خلُص تقرير مركز الدراسات الإقليمية – فلسطين، أن (إسرائيل) لا تملك الاعتبارات الاستراتيجية للدخول في حرب جديدة ضد غزة.
وبين تقدير الموقف الصادر عن المركز الثلاثاء، أن دوافع (إسرائيل) لشن الحرب خلال الفترة الحالية لا زالت "غير مكتملة في قضايا أساسية"، لعدم تمكنها من الإجابة على: "ما الهدف من الحرب، وماذا سنحقق منها؟".
وذكر أن فرص إقدام الاحتلال على حرب تتعزز في حال وصلت لهدف استراتيجي، مثل قائد كبير في المقاومة أو مكان سلاح يكسر المعادلة بشكل كبير، أو مكان الجنود الأسرى في غزة.
ولفت إلى أن وجود غادي أيزنكوت في رئاسة هيئة الأركان يمنع استخدام الجيش لأهداف حزبية لأعضاء الكابينت، وذلك لأنه معروف بأنه ذو مواقف متصلبة في مواجهة أعضاء الكابينت الذين سيحاولون استخدام الجيش بطريقة تخدم مصالحهم الحزبية.
ونوه التقرير إلى أن الاحتلال "ما لم يجد حلًا لمعضلة الأنفاق الاستراتيجية، سيتردد كثيرًا في دخول حرب جديدة؛ لأن ما كشفته التسريبات الأخيرة يعطي رأيًا عامًا إسرائيليًا ضاغطًا بإمكانية تحقيق فشل جديد في ظل غياب الهدف الاستراتيجي".
كما أشار إلى أن حماس لا ترغب في دخول حرب جديدة مع الاحتلال خلال الفترة الحالية، وعليها لن يجد الاحتلال مبررًا لشن أي هجوم قريب.
ولفت إلى أن المراهنة بأن "إسرائيل" قد تشن حربًا فجائية وغير متوقعة على غزة "تفضي للقضاء على الحركة وحكمها، فهي غير محله في ظل عدم توفر بديل مناسب لحماس أو إيجاد حل لمعضلة الأنفاق".
وعلل التقرير ذلك بأن أي حرب قد تبدأها "إسرائيل" دون تحقيق نصر فيها، تعني تحسين وضع حماس وتخفيف الحصار عنها وتقديم تنازلات لإنهاء الحرب، وهذا ما لا ترغب به خلال هذه المرحلة بشكل قاطع.
وألمح التقرير إلى أن حماس باتت "تملك معادلة الحرب" فأي عملية من طرفها قد تشعل الحرب لأن الاحتلال لن يستطيع امتصاصها نظرًا لوضعه السياسي الداخلي، بينما "استفزازات العدو يمكن للحركة امتصاصها ما لم تمس بالخطوط الحمراء".
وتطرق إلى أن الاستعدادات التي تجري على حدود غزة والمناورات الإسرائيلية المتواصلة تأتي في إطار التدريبات الاعتيادية وفق خطة جدعون التي أقرها أيزنكوت لرفع كفاءة الجيش وإبقائه على أهبة الاستعداد.
ولفت التقرير إلى أن الجيش الإسرائيلي لم يكمل تطبيق خطة جدعون في قضية إعادة هيكلته وبنائه وفق رؤية تواكب الواقع حيث وضع لهذه الخطة سقف حتى نهاية العام 2018.
وقال إن: "دولة الاحتلال تعيش حالة من الغليان السياسي الداخلي في ظل تسريب أجزاء من تقرير المراقب العام للدولة حول الفشل في الحرب الأخيرة على غزة عام 2014".
بالإضافة للكشف عن قضايا فساد ضد رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو ما يهدد بقاء الحكومة الإسرائيلية في حال الوصول لإنهاء نتنياهو سياسياً خلال الفترة المقبلة.
وكشف تقرير "مراقب الدولة" في الكيان الإسرائيلي بشأن إخفاقات الحرب الأخيرة على قطاع غزة صيف 2014 عن فشل القيادة الإسرائيلية في معالجة مشكلة الأنفاق، واتخاذ القرارات داخل "الكابينت" خلال الحرب.
