الرسالة نت - محمد أبو قمر
يبدو أن تقلبات العملة الصعبة تأثرت بحرارة الأجواء في غزة، عندما تساوى سعر الدولار في "البنك والسوق" وتحققت أماني عملاء البنوك بتوفر الدولار من خلال الصراف الآلي بعد طول غياب.
وتتعدد الأسباب الكامنة وراء توفر الدولار، لعل أبرزها قلة الطلب على العملة الصعبة مع تراجع تجارة الأنفاق ، فيما يقابلها تزايد في الطلب على الشيقل مع التحسن الذي طرأ على حركة المعابر التي يسيطر عليها الاحتلال، مما ينذر بتحول أزمة السيولة من دولار لشيقل.
تقلب العملات
ويتمكن عملاء البنوك هذه الأيام من استلام أموالهم بالدولار والدينار، بعد غياب لفترة طويلة.
وساد التذمر أوساط المتعاملين مع البنوك خلال الفترة الماضية لاسيما المودعين للدولار والدينار أو الذين يتلقون رواتبهم بذات العملات.
ووصل الفرق بين سعري البنك والسوق في كل من الدولار والدولار ما بين عشرة إلى خمسة عشر شيقلا خلال تلك الفترة، مما يزيد من خسارة المودع أو الموظف.
وتفاجأ المتابعون لأسعار العملات بتساوي سعري البنك والسوق خلال الأيام القليلة الماضية، وبقي الفارق بينهما ضئيل جدا هذه الأيام.
ويقول مصدر بنكي أن الشيقل بات هو "العزيز" بدلا من الدولار ، موضحا أن عملة الشيقل شحت من السوق بسبب خروجها من القطاع من خلال تسديد التجار لثمن البضائع التي تصل غزة من معابر الاحتلال بالعملة الإسرائيلية.
من الجدير بالذكر أن سلطات الاحتلال تمنع دخول العملات إلى القطاع إلا بكميات ضئيلة وبفترات متباعدة، في إطار الحصار المفروض على غزة ، مما تسبب بأزمة شح سيولة.
وبحسب المصدر الذي تحدث "للرسالة" فان العملات متقلبة كموج البحر ، حتى أن شح الشيقل دفع بحكومة الضفة دفع رواتب الموظفين على مرحلتين إحداها بالشيقل وأخرى بالدولار.
ويشير الى أن استهلاك الدولار خارج القطاع وتوريده للتجار المصريين خفت حدته عن السابق بعد التراجع الملحوظ في عمل الأنفاق، مما أبقى الدولار في غزة.
ولفت المصدر البنكي الى أن تساوي سعر العملات في البنك والسوق يعود الى توفر الدولار في السوق كان سببا في عدم رفع سعره كما كان في الماضي، لذلك بقي سعر السوق السوداء مقاربا لسعر البنك.
ويؤكد المصدر أنه لا يوجد شيء ثابت في أسعار العملات التي يحكمها قانون العرض والطلب.
عرض وطلب
ويتفق نعيم حرز الله مالك شركة صرافة مع المصدر البنكي الذي يعزو تساوي سعري البنك والسوق إلى قلة الطلب على الدولار في مؤخرا إذا ما قورن بالأشهر الماضية.
وأدى انخفاض الطلب على الدولار إلى بقاء سعره منخفضا في السوق، ويشير حرز الله إلى أن ذلك الاختلاف يعود لقانون العرض والطلب.
يذكر أن تحسنا طرأ على سعر العملة في البنك المركزي الإسرائيلي، لكن أزمة شح السيولة لا زالت قائمة في غزة المحاصرة.
وسهل التقارب في سعري السوق والبنك توفير البنوك متطلبات العملاء بالدولار.
ويشير حرز الله إلى وجود جزء من المدخولات على البنوك بالدولار احتفظت بها لفترة ما، وجاءت الفرصة لإخراجها مع تقارب سعري البنك والسوق.
ويؤكد الدكتور معين رجب أستاذ الاقتصاد بجامعة الأزهر أن السنوات التي سبقت الحصار وكانت تتوفر فيها جميع العملات، لم يكن هناك فرق في سعر البنك والسوق، لكن عندما حصل عجز بالسيولة ظهر الفرق واضحا.
ومع بدء توفر العملات وتعافي أزمة السيولة بدأ الفرق ينحصر بين سعر البنك والسوق.
ويشير رجب إلى أن السعر يحكمه العرض والطلب الذي بدوره يزيد بين فروق الأسعار أو يقارب بينها.
وحول إقدام البنك على صرف عملتي الدولار والدينار يقول رجب " وفرة تلك العملات دفعت البنوك لتوفيرها للعملاء من خلال خزائن الصراف الآلي".
ولم يؤكد رجب أن البنوك عمدت إلى إخراج الدولار والدينار مع تقارب أسعارهما في السوق والبنك وبالتالي لن تتمكن من استغلالها لتحقيق أرباح ، وأضاف " لا نستطيع الجزم في هذه المسألة، لكن الأمر الأكثر قبولا أن البنك حريص على علاقة جيدة مع الجمهور، وعندما توفرت العملات لديه قدمها لعملائه".
ودعا رجب البنوك للتخفيف عن المواطنين وتوفير احتياجات العملاء والموظفين من العملات.
ويبقى وضع غزة التي دخلت مرحلة جديدة بتخفيف محدود من الحصار، خارج التوقعات بما ستئول إليه أسعار العملات مستقبلا، ما إذا كانت البنوك ستستمر بصرف العملات الصعبة أو تعدل عن ذلك.