تنفس شفيق الحلبي والد الشهيد مهند عبير الحرية بعد اعتقال استمر ثمانية أيام في معتقل المسكوبية الإسرائيلي، أضرب خلالها عن الطعام، متحدياً سلطات الاحتلال التي حاولت تلفيق تهم كاذبة له لتزج به في غياهب سجونها أكبر فترة ممكنة.
وكان مهند الحلبي قد استشهد مطلع تشرين أول 2015، عقب تنفيذه عملية طعن بالقدس المحتلة، أسفرت عن مقتل مستوطنين إسرائيليين، وعرف بـ "مشعل انتفاضة القدس"، حيث كانت أولى عمليات الطعن فيها. وهدمت قوات الاحتلال منزل عائلة الحلبي، في كانون ثاني 2016، في بلدة سردا شمال رام الله.
وفي لقاء لـ " الرسالة نت " مع والد الشهيد الحلبي بعد أيام قليلة على تحرره من سجون الاحتلال، روى كيف واجه ثلاثة محققين حاولوا بكل الوسائل سحب اعترافات منه.
ويذكر أبو محمد الحلبي "53 عاما"، أنه تلقى اتصالاً من المخابرات "الإسرائيلية" يبلغونه فيه بالحضور لمعتقل عوفر العسكري غربي بيتونيا للتحقيق، ليتفاجأ بنقله مباشرة إلى معتقل المسكوبية. وعن ذلك، يقول أبو محمد " أكثر السجون سوءا هو سجن المسكوبية، حيث مكثت ليلتي الأولى في زنزانة انفرادية، أقل ما توصف بالقذرة والمتسخة، وكانت باردة جدا ورائحتها كريهة، وبسبب ذلك ما زلت أعاني من التهاب في القصبات الهوائية".
وتابع "قررت منذ اليوم الأول الإضراب عن الطعام لأني كنت على قناعة بأن اعتقالي هو محاولة انتقام مني ومن عائلة مهند الحلبي فقط، وليس هناك أي شيء ضدي". ويضيف " بدأ التحقيق معي صباح اليوم التالي، حيث تناوب ثلاثة محققين علي في استجواب متواصل حتى قرابة الحادية عشرة مساء، يدور حول مشاركتي في الوقفات التضامنية مع أهالي الأسرى والشهداء، وحضور جنازات الشهداء وتقديم التعازي".
وتكررت محاور التحقيق والأسئلة مع الحلبي حول ذات القضية، التي اعتبرها فارغة المضمون، وتدل على عدم امتلاك المحققين شيئا يدينونه به، وأن الاعتقال محاولة انتقامية منه ومن عائلته.
وأضاف أن صورا من مشاركاته في الجنازات والوقفات والاعتصامات عرضها المحققون عليه كدليل إدانة، لكنها برأيه لم تقدم جديدا، حيث كانت صورا عامة انتشرت على مواقع التواصل ووكالات الأخبار.
وقال " استمرت جولات التحقيق أربعة أيام، وعندما لاحظت تكرار الأسئلة من المحققين توقفت عن الكلام، وأبلغتهم بعدم تجاوبي معهم، إلى أن جاءت ساعة المحكمة، التي كانت في ذات السجن".
وعُرِض الحلبي على المحكمة، بحضور أربعة محامين، وخلالها طلبت النيابة تمديده ستة أيام أخرى لغرض التحقيق، برغم أن القاضي قال أثناء المحكمة إن التهم المقدّمة لا يمكن اعتقاله أو حجزه بناء عليها.
وحاول المحققون عقب ذلك تشديد الضغط على أبو محمد الحلبي بتوجيه تهم أخرى، تتعلق بتلقيه أموالا من حركة حماس وتأييده للحركة، غير أن إصراره على نفي كل ذلك جعل المحققين في موقف العاجز تجاه إثبات ما يدينه.
إفراج وتحدي
وبعد ثمانية أيام من الاعتقال والتحقيق، ومع استمرار الحلبي في الإضراب عن الطعام، جاء القرار بالإفراج عنه، حيث نقل بداية إلى سجن الرملة، ثم إلى معتقل عوفر حيث نال الحرية.
وفي اليوم التالي للإفراج عنه، كان والد الشهيد مهند الحلبي يشارك في وقفة تضامنية مع الأسرى، وسط رام الله، ليبعث رسالة تحدٍ للاحتلال بأنه لن يستطيع منعه ومنع أهالي الشهداء من مثل هذه الوقفات والاعتصامات الداعمة للأسرى، والمطالبة بالإفراج عن جثامين الشهداء المحتجزة.
جدير بالذكر أن النجل الأكبر لشفيق الحلبي "محمد" معتقل لدى قوات الاحتلال "الإسرائيلي" منذ أيلول الماضي، في سجن "عوفر"، ولم تجرِ محاكمته حتى اليوم، كما تعرضت زوجته هي الأخرى للاعتقال والتحقيق في أكتوبر من العام الماضي، في مركز بنيامين العسكري "الإسرائيلي" قرب القدس المحتلة.