انطلاقا من عبارة "الحاجة أم الاختراع" كانت بداية تصميم أربع طالبات يدرسن الهندسة المدنية في الجامعة الإسلامية بغزة، على صناعة الإسمنت من مخلفات الزجاج ورماد الفحم لتنجح الفكرة بعد أشهر من المحاولة.
الطالبة رحمة عاشور وزميلاتها نور البحيصي وآية أبو حشيش وأنغام المدهون، لم يكتفين بالبحث عن فكرة لمشروع تخرجهما من الجامعة للحصول على درجات فقط، بقدر ما كان تفكيرهما ينصب على ضرورة معالجة أزمة من الأزمات التي يعاني منها قطاع غزة في ظل ما يعانيه من حصار مُطبق منذ عشر سنوات.
تقول الطالبة عاشور في حديثها لـ"الرسالة" إن حاجة المواطنين للإسمنت وشحه من القطاع دفعها وزميلاتها لوضع هذه الأزمة تحت مجهر بحث التخرج، وهنا كانت الانطلاقة عبر التنقيب عن طرق جديدة لصناعة الأسمنت حينما وجدن أن مخلفات الزجاج ورماد الفحم قد تكون مواد ناجعة لذلك.
وتضيف عاشور "كان قرارنا أن نعمل على إعادة تدوير الزجاج عن طريق طحنه وإضافته بكمية مضاعفة بعد الاستعانة بأوراق عمل وأبحاث أجنبية ساعدتهن في تحقيق الهدف".
وبعد محاولات حثيثة، جمعت عاشور ورفيقاتها حوالي 20 كيلو من الزجاج تم طحنها في مختبرات الجامعة "الإسلامية" قبل أن يضاف إليها القليل من الاسمنت والمواد الأخرى ليتفاجأن بنجاح فكرتهن من أول عينة اختبار.
وتقول عاشور في مقابلة مع الرسالة " بعد موافقة الجامعة على استخدام الجهاز المختص لطحن الزجاج ووضع الزجاج فيه مدة 15 ساعة قمنا بتنخيله بمنخل فتحته 75 مايكرو للحصول على مسحوق ناعم جدا وخلطناه مع كمية قليلة من الاسمنت واجرينا عليه فحوصات الضغط والكثافة وكانت النتيجة إيجابية".
ولم يتوقف نجاح الفريق عند هذا الحد بل أجرى تجارب عديدة باستخدام رماد الفحم في صناعة الاسمنت وكانت النتيجة ناجحة لكن الزجاج قوته أعلى من الفحم.
وعن استخداماته توضح عاشور: يمكن استخدام هذا الاسمنت في البلاط والقصارة وأعمال التشطيب الأمر الذي ينجح في حل مشكلة شح الاسمنت من القطاع إلى حد كبير، في الوقت الذي تعاني فيه غزة من نقص كبير في الكميات الواردة عبر معابر الاحتلال.
وعن الصعوبات التي واجهت المشروع، أكدت عاشور أن انقطاع التيار الكهربائي وصعوبة الحصول على موافقة الجامعة باستخدام جهاز طحن الزجاج وكذلك صعوبة توفير كميات كافية من الزجاج ورماد الفحم لإجراء الاختبار.
وتشعر عاشور وزميلاتها بالسعادة الكبيرة بعد حصول مشروعهن على درجة الامتياز في الجامعة، متمنية أن تلاقي الفكرة اهتمام الجهات الرسمية والعمل على تطويرها وعدم تركها حبيسة أدراج الجامعة.
ويسمح الاحتلال بإدخال 3- 4 آلاف طن يومياً للقطاع، أي ما يعادل 80 شاحنة "وهذا لا يكفي" لحاجة القطاع، في الوقت الذي تحتاج فيه غزة إلى مليون ونصف طن لإعادة ما دمره الاحتلال خلال العدوان الأخير، وفق تقارير صادرة عن وزارة الاقتصاد.