يجلس على قارعة الطريق واضعا قدما فوق قدم، يتفحص المارة بنظرات حادة، ويستدرج بكبريائه من يقف أمامه للسؤال:
* لماذا تنظر للناس بحدة يا مواطن؟
يقتحم جوابه السؤال بصوت مرتفع:
- أنا لست مواطنا عاديا... أنا قائد، مشكلتكم أنكم لا تفرقون بين من عاش حياته بعيدا عن المنصب والنفوذ، وآخر أصبحت القيادة جزءا من جيناته...
*ولماذا تجلس على قارعة الطريق ما دمت قائدا؟
- لقد استغنوا عن خدماتي، وتركوني عاريا من المنصب والسيارة والمرافقين، وما عدت أجيد أي عمل آخر في الحياة سوى أن أكون قائدا، تستطيع القول إنني أدمنت القيادة، وها أنا ذا اليوم على قارعة الطريق، والسبب ذاك الذي يجلس على الرصيف المقابل.
على الرصيف المقابل كان يجلس بعصبية... يمزق أوراقا بيده، كان لابد من معرفة أسباب العلاقة المتوترة بينه وبين ذاك الذي جار عليه الزمان والأعوان.
*تبدو قائدا مثل جارك، لكن لماذا أنت في خصومة معه؟
- أنا لست قائدا مثله، أنا تصحيحي، مهمتي نقد الواقع وتعديل المسار، لقد امتلكت زمام المبادرة وكشفت حالة الجمود والقصور والنمطية التي أدار بها المسيرة، وتمكنت من إزاحته من موقعه.
*لكنك أيضا تجلس على الرصيف؟
- للأسف هذه صحيح... لقد استطاع ذاك الذي يطل من شباك منزله الوشاية بي ورفع التقارير وضللهم حتى وصلت إلى هذا المكان.
زاد الفضول وثار حب الاستطلاع، لكن قبل استنطاق صاحب الشباك باغت هو بالسؤال: هل جعلك تتعاطف معه، وزعم أني ضللتهم؟
*ألست القائد الذي احتل مكانه؟
- أولا هذا توصف غير دقيق، أنا لست مجرد قائد، أنا إصلاحي، أشم رائحة الفساد والفاسدين عن بعد... لقد تزعم ذلك الموتور ما أسماها حركة تصحيحية، في حين أنه اعتمد على الولاءات وشبكة المصالح وجند العائلية والشللية والمناطقية، للوصول للمنصب، فخضت معه معركة الشفافية والنزاهة، وكشفته أمام الجماهير والقواعد.
*وانت ماذا حل بك؟
- طأطأ رأسه... وخرجت الكلمات ثقيلة: لقد أقنعوني بأنه يجب أن أكون اختيارا ديموقراطيا، وأسقطوني في الانتخابات، وكان ابني على رأس المتآمرين.
ودائما للصراع بقية...