قائمة الموقع

أطفال التوحد .. صرخة أمل في مواجهة مخاطر الحياة

2010-06-19T12:41:00+03:00
عملية تأزر لفظي بين الاستاذ واحدي الطالبات

أخصائي تأهيل:نعمل على دمجهم في المجتمع بالأنشطة الترفيهية

طبيب: المصابون يتمتعون بالعبقرية رغم تخلف أغلبهم العقلي

أخصائية اجتماعية: البيئة المحيطة بالطفل تعكس مدى تحسنه

الرسالة نت - مها شهوان

شرعت جمعية الحق في الحياة بفتح أبوابها آذنة دخول "الرسالة" التى سارت وسط حديقة خضراء تسر الناظرين، حيث يجلس على جنبتها بعض مصابي متلازمة الداون ، وأثناء سيرها بين ممرات الجمعية استوقفها صوت الموسيقى العالي، فتتبعت مصدر الصوت إلى أن اصطدمت بمبني "التوحد" ودخلت اليه فوجدت أطفالاً يتمايلون وهم يقتربون من جهاز الكمبيوتر الذي يسمعون عبره أغاني الأطفال ،وحينما أطفأ مشرفهم الموسيقى ليرحب بنا، عندها بدأ الأطفال بالصراخ والهجوم على الموجودين ومنهم من بدأ يعض بنفسه ويرتمي أرضا اعتراضا على إيقاف الموسيقى .

رضخ المشرف لطلبهم و أعاد تشغيلها حتى عادوا ليندمجوا مجددا وكأن شيئا لم يكن لمعاناتهم "اضطراب التوحد" بحسب وصف مشرفهم .

وبعد مشاهدتها لتلك الحالات عن كثب آثرت" الرسالة نت" التعرف "اضطراب التوحد" وأسبابه ، ،وطرق علاجه ،بالإضافة إلى كيفية تعامل ذويهم معهم ،إلى جانب معرفة مدى اهتمام ورعاية المؤسسات المختصة بهم.

اضطراب التوحد

وفي أحد صفوف قسم التوحد تجلس الطفلة أمل ابنة التسعة أعوام نحيلة الجسد بيضاء البشرة ذهبية الشعر بين ثلاثة من رفيقاتها اللواتي يعانين نفس المرض الذي يجعلهن في عزلة اجتماعية عن العالم الخارجى، تلك الطفلة حكايتها  لا تحاكي أحد من زملائها بالمركز، لاسيما وأن والدها  ينبذها ولا يعترف بها فهو ينعتها دائما بالمعاقة.

وأثناء تواجد "الرسالة نت" في قسم التوحد جاءت والدة أمل للسؤال عنها وكان باديا عليها مدى اهتمامها ورعايتها لابنتها ، اقتربت منها "الرسالة فروت قصة ابنتها ، وفي بداية حديثها صمتت الأم قليلا ومن ثم تنهدت تنهيدة عرت مشاعر الحزن والأسى التي تعتريها بسبب معاناة ابنتها ثم قالت:" لم أكن أعلم أن ابنتي مصابة باضطراب التوحد ،فمنذ صغرها وهي كثيرة الحركة لدرجة أن الجميع كان ينزعج منها ولا يرغب بوجودها"،مضيفة:حينما أصبح عمرها الأربع سنوات أرسلتها للروضة كباقي قريناتها وفي اليوم الأول استقبلوها لكن صبيحة اليوم الثاني اتصلوا بي ليخبروني بعدم وجود مكان لابنتي عندهم بسبب حركتها الزائدة لدرجة أنني ذهبت بها لأكثر من روضة إلا أنهم كانوا يطردونها في نهاية الأمر.

والدة أمل والتي توقفت عن الحديث لبرهة من الزمن ربما لأنها شعرت بغصة في حلقها وهي تسرد معاناة ابنتها مع والدها وإخوتها وبعض المحيطون بها، استكملت حديثها بعدما عدلت من جلستها قائلة:" قبل أن آتي بابنتي للجمعية عرضتها على كثير من الأطباء لكن دون جدوى ،لكن أحدهم نصحني بإحضارها إلى جمعية الحق في الحياة وحينما جئت بها تم تشخيص حالتها وتبين أن لديها اضطراب التوحد"،موضحة أن والدها يرفض التحاقها بالجمعية لدرجة أنه يضربها ويعذبها كثيرا مما دفع إخوتها الصغار لكرهها ونبذها .

