حذر مدير مكتب إعلام الأسرى الأسير المحرر عبد الرحمن شديد، من مغبة استمرار التصعيد الإسرائيلي ضد الأسرى الفلسطينيين، مؤكداً أن لدى الأسرى وسائل للتعبير عن غضبهم حال عدم الاستجابة لمطالبهم المشروعة، داعياً في الوقت ذاته الفصائل والجماهير الفلسطينية إلى مساندة الأسرى في معركتهم الراهنة.
وقال شديد في حوار مع الرسالة حول الأوضاع في سجون الاحتلال: "ما حدث خلال الفترة الماضية كان رسالة قوية من الأسرى للاحتلال مضمونها أن الاسرى لن يسمحوا بانتهاك خصوصيتهم فهم لا يرفضون التفتيش بالمجمل، ولكنهم يرفضون تسليط وحدة "المتسادا" على الأسرى والتنكيل بهم، وإخراجهم وهم يستحمون بدون ملابس وسكب وجبة الإفطار على الأرض، فلابد أن يكون الرد موجعا بأن الاسرى لن يسمحوا بالمساس بكرامتهم، وبالتالي حدث ما حدث يوم الأربعاء الماضي من سجنين مختلفين وثلاثة أسرى أبطال ليثبتوا رأيهم تجاه الهجمة"، في إشارة إلى طعن شرطيين إسرائيليين.
ونوه بأن هذا التطور يدل على أن الأسرى استنفذوا وسائل حوارية مع مصلحة السجون، ولجأوا لهذه الوسيلة مما جعل مصلحة السجون تطلب مباشرة الحوار مع الأسرى اليوم الخميس. وحول مدى ارتباط تصعيد الاحتلال بحق الأسرى بالضغط على حركة حماس لاستعجال الإدلاء بأي معلومات عن جنوده الأسرى لديها، يقول شديد: "لا أرى أن ذلك صحيحا، فهذه هجمة غير ممنهجة هدفها إذلال الأسرى، ولكنها لا تأتي في سياق الضغط على حماس من أجل الوصول إلى معلومات عن الجنود الأسرى لدى حماس، ولو كان كذلك لتعددت وسائل هذه الهجمة أكثر"، وفق تقديره.
المطالب أولاً
وعن مطالب الأسرى رد على سؤال "الرسالة" قائلاً: "الأسرى لديهم اعتراض على الإهانة والاذلال، وعلى تدخل "المتسادا" في عملية التفتيش، فهي هي ليست وحدة تفتيش وإنما وحدة سيطرة وإرهاب، وهي المتهمة بتصفية المتضامنين الأتراك قبل أعوام في سفينة مرمرة، وهدفها ووسيلتها التخويف والإذلال والاهانة غير الممنهجة، بشكل مفاجئ، وفي كل المرات يفاجؤون الأسرى في الليل ويكبلونهم بشكل همجي، وهذا ما حدث في سجن نفحة، تكبيل الأسرى وضربهم وإلقائهم على الأرض في البرد، وكانت هناك إصابات عديدة واستخدام كلاب مدربة لتخويفهم، وإخراج الأسرى عراة بشكل مهين، وهذا ما رفضه الأسرى واستنكروه".
وعما اذا كان هذا الأمر هو بداية ثورة سجون كما وصفها البعض، يقول شديد: "لا نعلم إذا كان كذلك أم لا، اليوم ستعقد الجلسة الأولى من الحوار مع الأسرى، واذا لم تستجب مصلحة السجون لمطالب الأسرى فإن الأمور ستذهب تجاه مزيد من التصعيد والتوتر، وسيكون لديهم الكثير من الوسائل للتعبير عن غضبهم".
وفي سؤال عن مدى تأثر الحركة الأسيرة بالانقسام خارج الأسر، علق بقوله: "الانقسام خارج السجون أثر على الاسرى داخل السجون بالفعل، وللأسف أصبح كل تنظيم يتخذ برنامجا نضاليا لوحده اذا ما رفض الفصيل الآخر التعاون معه مع وجود الحد الأدنى من التعاون مع الآخر".
وأضاف "لا نستطيع تحميل الأسرى مسؤولية الانقسام داخل السجون، وهم أقرب الناس للحوار والتنسيق والتفاهم للقيام بخطوات مشتركة، وهم قاب قوسين أو أدنى من الوحدة الوطنية، وبشكل لحظي يتعاملون مع السجان والمحنة تتوزع عليهم بالتساوي مع التمييز قليلا لأسرى حماس لأنها الحركة الآسرة لعدد من جنود العدو في غزة، ولم يحدث تغير كبير في التعامل، ولكن هناك عقوبات فرضت عليهم المذكورة فيما يعرف بقانون شاليط، فما زالت مفروضة على أسرى حماس وأسرى غزة تحديدا، وهي عقوبات غير مفروضة على بقية الفصائل، مع التساوي بالعقوبات الاخرى كالقمع والتفتيش".
