شكّل انتخاب القيادي في حركة حماس يحيى السنوار قائداً للحركة في قطاع غزة حدثاً سياسياً هاماً على الساحة الإعلامية والسياسية في المنطقة، حيث تداعت وسائل الاعلام المحلية والعربية والاسرائيلية للمسارعة للحديث حول القيادي السنوار، إلا أن الكثير من التقارير التي ظهرت كانت تعتمد على مصادر غير دقيقة وإسرائيلية في بناء الصورة حول شخصيته.
"مركز الدراسات الإقليمية" أعد تقريراً مفصلاً حول قائد حماس الجديد "يحيى السنوار"، مستعرضاً أبرز ملامح شخصيته ومواقفه السياسية ونظرته للمستقبل في إطار حركة حماس.
تعريف
هو يحيى إبراهيم حسن السنوار من مواليد (1962) في مخيم خانيونس للاجئين جنوب قطاع غزة، وتعود جذوره الأصلية إلى “مجدل عسقلان”.
عرف عنه منذ صغره بانضباطه والتزامه في دراسته وتوجهه الإسلامي، وقد أنهى دراسته الثانوية من مدرسة خانيونس الثانوية للبنين.
التحق بالجامعة الإسلامية في مطلع الثمانينيات بكلية الآداب وتخصص في اللغة العربية، حيث يعتبر أحد المشاركين في تأسيس الجامعة، وقد تميز خلال تلك الفترة بنشاطه في إطار العمل الإسلامي الطلابي، حيث عمل في إطار مجلس الطلاب -الذي كان يعتبر محضناً خرجت من إطاره أغلب قيادة حماس الحالية- لمدة خمس سنوات.
تدرج في مجلس الطلاب ما بين مسئولاً للجنة الفنية ومن ثم اللجنة الرياضية ونائباً لرئيس المجلس ورئيساً لدورة انتخابية كاملة، ونائباً لرئيس المجلس مرة أخرى، الأمر الذي أهله لممارسة أدوار قيادية طلابية أهلته للعمل في أطر تأسيسية في حركة حماس لاحقاً.
كانت علاقته بالشيخ أحمد ياسين مؤسس حركة حماس قوية جداً، حيث كلفه وآخرين بتأسيس جهاز أمني لحماية الحركة داخلياً ومواجهة أجهزة الأمن الإسرائيلية حيث أطلق عليه "جهاز الأمن والدعوة "مجد" وذلك بموازاة تأسيس الشهيد الشيخ صلاح شحادة للجناح العسكري الذي كان يطلق عليه حينها "مجاهدو فلسطين".
يقول مقربون منه خلال تلك الفترة: تأسيس جهاز مجد الأمني بدأ بإعداد وتجهيز ملفات أمنية، ومراقبة لضباط المخابرات وأجهزة الأمن الإسرائيلية، وقد كان السنوار يشرف عليها بنفسه، ومن ثم انتقل للعمل ميدانياً عبر إجراء تحقيقات مع عملاء الاحتلال، وصولاً لتصفية بعضهم وفق استراتيجية اقترحها السنوار لردعهم والعمل على إنهاء ظاهرة التخابر مع العدو.
الاعتقالات
اعتقل لأول مرة عام (1982) لمدة أربعة أشهر، وخرج ليعتقل بعد ذلك بأسابيع قليلة ويحكم ستة أشهر إدارياً في سجن الفارعة لمشاركته في النشاط الاسلامي وبناء الجامعة الإسلامية.
في (1985) شارك في إنشاء جهاز الأمن الخاص بحركة حماس الذي عرف باسم “مجد”، حيث كان الجهاز يعمل على مقاومة الاحتلال الإسرائيلي في قطاع غزة، ومكافحة التخابر معه.
كان على علاقة وثيقة بمؤسس الجناح العسكري لحركة حماس صلاح شحادة حيث توافق الاثنان على مواصلة العمل المقاوم ضد الاحتلال.
اعتقلت قوات الاحتلال الصهيوني السنوار اعتقالا إدارياً في (1988) ثم انتقل لتحقيق وحكم عليه بالسجن أربع مرات مدى الحياة (ثلاثين سنة).
نقل في فترة اعتقاله عشرات المرات بين السجون، وقضى غالبية فترة الاعتقال في العزل الانفرادي.
وفي عام (1989) تمت محاكمة يحيى السنوار ويومها أغلق الاحتلال طرقات غزة وانتشروا في كل مكان ونقلوا المجاهد يحيى في ظل إجراءات أمنية مشددة خوفا من أن يتمكن من الإفلات من بين أيديهم وكانت محاكمته التي عبر فيها عن اعتزازه بجهاده من أجل دينه ووطنه.
حاول كسر قيوده عدة مرات، أبرزها محاولتين فشلتا في اللحظات الأخيرة وبمحض الصدفة حيث أنه استطاع أن يحفر نافذة في جدار الغرفة في سجن المجدل الذي يؤدي إلى ساحة خلفية مغطاة بشبك يقود إلى خارج السجن، وكان يحفر بتأن بسلك بسيط ومنشارة حديد صغيرة استطاع تهريبها فكان يحفر في الجدار، ويقوم بوضع معجون الحلاقة مكان ما تم حفره لكي لا يظهر وهكذا حتى لم يتبق إلا القشرة الخارجية وفيما كان يستعد ليحرر نفسه من القضبان مرّ أحد الجنود في مكان النافذة التي أعدها فانهارت القشرة وكشف المحاولة ليعاقب ويسجن في الزنازين الانفرادية.
