يبدو أن حكومة رام الله استبقت عقد اجتماع الفصائل الفلسطينية في شهر شباط المقبل بالتلميح إلى ضرورة إجراء انتخابات الهيئات المحلية واستعدادها لتقديم كل الدعم والتسهيلات للجنة الانتخابات المركزية لإجرائها في القريب العاجل، في خطوة تثير الشكوك بالوقت الحالي في ظل الاجماع الفصائلي على ضرورة إجراء انتخابات رئاسية وتشريعية ومحلية عامة.
ومن المهم ذكره أن هذا التلميح يأتي بعد إصدار رئيس السلطة محمود عباس مشروع قرار بقانون لإنشاء محكمة قضايا الانتخابات المختصة، والتي تختص بالنظر بكافة الطعون والجرائم والمسائل القانونية التي تتعلق بانتخابات الهيئات المحلية، ومصادقة الحكومة عليه.
ويخالف قانون عباس الأخير قانون انتخابات مجالس الهيئات المحلية رقم (10) لعام (2005) الذي ينص على أن الجهة المختصة بالبت في قضايا الانتخابات المحلية هي محكمة البداية، فيما ذهب عباس لإقراره وفق مقاييسه الخاصة، بعد إسقاط محكمة البداية سبع قوائم لحركة "فتح" قبل إصدار المحكمة الدستورية قرار تأجيلها.
ومن الواضح أن تلك التلميحات جاءت بإيعاز من عباس للهروب من اتفاق الفصائل في موسكو حول تشكيل حكومة وحدة وطنية، وما أجمعت عليه أيضا في بيروت بضرورة إعادة تشكيل مجلس وطني جديد.
يشار إلى أن مجلس وزراء حكومة رام الله جدد خلال جلسته الأسبوعية، التأكيد على إجراء انتخابات الهيئات المحلية، واستعداد الحكومة لتقديم كل الدعم والتسهيلات للجنة الانتخابات المركزية لإجرائها.
صيغة جديدة
ولا يستبعد الكاتب والمحلل السياسي د. فايز أبو شمالة، أن تحدد الحكومة في الأيام المقبلة موعد لإجراء الانتخابات المحلية عبر صيغة جديدة تضمن لحركة فتح الفوز فيها.
ويرجح أبو شمالة في حديثه لـ"الرسالة نت" أن تعتمد الحكومة مقترح وزير الحكم المحلي حسين الأعرج في الانتخابات المحلية المقبلة والذي ينُص على إقامتها وفق الطريقة الأوروبية القائمة على أساس انتخاب فرد واحد من كل قائمة وهو ما يضمن لـ"فتح" الفوز فيها بعد سقوط قوائمها في المرة الأخيرة.
وتوقع أن ترفض حركة حماس إجراء أي انتخابات للهيئات المحلية في الفترة المقبلة، لاسيما بعد إقرار الرئيس عباس قانونا خاصا بالانتخابات وإمكانية التلاعب والالتفاف عليها وهو ما رفضته الحركة في الوقت السابق.
ولفت أبو شمالة إلى أن "حماس" وافقت على إجراء الانتخابات في المرة السابقة رغم إدراكها بأنها لعبة من عباس ومطلب أوروبي من الجهات الغربية لإبقاء دعمها للسلطة؛ ولكيلا تبقى في محل اتهام بأنها تُعطل العملية الديمقراطية.
مقاسات عباس
ويرى أستاذ العلوم السياسية بجامعة النجاح الوطنية والقدس البروفسور عبد الستار قاسم أن تلك التلميحات تأتي بعد تفصيل الرئيس أبو مازن قانونا للانتخابات على مقاسه الخاص ووفق أهوائه للتلاعب في نتائجها.
وأوضح قاسم في حديثه لـ"الرسالة" أن حركة فتح تتعمد المماطلة في إجراء الانتخابات؛ خشية من خسارتها في ظل تشتت الحركة ومرورها بأوضاع سيئة وخلافات حادة، مردفا "لو كانوا واثقين من الفوز في الانتخابات المحلية لأجروها منذ زمن طويل".
وعلى خلاف سابقه توقع قاسم أن توافق حركة حماس على المشاركة في الانتخابات المحلية المقبلة، حتى لا تتهم أنها تهرب من إجرائها، مرجحا في الوقت ذاته فوزها في ظل ما تمر به "فتح" من انقسامات.
وفي نهاية المطاف يمكن القول إن الإعلان عن موعد لإجراء الانتخابات المحلية لن يخرج حركة "فتح" من أزماتها الراهنة، أو ينقذها من دفع استحقاقاتها تجاه المصالحة أو عقد "الوطني".