تتحرك قوى وهيئات شعبية وفلسطينية، لاستنهاض دور فلسطينيي الخارج، من خلال عقد مؤتمرات شعبية، تجدد الأدوار والمسؤوليات نحو القضية الفلسطينية، في ظل المخاطر المحدقة فيها.
تكشف صحيفة "الرسالة" في هذا التقرير عن جوانب من هذا الحراك التي تقوم عليه جهات فلسطينية في الخارج، تزامنا مع مؤتمرات تسعى لعقدها أطراف إقليمية حول القضية الفلسطينية، ودعم الانتفاضة الفلسطينية.
وكشف علي هويدي الباحث في شؤون اللاجئين الفلسطينيين، عن وجود مؤتمر شعبي للاجئين الفلسطينيين، سيعقد في الخامس والعشرين من شباط المقبل، بمشاركة حوالي 3 آلاف شخص.
وقال هويدي المنسق الإقليمي لمركز العودة الفلسطيني، في اتصال هاتفي مع "الرسالة"، إن المؤتمر سيستقطب عددًا كبيرا من الرموز الفكرية والثقافية، وسيجمع مختلف الأفكار والتوجهات السياسية على شتى اختلافاتها؛ لمناقشة قضية اللاجئين والمخاطر المحدقة في القضية الفلسطينية. وأوضح أن المؤتمر سيجمع الفلسطينيين في الدول التي تعمل فيها الأونروا والعواصم الأخرى.
وبيّن أن المؤتمر سيعقد في الخامس والعشرين من شهر فبراير المقبل، في مدينة إسطنبول التركية، وسيستمر لمدة يومين.
ويتزامن المؤتمر مع توجه إيران لاستضافة مؤتمر داعم للانتفاضة الفلسطينية، بمشاركة دولية واسعة، في العاصمة طهران، في العشرين من فبراير المقبل.
وأكدّ خالد القدومي ممثل حماس في طهران لـ "الرسالة"، أن المؤتمر ستشارك فيه النخب السياسية والفكرية العربية، في ظل تصاعد الانتهاكات الإسرائيلية بحق الفلسطينيين.
من جهته، كشف خالد عبد المجيد الأمين العام لجبهة النضال الشعبي، عن تشكيل لجان تحضيرية، من أجل عقد مؤتمر شعبي فلسطيني في العاصمة اللبنانية بيروت، ردًا على ما أسماه بمحاولة تضييع القضية الفلسطينية وسياسة التفرد التي ينتهجها رئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس.
وقال عبد المجيد في اتصال هاتفي مع "الرسالة": "إن الـلجان شكلت في أكثر من ساحة يتواجد فيها اللاجئون الفلسطينيون، وذلك من أجل تحديد الخطوات العملية لعقد المؤتمر الشعبي للفلسطينيين في الداخل والخارج"، مشيرا الى ان توقيت المؤتمر مرهون بانتهاء التحضيرات.
وأوضح أن المؤتمر سيناقش المخاطر المحدقة في القضية الفلسطينية، وسيبحث سبل مواجهتها، خاصة في ظل محاولات فرض قيادة فلسطينية بديلة تقدم القضية على طبق من ذهب للاحتلال، كما قال.
وأشار إلى أن المؤتمر يأتي في وقت فشلت فيه كل محاولات المصالحة، وإصرار الرئيس الفلسطيني أبو مازن على سياسته الاقصائية للفصائل الفلسطينية، ورفضه الشراكة معهم.
واستنادًا لتقديرات الجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني، فقد بلغ مجموع الشعب الفلسطيني في العالم (في الداخل والخارج) نحو 12 مليوناً و700 ألف فلسطيني، وذلك في نهاية سنة 2016 (مطلع سنة 2017)؛ يعيش نحو ستة ملايين و290 ألفاً منهم خارج فلسطين، أي نحو نصف الشعب الفلسطيني (49.5% تحديداً). ويعيش نحو خمسة ملايين و590 ألفاً منهم في البلاد العربية (نحو 89%).
ويعيش ومعظم هؤلاء في دول "الطوق"، المحيطة بفلسطين، وخصوصاً في الأردن (نحو أربعة ملايين يحمل معظمهم الجنسية الأردنية)، بينما يبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المسجلين لدى الأونروا في سوريا أكثر من 600 ألف وفي لبنان أكثر من 500 ألف.
وتسببت المعاناة الهائلة التي يتعرض لها الفلسطينيون بسوريا في السنوات القليلة الماضية في تهجير أكثر من 120 ألفاً إلى خارج سوريا، بينما اضطر نحو 280 ألفاً للنزوح داخلها. أما في لبنان فإن العدد الحقيقي للفلسطينيين المقيمين لا يتجاوز 300 ألف، حيث اضطر الكثيرون للهجرة مع احتفاظهم بهوياتهم وسجلاتهم لدى الأونروا.
وعلى أي حال، فبعد نحو سبعين عاماً من كارثة 1948، لا يزال أكثر من ثلاثة أرباع فلسطينيي الخارج يعيشون في دول الطوق، قريباً من الحدود مع فلسطين.
وفي السنوات العشرين الماضية، ومع تصاعد مخاطر تضييع حقوق اللاجئين الفلسطينيين إثر عقد اتفاق أوسلو؛ أخذت تتشكل وتنشط في الخارج جمعيات ومؤسسات وهيئات شعبية للدفاع عن حق العودة، وتنشر الوعي والثقافة حول هذا الحق، وسط غياب لافتٍ من منظمة التحرير ومؤسساتها.
وقد مثّل مؤتمرُ فلسطينيي أوروبا (الذي سيعقد دورته السنوية السادسة عشرة هذا العام) أحدَ مظاهر النجاح في حركة العودة، حيث يجتمع في هذا المؤتمر نحو 15 ألف فلسطيني؛ مما يجعله أحد أكبر التجمعات الشعبية الفلسطينية في العالم.
وإلى جانب هذا المؤتمر، هناك مؤسسات عديدة ناشطة مثل مركز العودة الفلسطيني، والائتلاف الفلسطيني العالمي لحق العودة، ومجموعة "عائدون"، وتجمع الشتات الفلسطيني في أوروبا وغيرها.
وفي مجال الحراك لتفعيل دور فلسطينيي الخارج، عُقد خلال السنوات الماضية عدد من الفعاليات نجحت في جذب اهتمام الكثير من الرموز والقوى الوطنية؛ مثل "اللقاء التشاوري الفلسطيني من أجل حق العودة وإعادة بناء منظمة التحرير الفلسطينية"، الذي عُقد ببيروت في 12-13 مايو 2007؛ و"الملتقى العربي الدولي لحق العودة" بدمشق في 23-24 نوفمبر 2008 بمشاركة نحو خمسة آلاف شخصية من 54 بلداً.
ويؤكد محسن صالح رئيس مركز الزيتونة للدراسات الاستراتيجية في بيروت، أن هذه المؤتمرات مثَّلت حشداً آنياً مؤقتاً لم يتحول إلى برنامج عمل مستمر، ولا تمكَّن من إطلاق ممنهج لطاقات وإمكانات فلسطينيي الخارج.
واشتكت العديد من المؤسسات الحقوقية والشعبية الفاعلة في الخارج، من الدور السلبي الذي تمارسه سفارات السلطة في الدول الغربية تحديداً، من أجل إفشال هذه المؤتمرات وإعاقة إمكانية تنفيذها.