ووصف التقرير، الذي سُلمت مسودته في نوفمبر 2016، بـ"القاسي جدًا" وبخاصة على إدارة نتنياهو للحرب، فيما صنف التقرير كـ"سري للغاية".
ولفت التقرير إلى أن "حالة الغليان وانتظار ما ستؤول إليه لجان التحقيق مع نتنياهو واتهامات الفشل في الحرب، يُرى منها أنها ستقلب معادلة الهدوء والاستقرار الذي تعيشه المنطقة بما يجر حربًا جديدة، إلا أن هذا الاعتقاد ربما يصطدم بكثير من العقبات الموضوعية".
وأشار إلى أن قيادة نتنياهو لحرب جديدة الفترة المقبلة، سيُفهم أنه تصدير لأزمة فساده وليس تصدير للأزمات الداخلية، وهذا التفسير يجعل المعادلة صعبة على نتنياهو فالحرب تعني تضحية بمستقبله وإثبات حقيقي لفساده أمام الجمهور الإسرائيلي.
وكشف التقرير أن "دوافع الاحتلال لشن حرب جديدة على قطاع غزة لازالت غير مكتملة في قضايا أساسية، أبرزها عدم وضوح أهداف الحرب وما يمكن تحقيقه، ومن ناحية سياسية يجب قبلها (الحرب) المرور بمرحلتين" وهما:
المرحلة الأولى: مرحلة الاعتبارات الاستراتيجية، فإقدام الاحتلال على دخول الحرب يحتاج لضمان الوفاء بعدة اعتبارات أبرزها (ما هو الهدف الرئيسي للحرب؟ وما يمكن أن نحقق من دخول هذه الحرب؟).
ولفت تقدير الموقف إلى أن هذا الاعتبار تعزز حاليًا بشكل كبير بعد ظهور تسريبات الكابينت عن الحرب الماضية بعدما أظهرت أن تلك الحرب لم يكن لها هدف واضح.
وقال: "بمعنى أكثر واقعية أن من يريد من قادة الاحتلال الدخول لحرب جديدة عليه أن يضع أهدافًا واضحة لتلك الحرب ويضع تصورات لما يمكن تحقيقه منها".
وفي هذا الإطار، لفت التقرير إلى أن نتنياهو لا يملك أي مُصوّغ جديد لشن حرب جديدة، بالإضافة إلى أن وزير الجيش أفيغدور ليبرمان ومعه نفتالي بينت لا يمكن أن يغامروا بهدف كالذي كانوا ينادوا به خلال الحرب الماضية المتمثل بالقضاء على سلطة حماس في غزة.
وأشار إلى أنهم "سيتحملون تبعات هذا الأمر من تكلفة باهظة خاصة مع عدم ضمان وجود بديل مناسب لحماس، وعدم ضمان أي فترة هدوء على جبهة غزة لسنوات طويلة بعد تلك المرحلة".
أما المرحلة الثانية من مراحل دخول الحرب: يجب توفر بيئة الحرب ومركباتها التي تساعد "إسرائيل" على تحقيق أهدافها، وهذه البيئة تتمثل بالواقع الإقليمي والدولي بالإضافة "للبيئة الداخلية للخصم".
وفي هذا الإطار، أوضح التقرير أن البيئة الدولية والإقليمية والفلسطينية الداخلية ربما تساعد "إسرائيل" على تحقيق أهدافها إلا أن هذه المرحلة مرتبطة بالمرحلة الأولى وتُعدّ مكملة لها وليس العامل الأساسي.
وأشار إلى أن النظام السياسي في "إسرائيل" نظام غير مستقر حاليًا، وعليه فالقادة السياسيين وأقطاب الحكومة يتمتعون بحذر في التعامل مع القضايا السياسية الحساسة وخاصة الحرب.
من ناحية أخرى، أوضح التقرير أن اليمين الإسرائيلي يعتبر معركته الآنية هي معركة الضفة الغربية المحتلة والسيطرة عليها، وعليه فإن الضغط الداخلي على الحكومة حول قضية غزة لن يكون كافيًا.