وتضيف : بعدما التحقت ابنتي بالجمعية تحسنت كثيرا فقد خففت من عنادها وحركتها الزائدة ،مشيرة إلى أنها قبل التحاقها بالجمعية كسرت يد أختها الكبرى.

يذكر أن الفصل الذي ترقد فيه أمل مع ثلاثة من قريناتها يمثلن الدرجة البسيطة من اضطراب التوحد ،فهن يستطعن الحديث وكتابة بعض الكلمات والاستجابة لمعلمتهن التي تشرف عليهن، وفي المقابل لفصلهن يجلس خمسة طلاب آخرين من الدرجة الشديدة يحاول مشرفهم التواصل معهم واللعب ببعض الألعاب البسيطة كالمكعبات وتشغيل الموسيقى لهم، لاسيما وأن مصابي "اضطراب التوحد" يحبون سماع الموسيقى.

زيادة كهرباء

وأثناء تجوالها بالجمعية التقت "الرسالة نت" علاء حبيب أخصائي التأهيل بها  ليتحدث عن كيفية تعامله مع أطفال التوحد فقال : طفل التوحد حينما يأتي الينا  يكون فاقد للعلاقة الاجتماعية لدرجة أنه لا يستطيع التواصل مع أهله،مبينا أن الجمعية تعمل على دمج الطفل داخل المجتمع من خلال بعض الأنشطة والألعاب المختلفة، ومن ثم يوضع في الساحة المقابلة للفصول لينظر إليها ويعتاد عليها"،مضيفا أنه في حال دخل الطفل الفصل يتم وضعه في دائرة المشرف ومرضى التوحد".

وأكد أن صفات التوحد فردية وليست جماعية ،مشيرا إلى أن لغة مرضى التوحد لا يفهمها  سوى المشرفين عليهم وذلك لقربهم وترابطهم معهم .

وحول المهارات التي يكتسبها طفل التوحد داخل الجمعية أشار حبيب إلى أن لديهم حصص الرياضة والرسم لتعليمهم بعض الأشكال والألوان ،لافتا إلى أنهم يتعلمون كيفية الجلوس على الكرسي  لعجز بعضهم عن الجلوس بسبب حركته الزائدة لزيادة الكهرباء في جسمه.

وأوضح أن الطفل في بداية الأمر لا يتقبل عملية التغيير لكنه بعد فترة يتجاوز تلك المرحلة عبر حصة المكتبة والألعاب الترفيهية التي تحببه في كل شيء جديد وتجعله يصل إلى مرحلة التفكير من خلال عرض القصص بالصور الملونة والجذابة.

وبحسب المشرفين على حالات أطفال التوحد فإن نمو أولئك المرضى طبيعي كالأشخاص العاديين ، ولكن هناك بعضا منهم لا يتناسب نموهم مع حجم أجسادهم وأعمارهم.

قاطعنا الحديث الطفل أحمد - 12 عاما- حينما وضع رجله تحت الكرسي وحدق ببصره لأعلى، حينها نادى عليه المشرف لكنه لم يكترث لندائه إلى أن توجه إليه مشرفه وجلس مقابله وبدأ ينظر إليه مسميا ذلك "بالتآزر اللفظي" إليه ومن ثم استجاب أحمد لمشرفه وعدل من جلسته بعدما شعر بأنه ارتكب شيئا خطأ.

وواصل المشرف حبيب حديثه : أطفال التوحد لاسيما الحالات الشديدة منهم يعبرون عن سعادتهم بضرب من يقع أمامهم أو يعضوا أنفسهم "،مشيرا إلى أنه يتم تعليمهم معنى الخوف والسعادة والفرح والالتزام لكن ليس كالإنسان الطبيعي.

لاحظت "الرسالة نت" أثناء تواجدها بين أطفال التوحد عدم الحديث فيما بينهم، وفي ذات الوقت كان البعض منهم يصدر أصواتا غير مفهومة، ولكن مشرفهم كان يفهم ما يريدونه ، وحول ذلك بين حبيب أن هؤلاء الأطفال لديهم مزاج في الحديث لدرجة أنهم في بعض الأحيان يمتنعون عنه أيضا .

