النواب الإسلاميون: لن نخرج من قدسنا ولن نتركها لهم
القدس المحتلة- لمراسلنا
قد تعلو أصوات وإجراءات وتهديدات، فتلك المدينة لم تعد تعرف السكون منذ 43 عاماً حين مزقت نجمة داوود هدوء الهلال الساكن فوق مقدساتها والصليب الحزين على كنائسها، واليوم تُكلل الآلام بقرارات الإبعاد لأهلها ممن كبرت آمالهم بين أزقتها وتشبثت أحلامهم بحجارتها.
فبعد نصب خيم الاستقبال وتوافد المتضامنين وعرض اللافتات ورفع الرايات في استقبال نواب المجلس التشريعي المقدسيين المحررين من سجون الاحتلال بعد أربع سنوات داخل الأسر، لم تطل ساعات قليلة ملأ الفرح فيها قلوبهم، فعناصر المخابرات الصهيونية مارست هوايتها واقتحمت خيم الاستقبال واستدعت النواب الذين ذهبوا مودعين أهلهم وعائلاتهم ظانين أنهم سيعودون للسجن مرة أخرى، ولكن الهدف هذه المرة كان مختلفاً.
ويقول النائب المحرر طوطح لـ"الرسالة نت":" ذهبت إلى مركز التحقيق وأنا أتوقع أن يتم اعتقالي مرة أخرى، ولكنني فوجئت بسحب هويتي وقرار إبعادي عن المدينة".
رد أولي
التشبث بالأرض، والالتفاف حول المظلوم.. عادات فلسطينية عربية وجدت نفسها هذه الأيام تقف أمام نهج الاحتلال وقراراته الحاقدة، حتى إذا هدد وأعلى يده الضاربة ردوا بالتحام العشائر والعائلات والوجهاء والممثلين عن المنظمات والأحياء والمؤسسات بوثيقة الرباط المقدسي.
"هي وثيقة ستوقع من عشرات آلاف المقدسيين ضد قرارات الإبعاد وسيتم تقديمها إلى مؤتمر جنيف وجهات دولية أخرى من أجل التأكيد على رفض سياسة الإبعاد لأنها تهدد المجتمع المقدسي بأكمله".. وهي كلمات رئيس قسم المخطوطات في المسجد الأقصى المبارك الشيخ ناجح بكيرات موضحاً ماهية الوثيقة.
ويقول النائب محمد أبو طير لـ"الرسالة نت":" هذه الوثيقة بمثابة إنقاذ لنا ولكل المقدسيين المهددين بالإبعاد، ونحن الآن نلتحم مع أهلنا وعائلاتنا بهذه الوثيقة ولن نفرط بقدسنا مهما حدث".
ولكن أنى للاحتلال أن يهنأ بتفريغ القدس من أهلها، فأولئك النواب الذين هددوا بالإبعاد القسري عن مدينة احتضنتهم لعشرات السنين قرروا البقاء فيها مهما بلغت التهديدات ومهما وصلت آلة التهويد من ظلم بحق المقدسيين.
ويقول النائب عطون:" هذه القرارات جائرة ولن تفلح في إبعادنا، سنواصل صمودنا بإمكانياتنا المتواضعة لحماية القدس"، ويتابع النائب طوطح:" هذه القرارات ليست إلا محاولات لإرهابنا ولن نخاف، سنبقى في منازلنا وحتى لو أخرجونا منها سنعود إليها بإذن الله".
أبعاد
أحمد عطون، محمد أبو طير، محمد طوطح والوزير السابق خالد أبو عرفة، كلهم ذاقوا المشهد ذاته.. استدعاء وانتظار لساعات طوال ومن ثم تسليم ورقة الإبعاد بعد سحب الهوية، ليختتم الاحتلال سنوات اعتقالهم بقرار إبعادهم عن مدينتهم وأهلهم تحت الحجة ذاتها، وليس ذاك إلا بدايةً لترحيل المقدسيين وتهجيرهم من بيوتهم حسب ما أكد عليه المهددون بالإبعاد.
ويضيف النائب عطون لـ"الرسالة نت":" هذا القرار جائر ويهدف ليس فقط لإبعادنا أو قمعنا، بل يهدف في المستقبل إلى ترحيل آلاف المقدسيين وما نحن إلا مقدمة لهذه السياسة التي ستنعكس على القدس سلباً إن بقي الصمت قائماً".
ورغم أن الاحتلال وافق على إجراء الانتخابات التشريعية عام 2006 في القدس المحتلة وعلمه بخوض حركة حماس لها، إلا أنه يعود الآن ليتهم النواب الإسلاميين بالعمل تحت إطار هذه الحركة المحظورة في قواميسه العنصرية، فيقتلع نشاطاتها في المدينة ويحاول أن يذيق من اختارها ويلاتٍ وويلات.
وفي هذا يعتبر وزير شؤون القدس السابق خالد أبو عرفة أن قرار الإبعاد جاء بعد صدمة الاحتلال بفوز حماس في الانتخابات التشريعية الأخيرة، حيث بدأ يتخبط ويعتقل كل من له علاقة بها من قريب أو من بعيد، ثم أصدر قرار الإبعاد بحق نوابها ليُفهم المقدسيين أن هذه الحركة محظورة.
وحول تداعيات القرار اعتبر كل النواب المهددين إضافة إلى المؤسسات الحقوقية والإنسانية أنه تمهيد لإبعاد 60 ألف مقدسي عزلهم الجدار العنصري خارج مدينتهم بإجراءات عنصرية بحتة، علاوة على إبعاد أشخاص بعينهم بعد احتجازهم بحجة أنهم قاموا بنشاطات محظورة.. فأصبح المقدسي يخشى استنشاق الهواء خشية إبعاده!