ومحاولة شبيهه بعد ذلك كانت في سجن الرملة حيث استطاع أن يقص القضبان الحديدة من الشباك ويجهز حبلاً طويلاً ولكنها كشفت في اللحظات الأخيرة.
انتخب رئيساً للهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في سجون الاحتلال لدورتين متتاليتين، وقاد العديد من المفاوضات المباشرة مع إدارة السجون الإسرائيلية، وقاد مع إخوانه العديد من الإضرابات كان آخرها الاضراب الأخير قبل صفقة وفاء الأحرار عام (2011).
بعد الأسر
بعد الإفراج عنه في صفقة وفاء الأحرار عام (2011) تزوج وواصل العمل في حركة حماس، وانتخب في العام التالي عضواً للمكتب السياسي للحركة.
حمل عدداً من الملفات السياسية خلال فترة عمله أبرزها ملف العمل الأمني في الحركة وله قبول كبير في أوساط القيادتين العسكرية والسياسية لحركة حماس، حيث كان له دور كبير في التنسيق بين الجانبين السياسي والعسكري بحماس خلال الحرب الأخيرة بغزة، وكان لاعباً هاماً ومؤثراً في تحديد موقف الحركة من أي اقتراحات كانت تعرض للتهدئة وكان يدعم دائماً مطالب ومواقف القيادة العسكرية بضرورة تنفيذ المطالب الفلسطينية.
بتاريخ (16 /11/2012) قصفت الطائرات الإسرائيلية بيته في مدينة خانيونس مما أدى لتدميره بالكامل.
عينته حماس في عام (2015) مسؤولاً عن ملف الأسرى الإسرائيليين لديها، وقيادة أي مفاوضات تتعلق بشأنهم مع “إسرائيل”، حيث تم اختياره من قبل قيادة القسام لهذا الملف لثقتها به خاصةً أنه من القيادات المعروف عنها عناده وصلابته وشدته وهو ما أظهره خلال الاتصالات التي كانت تجري لمحاولة التوصل لتهدئة إبان الحرب الأخيرة.
في سبتمبر (2015) أعلنت وزارة الخارجية الأمريكية، أنها أدرجت اسم السنوار وعدد من قادة حماس على لائحتها السوداء حيث اتهمتهم بأنهم “إرهابيين دوليين”.
انتخب يحيى السنوار في فبراير (2017)، رئيساً للمكتب السياسي للحركة في قطاع غزة خلفاً لإسماعيل هنية، فيما اختير خليل الحية نائباً له.
شخصيته
يتميز بالتزامه الديني منذ نعومة أظافره، والالتزام بالمبادئ الإسلامية التي تربى عليها، وعليه يكره الفساد ويحاربه أينما حل.
شخصية تتمتع بالهدوء وهو دمث الخلق، ولا يوحي شكله بدوره الأمني داخل حركة حماس. وذلك بحسب زملاءه في السجن.
يتمتع بقدرة عالية على التخطيط والابداع ولديه تفكير تطويري مستمر للعمل المقاوم حتى وهو داخل السجن، حيث كان على دراية بجميع ملفات عمل الحركة وكان يقدم الخطط والمقترحات من داخل السجن لقيادة حركة حماس في الخارج.
يجيد اللغة العبرية بطلاقة، وقد ألف عدة كتب أبرزها كتاب “المجد” الذي يرصد عمل جهاز “الشاباك”.
مواقفه السياسية
يؤمن السنوار بأن الوحدة الوطنية تمثل الرافعة الحقيقية للمشروع الوطني والأساس لتحقيق طموحات وآمال الشعب الفلسطيني وقد كان الداعم الأبرز لاتفاق الشاطئ وحكومة الوفاق الوطني.
يرى السنوار بأن القضية الفلسطينية بحاجة إلى جهد كافة العرب والمسلمين وأن الدول والشعوب العربية والإسلامية هي الحاضنة الأم للقضية الفلسطينية وأن فتح وتعزيز العلاقات مع كافة الدول العربية والإسلامية يمثل الأساس لتوفير الظهير السياسي والمادي والمعنوي لقضية العرب والمسلمين الأولى.
يدعم السنوار أي توجه للتهدئة مع الاحتلال على قاعدة وقف العدوان والاستجابة لحقوق الشعب الفلسطيني، ويؤكد أن أي تفكير في تفكيك الجهاز العسكري لحركة حماس مرفوض في أي حال من الأحوال قبل انتهاء الاحتلال بشكل كامل.
يعتبر قضية الأسرى قضيته الشخصية، وقد دعا كتائب القسام للأخذ على عاتقها هذه المهمة، كما وجه رسالة للاحتلال في أحد مهرجانات حماس:” أنتم لم تتركوا لنا خياراً، عملية السلام التي استمرت (20) عاماً حولتموها إلى سراب ضائع، واصلتم الاستيطان هودتم القدس حاصرتم شعبنا ورفضتم إطلاق أسرانا، فهل يعتقد أحد أن شعبنا سيكون قادراً على تجاهل ذلك ويتناسى باقي أسراه".
مناصبه:
رئيس مجلس طلاب الجامعة الإسلامية
مؤسس جهاز الأمن “مجد”
عضو شورى الحركة الإسلامية الأسيرة في السجون
رئيس الهيئة القيادية العليا لأسرى حماس في سجون الاحتلال
عضو المكتب السياسي لحركة حماس
مرجعية ملف الأمن في المكتب السياسي لحركة حماس
مرجعية الملف العسكري في المكتب السياسي
مسئول ملف الجنود الإسرائيليين الأسرى في قطاع غزة