يواصل الطبيب والكاتب المصري أحمد خالد توفيق كتابة قصص وروايات الخيال العلمي من خلال روايته الجديدة "في ممر الفئران" التي تتضمن إسقاطا على جوانب من قضايا الحكم والسلطة في الكثير من الدول النامية.
تبدأ رواية أحمد خالد توفيق (54 عاما) من عند الشرقاوي، وهو مهندس في الأربعين من عمره يعيش حياة مريحة إلا أنه فقد الرغبة في كل شيء ويعاني من شعور "العجز" عن مواجهة أي شيء والإحساس بأنه غير مؤثر.
يتناول الشرقاوي قرصا منوما للهروب من التفكير في واقعه الفارغ، لكن الساعات القليلة التي كان يطمع أن يريح فيها ذهنه تتحول لغيبوبة يدخل إثرها المستشفى حيث لا يجد الأطباء سببا واضحا لحالته في ظل عمل كافة أجهزة جسمه بكفاءة.
يقف المؤلف عند هذه النقطة لينتقل إلى "مسار آخر" يعرفنا فيه على الشخصية الرئيسية الأخرى في الرواية؛ رامي المليجي، وهو طالب جامعي تقوده الصدفة لرؤية زميلة له تتعرض للتحرش على يد أستاذ لهما لكن التطورات تسير على نحو غريب فتتحول الطالبة إلى زوجة لرامي والأستاذ المتحرش إلى صديق له.
نور وظلام
تتصاعد الأحداث ليتضح تدريجيا المعنى المقصود من عنوان الرواية؛ إذ تنبئ الأخبار بأن هناك نيزكا يقترب من الأرض يوشك على تدميرها وإنهاء الحياة البشرية.
وبعد إسهاب في تفاصيل الأثر السيكولوجي لقرب هذه الكارثة، يحدث التحول الدرامي الأكبر فيرتطم النيزك بالكوكب لكنه لا يدمره ويتحقق السيناريو الأسوأ لتتشكل ستارة سوداء تغطي الأفق وتحجب نور الشمس عدة عقود، فيعيش الجميع يتخبطون في الظلام رغم عدم فقدانهم نعمة البصر.
وبمهارة الطبيب وخبرة المؤلف يدمج توفيق مساري الرواية في خط واحد؛ إذ يظهر فجأة الشرقاوي الذي لا يزال جسده راقدا بالمستشفى في غيبوبة في عالم الظلام الجديد، ويصبح أحد رعايا أرض الظلام، حيث يلتقي رامي الذي صار أبا لشاب لم يتبين ملامحه منذ ولادته.
يتحول رامي ودون مبررات إلى طوق نجاة للشرقاوي في عالم الظلام ويتآلف الاثنان وينضمان معا إلى "النورانيين" أو "الضوئيين" هؤلاء القلة المتمردة على حكام عالم الظلام.
وحكام الأرض الجدد بعد غياب شمسها هم مجموعة من رجال الأعمال وذوي النفوذ ممن سكنوا جبال الهيمالايا، حيث تعلو قمم الجبال فوق السحب السوداء وينعمون بالشمس والحياة الكريمة، بل ويقمعون سكان الأرض ويزرعون في نفوسهم بمرور السنين أن "النور" خطيئة، وأن "الظلام" نعمة وقدر محتوم.
يخوض الشرقاوي ورامي ورفاقهما "النورانيون" مغامرة غير محسوبة العواقب نحو الهيمالايا على أمل إعادة الشمس للأرض أو على الأقل الانتقال من عالم الظلام لعالم النور.
وتأتي النهاية مفاجئة ومختلفة كما وعد المؤلف منذ السطور الأولى تاركة القارئ بين عالم الشرقاوي فاقد الوعي وعالم "النورانيين" الباحثين عن الأمل.
تحمل الرواية دون شك إسقاطا على أوضاع كثير من الدول النامية التي يحتكر فيها قلة من رجال الأعمال وأصحاب النفوذ خيرات بلادهم مع تقديم الأغلبية العظمى من المواطنين لقمة سائغة للجهل والمرض والخوف، إلا أن المؤلف يطرح أفكاره ويصيغ تساؤلاته في قالب غير منفر.
الجزيرة نت