قائد الطوفان قائد الطوفان

الفروسية في غزة ..عشق بين الخيل والخيال

الشابة أفنان الحايك
الشابة أفنان الحايك

الرسالة نت - مها شهوان

 

اعتادت الشابة أفنان الحايك، بعدما تنتهي من عملها الحر عبر الإنترنت أن تذهب يوميًا إلى منطقة السودانية شمال قطاع غزة، حيث نادي الفروسية لتتفقد فرسها الخاصة "برايما"، فهي تمارس تلك الرياضة منذ عامين خارجة عن المألوف من أنواع الرياضة التي تمارسها الفتيات في قطاع غزة.

داخل اصطبل الخيول، رافقت "الرسالة نت " الحايك، لتعرفها على مهرتها الصغيرة وتطلعها على دخولها في عالم الفروسية، تقول بعدما أطعمت "برايما" حلوى السكر:" لم أبدأ برياضة الفروسية مباشرة، ولكن قبلها وحينما كنت في المدرسة مارست كرة السلة لكني بعدها توقفت وعندما فكرت بالعودة، لم أجد أمامي سوى نوادي اللياقة البدنية لأمارس رياضة(الأيروبيك)، بعد ذلك تعرفت على نادي الفروسية وعلمت أنه بإمكاني التدرب"، فذهبت دون تردد.

وتتحدث الفارسة عن علاقتها مع فرسها الصغيرة، بأن هناك علاقة صداقة بينهما تكبر مع مرور الوقت، وازدياد التمرين، فهي بمجرد أن تناديها من بعيد تسرع إليها، وفي مرات كثيرة تبوح لها "الحايك" عما تشعر به من فرح أو حزن.

وفي موقف حدث معها قبل أيام قليلة، حينما سقطت وهي تتدرب على حصان آخر، هرعت فرسها صوبها وراحت تمسح برأسها على مكان الإصابة.

"الحايك" ليست وحدها من تمارس الفروسية في فطاع غزة، فهناك العشرات من المنتسبين للنادي من مختلف الفئات العمرية، يواصلون ممارسة هوايتهم بإصرار وعشق.

فارسة بجلبابها

تروي "الحايك" موقفًا حصل معها حينما خرجت بفرسها إلى مكان التدريب، حينها هتف الصغار الذين جاؤوا للمكان بصحبة ذويهم للاستجمام "شوف المرة راكبة حصان"، في إشارة استهجان منهم، موضحة أنها لم تغضب من قولهم ووصفهم لها بل اقتربت منهم ودعتهم إلى الركوب على فرسها.

ووفق قولها، فإن موقفها السابق مع الأطفال من ثقة وصبر في التعامل هو درس استفادته من هواية الفروسية، حيث إنها الهواية التي تعلم الإنسان الثقة بالنفس والاعتزاز بها.

وتهتم الشابة بفرسها الصغيرة، وتنظيفها باستمرار، عدا عن تواصلها مع فرسان وفارسات في الخارج فيما يتعلق بتربية الخيول وآدابها، مشيرة إلى أنها تطمح بالمشاركة في مسابقات دولية والحصول على مراتب متقدمة.

 وبالقرب من الحايك، كانت الأختان "دينا وداليا الحلبي" في ساحة التدريب، فالأولى أنهت دراستها الجامعية بينما الثانية لا تزال في المرحلة الاعدادية، أرادتا أن تكونا كشقيقتهما التي سافرت إلى الخارج، فقد كانت تعشق ركوب الخيل ووصلت إلى مراحل متقدمة في التدريبات والقفز على الحواجز.

وكما هو معروف فإن لركوب الخيل لباسًا خاصًا، لكن "العشرينية "دينا" تواصل تدريباتها بجلبابها الذي لم تعتبره عائقًا لممارسة رياضة أمرنا بها الرسول _صلى الله عليه وسلم_ والصحابي عمر بن الخطاب.

تتحدث "للرسالة نت" عن لجوئها إلى هذه الرياضة، لأنها تريد تعزيز ثقتها بنفسها وتتحكم بضبط قراراتها، كون الحصان يشعر بصاحبه في حال كان متوترًا أو فرحًا.

ويضحك منها البعض معلقين "خذي رخصة سيارة أحسن من الفروسية"، تلك الجملة التي تكررها صديقات "دينا" على مسمعها حينما يعلمن بتدربها على الخيل ويتهكمن عليها، لكنها لا تأبه لتعليقاتهم الساخرة وتمضي بتدريباتها.

بعيدًا عن ساحة التدريب، خرج الفارس "رفيق عابد" - 9 سنوات- غاضبًا كونه لم يصب في تدريبه والقفز عن الحواجز التي حددها له مدربه، فرغم وجود والده الذي يحرص على مراقبته من بعيد إلا أنه لم يبلي بلاء حسنًا.

خلال تبديله لملابسه تحدث وهو يحاول أن يبتسم:" أحب الخيل كثيرصا، وأبحث عبر الانترنت عن بطولات عالمية، أحاول التقاط بعض حركات القفز لتقليدها، لكن الخيل كثيرًا ما يخذلني داخل ساحة التدريب".

الفارس الصغير "عابد" يصر على الحصول على أعلى الدرجات في مدرسته ويحافظ على مرتبته الأولى، كي يفي له والده بالوعد، وهو شراء خيل خاص له كبقية زملائه في النادي، موضحًا أنه تعلم من ركوب الخيل التركيز في دروسه وتعامله مع أصدقائه.

 الخيل خير

واللافت في الأمر داخل النادي، أن غالبية المدربين هم فرسان تأسسوا داخل النادي، منهم الشاب عبد الحميد شويخ - 24 عامًا- يمارس هوايته منذ 12 عامًا، ويدرب الفرسان الصغار منذ عامين.

يروي "للرسالة نت" حكاية شغفه بالخيل، أنه كان يمتلك في بيته عددًا من الخيول يضعها في الأرض المجاورة لمنزله، ضاربًا بعرض الحائط نظرات المارة الساخرين من هوايته، فهو يرد عليهم دومًا بأن "الخيل خير".

ولفت إلى أن للخيل فوائد جمة منها تنشيط الدماغ ومعالجة الشلل الدماغي، عدا عن أن ركوب الخيل رياضة صحية تعزز الثقة بالنفس، وتحرك 160 عضلة حينما يمتطي الفارس جواده ويعدو داخل ساحة التدريب.

ويفيد شويخ، أنه منذ عام 2007 هناك إقبال كبير في الالتحاق بنادي الفروسية، من مختلف الفئات الجنسية والأعمار، لكن في المقابل هناك إهمال من قبل الجهات الرسمية كوزارة الرياضة في هذه الرياضة.

ويوضح المدرب، أنه يتواصل مع خبراء في الخيل خارج قطاع غزة، فهو يريد أن ينهل من آداب علم الخيل، لدرجة أنه تعلم لغة جسد الخيل.

وبحسب قوله، فإن النادي يوفر مكانًا مخصصًا للفتيات اللواتي لا يرغبن بالتدريب في ساحة النادي الكبيرة.

 

البث المباشر