لا يكترث رامي مقداد وأصدقاؤه ببرودة ماء البحر بفصل الشتاء، أو عتمته ليلاً، ليغوص تحت موجه، ولا ينير طريقهم التي يشقونها بين الصخور سوى كشاف صغير يتخذوه دليلاً لملاحقة الأسماك الكبيرة وصيدها بمسدس الماء.
شغف البحر والإفراط بحبه جمع عددا من هواته ومحترفيه في قطاع غزة داخل الميناء، ليتخذوا منها مكان انطلاقتهم لتأسيس أول فريق شبابي مختص في تدريب رياضات السباحة المختلفة ومن أبرزها: الغوص والصيد بمسدس الماء وركوب الموج والتصوير تحت الماء وسباحة الزعانف.
بداية الطريق
لم يقف طموح رامي مقداد الذي يحترف الغوص والصيد بمسدس الماء على هوايته المفضلة على نفسه، فسعى لنشرها بين هواة البحر في جميع محافظات قطاع غزة، هذا الطموح دفع رامي وعددا من أصدقائه إلى تأسيس مجموعة على موقع التواصل "الفيس بوك" لهواة الغوص والصيد، لتلاقي إقبالاً واسعاً من الهواة.
صحيفة الرسالة استضافت الخميس الماضي الغواصين رامي مقداد وماهر أبو مرزوق وابراهيم بصل الذين أطلقوا نواة "أكاديمية احتراف السباحة والغوص والحر"، يقول رامي "انتشرت المجموعة التي أسسها لهواة الصيد بصورة كبيرة بين مستخدمي موقع الفيس بوك، ما أتاح لنا التعرف على عدد كبير من محترفي الغوص والرياضات البحرية المختلفة، لنتفق بعدها على عقد اجتماع داخل ميناء غزة لنستعرض قدراتنا وإمكاناتنا.
ويضيف الغواص مقداد "بعد عدة اجتماعات طرحنا خلالها عدة أفكار مختلفة استطعنا تشكيل فريق مميز من المدربين، لنبدأ بتأسيس أكاديمية لاحتراف السباحة والغوص الحر تضم معظم المحترفين بقطاع غزة".
الصيد بمسدس الماء
يعد الصيد بمسدس الماء من أصعب الرياضات البحرية حيث تعتمد على الغوص والوصول إلى الصخور العميقة، وطول النفس تحت الماء، وتحتاج لتركيز عالٍ، لذلك تعد من أقل رياضات السباحة انتشاراً في قطاع غزة، إلا أنها صديقة للبحر وتحافظ على الثروة السمكية، نظراً لأن من يمارسها لا يصطاد إلا الأسماك الكبيرة.
وبالعودة إلى مقداد وزملائه فقد استطاعوا خلال الفترة الماضية تدريب ما يزيد عن 500 غواص على الصيد بمسدس الماء، وتشكيل مجموعات من جميع محافظات قطاع غزة، لينظموا بعدها عدد من الرحلات البحرية على عدة مناطق صخرية في بحر غزة.
وقد أكد مقداد أن هذه الهواية يمكنها أن تحقق الاكتفاء الذاتي فهو لم يشتر السمك منذ عشرة أعوام كما يؤكد انها تشكل له مصدر رزق لكنه عمل مرهون بتقلبات المناخ وهدوء البحر.
ويطمح الناشطون في أن تقفز أحلامهم من أكاديمية تدريب السباحة والغوص، إلى تأسيس الاتحاد الفلسطيني للرياضات البحرية.
ويوضح ماهر أبو مرزوق الحاصل على المركز الثالث في مسابقة مهارات الغوص الدولي عام 1996م، وهو اول فلسطيني يحصد لقبا دوليا، أنهم أرسلوا للجهات المختصة في حكومة رام الله وقطاع غزة طلباً لتأسيس "الاتحاد الفلسطيني للرياضات البحرية، وهم الآن ينتظرون الرد، ليبدأوا رسمياً بتدريب الكوادر الموجودة وتوظيفها للمشاركة في المسابقات العربية والعالمية في السباحة والغوص.
تحديات وعقبات
ترتطم أحلام غواصي الأكاديمية، بحائط الحصار الإسرائيلي المفروض على غزة منذ عقد من الزمن، حيث يمنع الاحتلال دخول معدات السباحة والغوص إلى القطاع، ليتركوا فريسة للتجار.
يقارن أبو مرزوق "للرسالة" بين أسعار المعدات قبل وبعد الحصار، فقد كان ثمن مسدس الماء قبل الحصار 200 شيكل، والآن يفوق ال 1500 شيكل إن وجد، وثمن بدلة الغوص كان 300 شيكل والآن يزيد عن ال 2000 شيكل لو توافرت وقس على ذلك باقي المعدات من زعانف ونظارة ماء وغيرها.
ويخشى أبو مرزوق ورفاقه اندثار رياضتهم، نتيجة عدم دخول الأدوات والمعدات للقطاع، مبينا أنهم يجمعون اشتراكات بسيطة من الأعضاء، لشراء الأدوات والمعدات المتوافرة والاحتفاظ بها.