيب، بما يعطي جمالًا ومنظرًا جذابًا للأشياء الموجودة، ولم استخدم مواد البناء وخاصة الاسمنت لعدم السماح بدخوله إلى القطاع من قبل (إسرائيل)".
وأشارت إلى أنها تريد إيصال رسالة حب وسلام، من خلال العمل في هذا المتحف الذي وصفته بـ"الرائع والجميل"، حيث ينقل جانبًا من المعاناة التي يعيشها سكان قطاع غزة إلى دول العالم أجمع.
ونوهت إلى أنها تعرضت لمخاطر كبيرة مع الفريق الخاص بها، سيما سقوط أجزاء من سقف المنزل والجدران بفعل التشققات الموجودة عليها، مشيرةً إلى أن أنها كانت تعمل ضمن بيوت مهجورة فقط وليست مدمرة كهذا البيت.
وجاءت الفنانة الهولندية لتباشر عملها منذ ثلاثة شهور، بمساعدة فريق من المهندسين التابعين لجمعية الهلال الأحمر، وعدد من الحدادين والعمال المحليين، مستخدمة جميع قطع المنزل المدمر لرسم لوحتها الفنية الأولى على مستوى فلسطين.
وحسب الفنانة الهولندية؛ فإن هذا المشروع يعد الأول على المستوى العربي، والسابع على مستوى العالم، حيث نفذت عملَ مشروع في أفريقيا والثاني في روسيا، والرابع في هولندا، والسابع في غزة.
بدوره، أعرب محمد أبو دقة مساعد الفنانة التشكيلية، عن سعادته البالغة بإنجاز هذا المشروع الذي من شأنه أن يوصل رسالة للعالم أجمع عن المعاناة التي يمر بها قطاع غزة.
وأشار إلى أنه تم تحويل هذا البيت إلى تحفة فنية، كون المنزل تعرض لدمار كبير، موضحاً أنه استخدمت جسورا حديدية متينة من الخارج لتثبيت السقف وتعليقه بالميولة المطلوبة، كما أنه تم بناء أعمدة جديدة لزيادة نسبة الأمان.
وأوضح أن المنزل يعود للمواطن جمعة شعث ويسكن فيه 15 شخصا، لكنهم شردوا بعد أن دمر على يد قوات الاحتلال، لافتًا النظر إلى أن الفنانة ماريان افتتحت المشروع في الـ20 من ديسمبر، بحضور عائلتها والعديد من الشخصيات الاعتبارية على مستوى قطاع غزة.
يشار الى ان الاحتلال دمر ابان حرب صيف العام 2014 التي استمرت 50 يوما، أكثر من مئة وعشرين الف منزل جزئيا او كليا في القطاع المحاصر منذ عشر سنوات. وادت الحرب الى مقتل 2251 فلسطينيا و73 اسرائيليا بحسب وكالة الامم المتحدة لغوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين (اونروا).