كشف رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان محمد جميل، عن وجود توجه للتقدم بشكوى إلى محكمة الجنايات الدولية حول عرقلة السلطة الفلسطينية لتنفيذ مشاريع الكهرباء في قطاع غزة، والتي من شأنها أن تخفف من الأزمات الإنسانية المتفاقمة في القطاع المحاصر منذ عقد.
وقال جميل في اتصال هاتفي مع "الرسالة نت"، من لندن: "إن البلاغ سيقدم خلال فترة وجيزة للمطالبة بالتحقيق في هذه الجريمة"، مؤكدًا أن رئيس السلطة محمود عباس ورئيس وزرائه رامي الحمد الله يتحملون المسؤولية الكاملة عن هذه الجريمة.
وأشار إلى وجود أدلة تبين تماهي السلطة مع الاحتلال في هذه الجريمة التي تشكل "جريمة حرب" وفق اتفاقية روما المنشأة للمحكمة الدولية واتفاقات جنيف، موضحًا أن الوثائق تشير إلى تورط السلطة في هذه المعاناة.
وكان فتحي الشيخ خليل رئيس سلطة الطاقة بغزة، أكد تورط السلطة برام الله في عرقلة إدخال الأدوات التي تحتاجها لممارسة عملها، إضافة إلى عرقلتها تنفيذ مشاريع إستراتيجية تنهي أزمة الكهرباء، كما وتتورط في فرض ضريبة البلو التي تحول دون شراء كميات من السولار لتشغيل المحطة.
وأكدّ جميل أن هذا التورط ليس جديداً على السلطة، التي تسعى إلى فرض أجندات سياسية من خلال إثارة أزمات إنسانية، مبيناً أن ما تقوم به السلطة هو نوع "من العقوبات الجماعية" لتحقيق أجندة سياسية، وتابع "وهذه تعتبر جريمة حرب وفق توصيف القانون الدولي".
وأوضح أن هذه الجريمة يترتب عليها حدوث كوارث إنسانية في عديد المجالات، ويترتب عليها ملاحقة قانونية، خاصة وأنها تخالف المادة السابعة من ميثاق روما المنشأ للمحكمة الدولية، وأن السلطة اليوم أصبحت عضو في هذه المحكمة.
السلطة شريكة في ارتكاب جرائم حرب ضد سكان القطاع
وقال جميل: "إن القانون الدولي يلزم الأطراف والقوى التي لها نفوذ بحماية السكان في زمن الاحتلال، وتفرض عليها اتفاقات جنيف بتقديم يد المساعدة، وتسهيل كافة المساعي الرامية إلى تخفيف أزمات السكان والعمل على تلبية احتياجاتهم".
وبين أن قيام هذه الأطراف بما يخالف ما ورد في اتفاقات جنيف، من خلال تعطيل المساهمات الإنسانية للسكان الخاضعين تحت الاحتلال، "يعتبر خرقًا جسيمًا لهذه الاتفاقات، خاصة في قضايا الكهرباء والماء والصحة".
وأكدّ رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان أن تعطيل هذه الحقوق يعد جريمة حرب، وهي مسألة تشترك فيها السلطة إلى جانب الاحتلال وأطراف أخرى، ما يجعلها تحت طائلة القانون.
وقدمت ثمانية مقترحات من جهات دولية وإقليمية لحل أزمة الكهرباء، إلا أنها جميعًا اصطدمت برفض عباس وتعنته.
جرائم تعذيب
ولفت جميل إلى أن المنظمة رفعت قضايا ضد السلطة حول سياسة التعذيب التي تمارسها في الضفة المحتلة، حيث رصد خلال العام المنصرم 2200 حالة اعتقال واستدعاء، إضافة إلى 33 حالة تعذيب، ولا " يزال التواصل مستمر مع الجنائية لمحاسبة مرتكبي هذه الجرائم".