يذكر أن قانون شاليط ينص على منع الزيارات، وحرمان الأسرى من حق التعليم وقراءة الصحف داخل السجن، ومنعهم من مشاهدة التلفاز، وعدم تحديد فترة السجن في العزل الانفرادي.
دعم إعلامي
وعن الدعم الإعلامي للأسرى، فقد أصبح تقليديا كما يقول شديد، مضيفا: "نحن نحتاج لثورة إعلامية استثنائية لنعكس ونجسد معاناة الأسرى بطرق مختلفة، لنخرجها من الرتابة، على الرغم من أننا في اعلام الأسرى شاهد على مرحلة من مراحل التطور، ولقد جسدنا معاناة الأسرى عن طريق الفن من خلال معرض شموع الدولي، وكثير من الأفلام التي انتجت وتحدثت عن الاضراب عن الطعام والتعليم والنطف المدربة، وقد لاقت قبولا كبيرا، ولكن في الواقع نحن ما زلنا نحدث أنفسنا، فكل أبناء شعبنا يعرفون معاناة الاسرى، ولكن نحن نريد تصدير المعاناة للعالم الخارجي لكي يدرك العالم ما يحدث لأسرانا، خصوصا أن هذا الاحتلال يحاول أن يظهر للعالم أنه متحضر ويحترم القانون".
ودعا لنشر قضية الأسرى عن طريق برنامج موحد على المستوى الشعبي والفصائلي والمؤسساتي لتصدير معاناة الأسرى لكافة المحافل والقنصليات والسفارات، ومضى يقول: " كل هذه الأمور توحد قضية الأسرى، وقد عقدت عدة مؤتمرات في أوروبا وتركيا والجزائر، ولكنها لم تنتج نتائج هامة جدا، وحتى الآن مازالت لم تبلغ رسالة الأسرى بالشكل المطلوب، فنحن نحتاج لجهود دولية ضاغطة بشكل أقوى".
تطور الحركة الأسيرة
وعن نشاط وتاريخ الحركة الأسيرة، سألنا شديد الذي أجاب: "هذه الحركة بدأت منذ بداية الاحتلال لأراضي 67 وشملت أكثر من مليون فلسطيني، وتطورت فأصبح لديها منسقون يتابعون كل أوضاع الأسرى في السجون ولجنة وطنية تتحاور مع مصلحة السجون لتحقيق بعض مطالب الأسرى، وعلى ذلك أصبح لدينا حركة أسيرة قوية ممثلة بمنسقين وقيادات في السجون لديها دور قوي في القضية الفلسطينية، حتى في مرحلة الوفاق الوطني وكان لها محطات قوية أهمها الاضراب الجماعي في عام 1992 والذي حقق مطالب الأسرى وكان أقوى إضراب في تاريخ الحركة، وقد حققت من خلاله إنجازات كبيرة جدا، كما أن تهريب النطف يعد انجازا كبيرا حتى اللحظة وهو من أعظم الإنجازات التي نجحت حتى الآن".
وعن إنجازات أخرى للحركة الأسيرة، يضيف شديد: "من المحطات التي تطورت فيها الحركة الأسيرة التعليم، وقد انتسب عدد كبير منهم لجامعة الأقصى ونالوا شهادات بكالوريوس وماجستير من جامعة أبو ديس أيضا، والآن يحاولون التغلب على عقبات الحصول على درجة الدكتوراه".
ومن الملفت للنظر أن فكرة الإضراب الجماعي لم تعد تطرح في الفترة الأخيرة، وعن هذا يرد شديد: "الإضراب الجماعي أصبح له عقبات كبيرة جدا، من بينها أن بعض الفصائل أصبح لديها أجندات خارجية، ولكل أسير مصلحة، وكل أسير لديه قدرة معينة على التحمل، ومصلحة السجون تحاول زرع التشتت والانقسام بين الحركة الأسيرة من خلال تطبيق مبدأ فرق تسد، وهذه السياسة تؤثر على قوة الاضراب وتستطيع السيطرة على كل فصيل على حدة، بحيث يبدأ انسحاب الأسرى كل حسب فصيله".
ويضيف شديد: "إن الاضراب عن الطعام له عواقب صحية جسيمة على صحة الأسير، وليس من السهل اتخاذ هذا القرار، ومن عام 2004 لا يوجد اضراب وحد جميع الأسرى، وبالتالي أصبح هناك صعوبة في خوض هذا الاضراب، وكل أسير لديه مطالب خاصة فردية، لا تستطيع الفصائل الأخرى الانخراط في هذا الاضراب للاستجابة لطلب أسير واحد، فلا بد أن تكون هناك أهداف جامعة للجميع وليس لأسير واحد فقط، والا لبقيت في حالة اضراب عن الطعام مستمرة".