وأثناء حديث الأخصائي حضر الأخ الأكبر لإحدى الفتيات المتواجدات والتي تدعى إيمان- 17 عاما - ، فقد كانت في تلك اللحظة محدقة بإحدى اللوحات الزيتية المعلقة على الحائط دون أن تشعر بوجود أحد ، وحينما اقترب منها أخيها بدأت تنتفض وتحاول الصراخ إلى أن ارتمت أرضا في محاولة منها للامتناع عن الذهاب معه إلى البيت.

في تلك اللحظة اقترب منها مشرفها وبدا ينظر إليها وكأنه يقنعها بالذهاب إلى أن استجابة لطلبه ،بدورها تحدثت "الرسالة" مع أخيها ليروي جزءا من تفاصيل حياة أخته في البيت فقال:" نحاول قدر المستطاع إرضاءها ،لكنها تبقى طيلة الوقت تصرخ وتكسر كل ما حولها"، معرباً عن أسفه للحال الذي وصلت إليه نفسية عائلته بسبب أخته التي عكرت صفوهم.

أحد العاملين في الجمعية أفاد "للرسالة نت" بأن تلك الفتاة عرض ذويها عليهم أن تبقى في الجمعية لافتعالها العديد من المشاكل في بيتهم ،لدرجة أنها تلقي بأختها المقعدة أرضا وفي بعض الأحيان تقوم بضرب والدتها.

المشكلات الحسية

وللتعرف على طبيعة مرض التوحد توجهت "الرسالة" إلى مكتب الطبيب كمال الجعيثني حيث ذكر أن التوحد عبارة عن اضطراب عصبي تطوري ينتج عن خلل في وظائف الدماغ ،موضحا أنه يظهر كإعاقة تطورية أو نمائية عند الطفل خلال السنوات الثلاث الأولى من عمره.

وعما يميز هؤلاء الأطفال عن الأشخاص العاديين أكد الجعيثني أنه ليس لديهم المقدرة على التواصل اللفظي أو الحركي ،ولديهم حركة معينة كهز الرأس بصورة متكررة دون ملل ،بالإضافة لعدم مقدرتهم على التواصل الاجتماعي،لافتا إلى أنهم يتصرفون كالصم وفي بعض الأحيان يضحكون ويقهقهون دون مناسبة .

ونوه  إلى أنهم لا يحبون العناق وأسلوبهم متحفظ وفاتر المشاعر ،موضحا أنهم مفرطون في الحركة ويطيلون البقاء باللعب الانفرادي،بالإضافة إلى وجود بعضا منهم قليلين الحركة وذلك حسب نسبة الكهرباء فكلما زادت كانوا مفرطين في الحركة والعكس.

وعن أعراض التوحد قال الجعيثني:" مصابو اضطراب التوحد لديهم حساسية من المادة الموجودة في الدقيق الأبيض ومشتقاته، كذلك لمادة الكازين المتواجدة في الحليب والشوكولاته  " لأنه ينتج عن تحلل الكازين والجلوتين المواد المورفينية والهيروينية التي تؤثر على دماغ وسلوكيات الطفل.

وأضاف:"ومع مقارنة أعراض مدمني المخدرات وأطفال التوحد نجد أن الأعراض مشتركة كالحركة الزائدة أو قلتها وعدم التركيز والخمول والسلوكيات الغريبة وذلك بسبب قلة أو زيادة الكهرباء لديهم"،مشيرا إلى أن لديهم بعض المشكلات الحسية كالاستجابة غير المعتادة للأحاسيس الجسدية، مثل أن يكون حساساً أكثر من المعتاد للمس، أو أقل حساسية من المعتاد للألم، أو النظر، أو السمع، أو الشم.

الفلق الصدغي

بعض العلماء أرجعوا سبب هذا  الاضطراب إلى البيئة الخارجية والعوامل الوراثية ،إلا أن الجعيثني نفى ذلك وقال:"بعض النظريات فرضت أن من أسباب اضطراب التوحد التهابات الحمل أو التهاب السحايا لكن تلك الفرضيات ألغيت لعدم صحتها"،لافتا إلى أن الخلل لدى مرضى التوحد يكون في الفلق الصدغي للمخ المسئول عن السلوكيات.