وأضاف " القضايا على مكتب النائب العام، لكن هناك ضعف في العمل، ونتمنى أن تسرع المحكمة في التحقيقات، سيما وأن التعذيب جريمة ضد الإنسانية"، مشيرًا إلى وجود تعاون بين أمن السلطة وأمن الاحتلال في هذه السياسة " ما يعتبر تجاوزًا خطيرًا في قواعد القانون الدولي الإنساني".
وتؤكد لجنة الحريات في الضفة المحتلة، استمرار حالات الاعتقال والاستدعاء على خلفيات سياسية، مشيرة إلى ما يتخللها من أعمال تعذيب بحق الناشطين.
ملاحقة أمنية
وأكدّ جميل أنه في حال طلب المدعي العام فتح تحقيق رسمي بهذه الجرائم، فإن محمود عباس ورئيس وزرائه والأشخاص المسؤولين عن هذه الجرائم، سيكونون بجانب بنيامين نتنياهو وافيغدور ليبرمان في المحكمة الدولية للمحاكمة عليها.
عباس والحمد الله سيحاكمان إلى جوار نتنياهو وليبرمان على جرائمهم
وأوضح أن السلطة الفلسطينية أصبحت عضوًا في المحكمة الجنائية الدولية، وقدمت لها عديدًا من النصائح للتوقف عن ارتكاب هذه الجرائم، إلا أنها رفضت الانصياع لها، وقال: "يأبى رئيسها محمود عباس إلا أن يكون مثل نتنياهو وليبرمان ممن ارتكبوا جرائم حرب".
وأوضح أن المدعي العام سيطلب من الغرفة الابتدائية في المحكمة – حال فتحت تحقيقات رسمية-، لإصدار مذكرات توقيف بحق كل هؤلاء المتورطين في الجرائم وتعميمها عبر الانتربول الدولي.
ودعا الجنائية الدولية إلى تشكيل محكمة خاصة حول الجرائم المرتكبة في فلسطين، أسوة بما فعلت مع قضايا دول أخرى، من أجل ملاحقة كل من يرتكب جرائم حرب ضد الشعب الفلسطيني. وقال جميل "لنرى في الأيام المقبلة، كيف سيسجل في لوائح القضاء أن عباس والحمد الله وليبرمان ونتنياهو، مطلوبون في ارتكاب جرائم حرب".
وأوضح أن المحكمة الدولية ورغم عدم تفاعلها بشكل حاسم مع الجرائم، إلا أنها المرجعية التي يمكن لها أن تنظر في هذه الانتهاكات، ولديها الإمكانات المادية والبشرية القادرة على التحقيق فيها.
معبر رفح
وأكدّ رئيس المنظمة العربية لحقوق الإنسان، أن الحراك القانوني والقضائي سيبقى مستمرًا، ولن يتوقف ضد أي جريمة ترتكبها إسرائيل أو السلطة أو أي أطراف أخرى ضد غزة، مشيرًا إلى وجود قضايا مماثلة ضد مصر أمام الجنائية الدولية، بسبب الإغلاق الدائم لمعبر رفح منذ عشرة أعوام.
وأضاف "وفق المعلومات فإن معبر رفح لم يفتح خلال العام المنصرم سوى 42 يومًا، والقاعدة العامة التي تحكم عملية الإغلاق وفتحه هو الاستثناء حسب الوضع السياسي وفق ما تحققه وسيلة الضغط من أهداف سياسية بين الحين والآخر".
وأكدّ جميل أن إغلاق معبر رفح وتدمير الأنفاق التي لجأ السكان إليها كبديل لإدخال احتياجاتهم في ظل حالة الإغلاق، يعتبر جريمة حرب يحاكم عليها القانون. وقال "لا يمكن محاصرة السكان في بقعة جغرافية دون تمكينهم من الحقوق المنصوص عليها في القواعد العامة للقانون الدولي، من قبيل حق السفر وإدخال الاحتياجات الإنسانية الأساسية".