قائمة الموقع

ترمب و"إسرائيل" نحو تسوية اقليمية شاملة تفرض على الفلسطينيين

2017-02-07T09:16:04+02:00
كاريكاتير الرسالة للرسام مجد الهسي
الرسالة نت - شيماء مرزوق

لم تحسم الأيام القليلة التي قضاها الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترمب في البيت الأبيض توجهاته نحو عديد من الملفات في العالم ومنطقة الشرق الأوسط بعد، لكنها كانت كافية لتعطي ملامح سياسته نحو الملفات الأبرز، منها قضايا المنطقة الملحة وتحديداً الملف النووي الإيراني والقضيتين السورية والفلسطينية.

وربما يعكس تجاهله للقضية الفلسطينية وإعراضه عن إقامة أي علاقات مع السلطة الفلسطينية توجهاته المستقبلية نحوها، فتعكس رؤيته الجديدة تجاه الصراع في الشرق الأوسط، أنها نظرة إقليمية أكثر منها فلسطينية – إسرائيلية، ومرتبطة ارتباطًا وثيقًا بكل الأزمات بالمنطقة، والتسويات المستقبلية الممكنة التي يمكن توسعتها لتشمل الأراضي الفلسطينية.

ومن غير المتوقع أن يتغنى ترمب كسابقيه بحل الدولتين الذي يدرك جيداً انه ما عاد قابل للحياة، لذا تزداد التخوفات من تسوية إقليمية شاملة تفرض حل على الجانب الفلسطيني.

وهذه الرؤية الأمريكية الجديدة تأتي متناغمة مع الرؤية" الإسرائيلية" التي عبرت عنها حكومة الاحتلال عدة مرات، حيث تجد في إدارة ترمب فرصة لتطبيقها.

فقد قالت تسيبي حوتوبيل، نائبة وزير الخارجية "الإسرائيلي"، إلى أنه “يجب إعادة النظر في الأسئلة الجوهرية حول طبيعة الصراع ودفع حلول جديدة للوضع، من بينها تسوية إقليمية بحيث لا نعتمد على الفلسطينيين غير القادرين على التوصل إلى حل”.

وتشير التوقعات إلى أن التسوية الإقليمية ستكون ضمن صفقة شاملة تتم بالتعاون مع الدول المركزية في المنطقة والأكثر تماساً بالملف الفلسطيني والقادرة على ممارسة ضغط كبير على الجانب الفلسطيني.

وتشكل السعودية ومصر الأردن أبرز الدول التي من الممكن أن تساهم في هذه التسوية، خاصة إذا ما تمت مقايضتها بملفات أخرى أكثر أهمية بالنسبة لها مثل الملف السوري والإيراني واليمني.

فقد تقبل هذه الدول بتسوية إقليمية حفظ فيها مصالحها في المنطقة وتحد من النفوذ الإيراني خاصة في العراق وسوريا واليمن مقابل فرض حل دولي إقليمي على الفلسطينيين، حتى إن لم يكن يراعي الحقوق والثوابت الفلسطينية.

ومن الواضح أن الإدارة الامريكية بدأت تضع أساسات لهذه التسوية من خلال تثبيت حلول الأمر الواقع التي فرضها الاحتلال الإسرائيلي من خلال الاستيطان، وفي هذا الإطار جاء تصريح البيت الأبيض بأن المستوطنات ليست عقبة في طريق "السلام"، والمستوطنات القائمة لا تشكل عائقًا أمام تسوية سياسية لكن يجب ألا يتطور البناء الاستيطاني ليشمل مناطق أكثر" ما يعني فعلياً أن الإدارة الامريكية تمنح الشرعية لهذه المستوطنات وذلك خلافاً لقرار مجلس الأمن الذي صدر نهاية 2016 والذي اعتبر أن البناء الاستيطاني غير شرعي ويجب إزالته.

يذكر أن “الحكومة الإسرائيلية” صعدت بشكل ملحوظ نشاطها الاستيطاني في الأراضي الفلسطينية، خلال الأسبوعين الأخيرين، وصادقت على مخططات لبناء أكثر من 6000 وحدة سكنية استيطانية.

وقد تلمست السلطة الفلسطينية خطورة السياسية الأمريكية الجديدة اتجاها وبدأت تلوح بأنه إما وقف الاستيطان أو اللجوء نحو حل الدولة الواحدة الذي يرفضه الاحتلال جملة وتفصيلاً لأنه يشكل تهديدًا دينيًا وديمغرافيًا ضده.

وتتجاهل السلطة أن الاحتلال يسير فعلياً نحو خيار أخطر هو "إسرائيل الكبرى" والذي حذر منه المفكر الأمريكي ناعوم تشوميسكي قبل أشهر في ندوة نظمها مركز شاهد لحقوق المواطن والتنمية المجتمعية، من خلال سياسات حكومة الاحتلال في ضم مزيدٍ من أراضي الضفة الغربية وتعزيز عملية التهجير للفلسطينيين

ومن المهم التذكير بأن نسبة المواطنين الفلسطينيين في اراضي "ج" أقل من نصف عدد المستوطنين الإسرائيليين فيها.

ورأى تشوميسكي أن النقاش المطروح حاليًا يقتصر على خيارين اثنين تمثلا في حل الدولة الواحدة الديمقراطية، أو حل الدولتين، مع إغفال الخيار الثالث وهو الأكثر واقعية ويكمن باستمرار اسرائيل في مخططها لبناء دولة إسرائيل الكبرى، وهو المشروع الذي بدأ منذ عام 1967.

وقال تشوميسكي إن “اسرائيل لن تقبل بصيغة الدولة الواحدة لأن ذلك يضعها في مشكلة ديمغرافية عميقة ” مع كثير من غير اليهود في الدولة اليهودية”. معتبرًا أن “الفلسطينيين يرحبون بصيغة الدولة الواحدة كونها تمنحهم فرصة محاربة النظام العنصري وحشد الدعم الدولي في هذا السبيل”.

ولفت إلى أن “المخطط الاسرائيلي لخلق واقع جديد في الضفة الغربية وضم القدس الكبرى يمضي وفق ما خطط له وبدعم أمريكي شامل، ومن خلال الممرات الاستيطانية كـ"معاليه ادوميم"، و"ارئيل"، و"كدوميم"، إضافة الى "جدار الفصل"، معتبرًا “أن الضفة الغربية بعد ذلك ستبقى عبارة عن كانتوتات منعزلة”.

وربما يجد الفلسطينيون أنفسهم أمام تسوية سياسية دون أن يشاركوا في وضع بنودها أو يسمح لهم بالاعتراض عليها خاصة إذا ما وجدوا أنفسهم أمام ضغط عربي ودولي وأميركي واسرائيلي أيضاً، وفي خضم فرض هذه التسوية سيترك الفلسطينيون مكشوفي الظهر وربما تستخدم ضدهم كل وسائل الضغط السياسي والمالي والاقتصادي ما يضعهم أمام مأزق كبير.

اخبار ذات صلة