وبين أن ردة الفعل تكون لدى مصابي التوحد تكون إما قوية أو يقابلون الحدث باللامبالاة، موضحا أن 30 % منهم لديه عبقرية وذكاء في مجال معين ، لكن في المقابل هناك نسبة كبيرة منهم يعانون من تخلف عقلي في ذات الوقت.

وروى الطبيب حكاية لطفل عمره ثلاث سنوات يعاني من هذه الإصابة يستطيع التحكم بالهاتف الخلوي إلى جانب عبقريته في حساب الأرقام،بالرغم من وحدته وعزلته الاجتماعية عن الآخرين.

وبحسب الجعيثني فإن طفل التوحد قبل تشخيص حالته يخضع ذويه إلى اختبار مكون من  25 سؤال للاستفسار عن وضع أبنائهم وبناءا عليه تحدد حالة الطفل، ومنها مدى استجابة طفل التوحد لاسمه حين المناداة عليه، وحبه للعناق والجلوس في الحضن ،ومدى معرفة ميله للعزلة والوحدة وفهمه لما يقوله الآخرون وتجاوبه معهم.

وعن طرق علاج اضطراب التوحد قال :" التدخل المبكر لتحسين مستوى التحصيل اللفظي والكلامي بواسطة برامج خاصة من قبل أخصائيين كبرامج السمع والنطق وذلك لإيصالهم لأدنى مستوى طبيعي للحياة، بالإضافة إلى علاج السلوك السلبي والنمطي بواسطة التدريب بوسائل تحسين السلوك لمستوى مقبول"،منوها إلى أن الطفل يخضع أيضا للمعالجة الطبية لإزالة المعادن الثقيلة من جسم الطفل التوحدي في حال كانت نسبتها في دمه مرتفعة ويتم ذلك على أيدي أطباء متخصصين يقرروا إذا كان الطفل بحاجة لهذه المعالجة.

الدروس اللامنهجية

بدورها، تشير سماح عبد الهادي الأخصائية الاجتماعية والمسئولة في قسم التوحد إلى أنه يتم قبول طفل التوحد بناءا على تقرير الطبيب الذي يشخص حالته ومن ثم يخضع إلى الاختبار التشخيصي وهو الحد الفاصل لقبوله،موضحة أن جمعيتها تخدم كافة الحالات بغض النظر عن وضعها الاقتصادي.

وذكرت بأن الجمعية بدأت باحتواء سبعة أطفال منذ نشأتها إلى أن وصل أعداهم لـ70 حالة بعد ثلاث سنوات من افتتاح القسم ،وعشرون آخرون لازالوا ينتظرون العام القادم للالتحاق بالجمعية .

وأشارت عبد الهادي إلى أن التدخل المبكر في معالجة تلك الحالات يخفف من تدهورها ويساعد على تخفيف المعاناة لذوي الأطفال.

وعن مدى متابعة الأهالي لأبنائهم قالت:"البعض من الأهالي يرفضون وجود طفل التوحد بينهم باعتباره عبء عليهم ،وفي كثير من الأحيان يأتي ذويهم مطالبين ببقاء طفله طيلة اليوم في الجمعية  وعدم عودتهم للبيت "، لافتاً إلى أن بعض أهالي يقومون بمتابعة أبنائهم من خلال التواصل مع المشرفين وتبادل المعلومات لتحسين حالة الطفل.

وحول الخدمات التي تقدمها جمعية الحق في الحياة لمرضى التوحد ذكرت الأخصائية الإجتماعية أنهم يعملون على تعليم الأطفال كيفية الاندماج في المجتمع ،موضحة أن عدد كبير من الأطفال تحسنت حالاتهم من خلال عقد جلسات معينة لتهدئة حركاتهم للسيطرة على أنفسهم ،لاسيما من كان لديه حركة زائدة نتيجة زيادة الكهرباء في جسمه  .

وبينت أنه يتم محاولة خلق التواصل البصري بين المشرفين والأطفال من خلال جلسات إرشادية وتوجيهية تستخدم فيها الألعاب حيث يكون لكل لعبة هدف،معتبرة أن الدروس اللامنهجية خلقت لأطفال التوحد نوع من التركيز.

وأوضحت عبد الهادي، أن الجمعية تعقد اجتماعات دورية وزيارات ميدانية وورشات عمل لذوي أطفال التوحد لكيفية التعامل معهم ،لافتة إلى أنه في بعض الأحيان يتم أخذ الألعاب لبيوت أهالي الأطفال لتعليمهم كيفية استخدامها مع أطفالهم والتعامل معهم أثناء الإجازات،مؤكدة أن البيئة المحيطة بالطفل تعكس مدى تحسنه وذلك ما اكتشفوه أثناء زياراتهم الميدانية.

حجم الدماغ

وروت الأخصائية عبد الهادي حكاية لأحد الطلبة الذين يدرسون في المدارس الحكومية حيث قالت:"الطفل عبد الله يبلغ من العمر 15 عاما و يبرع في تصنيف "الكاسيتات" رغم إصابته باضطراب التوحد "،مبينة أن مستواه الدراسي متوسط ولديه صديق واحد وعلاقته به فاترة وقليلا ما يتحدث إليه .

وتابعت وهي تقلب في أحد الملفات الخاصة بأطفال التوحد :"حينما تابعنا حالته وجدنا أن أسرته توفر له كل شيء في غرفته مما ساعد في عدم خروجه من الغرفة وعزلته الاجتماعية ومنعه بالاحتكاك مع الآخرين ".

ولفتت عبد الهادي إلى وجود تكرار الإخوة في برنامج التوحد حيث يوجد ما يقارب الخمسة نماذج لإخوة يعانين من الاضطراب ، منوهة إلى أن ذلك يؤثر على ذويهم من الناحية النفسية والاجتماعية وكذلك المادية وذلك لأنهم بحاجة إلى غذاء معين وأدوية تقلل من حركتهم المفرطة .

ومن ضمن الحالات الموجودة في الجمعية حكاية سمر ومصطفى الشقيقين والوحيدين لأبويهما اللذين انفصلا بعدما أصيبت الزوجة بصدمة نفسية حينما علمت بمرض أبنائها مما جعلها تعتقد بأنها لن تنجب أبناء أسوياء.

وحينما طلقت أم مصطفى بقي أبناءها قابعين خلف جدران البيت لا يراهم أحد بسبب رفض والدهم خروجهم خشية أن يراهم الناس لاسيما وأن حركتهم مفرطة، إلا أن الأخير استسلم في نهاية الأمر وقرر إحضارهما إلى الجمعية فقد كانوا في السابق لا يعرفون أسمائهم ولا يتكلمون فكل ما يصدر منهم سوى أصوات وصراخ عالي لكن بعد ثلاثة شهور من التحاقهم بالجمعية تحسنت أوضاعهم وذلك بحسب قول والدهم.

ومن أبرز الصعوبات التي تواجهها الجمعية مع ذوي الأطفال قالت الأخصائية عبد الهادي:" إصابة الأهالي بنوع من الصدمة والحزن الشديد حينما يعلمون واقع أبنائهم ، بالإضافة إلى استباق الأحداث وعدم تصديقهم بأن أبنائهم لن يشفون".

ومن بين تلك النماذج حال السيدة أمال عبد القادر وهي سورية الأصل ولديها طفلة عمرها تسعة سنوات تعاني من كبر في حجم الدماغ ،بالإضافة إلى المشاكل الصحية واضطراب التوحد"،تلك الأم حينما علمت بوضع ابنتها الصحي توقفت عن الإنجاب خشية أن تنجب أطفال آخرين كأختهم ، مع أنها في الوقت ذاته تعطي ابنتها جهدا كبيرا وتحاول إقناع نفسها بأن حالة ابنتها الصحية في تحسن مستمر مما أثر على وضعها النفسي،لاسيما بعد انفصالها عن زوجها وإنجابه أطفالا لا يرغبون بوجود أختهم بينهم .

"الرسالة نت" ودعت الأطفال وتمنت لهم الشفاء عقب إجرائها التحقيق ، إلا أن وداعهم لها كان له مذاقاً مختلفا فمنهم الذي بقي ينظر لتلك اللوحة الزيتية المعلقة على الحائط وآخر يضع رجله تحت الكرسي ضاغطا عليها دون أن يشعر بالألم ،وأخرى تصرخ دون معرفة السبب وآخرون يتمايلون على إيقاع الموسيقى ،فجميعهم لديه نظرة أمل نحو علاج يساعدهم على تخطي واقعهم المرير الذي يجعلهم فاقدي السيطرة على أنفسهم ولا يتقبلون أي شيء جديد.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00