أثار المؤتمر الشعبي لاعادة تفعيل دور اللاجئين الفلسطينيين بالخارج، فزع حركة فتح وأدواتها من فصائل المنظمة المرتبطة بها، متخذة العديد من الوسائل للعمل على تخريبه وتشويهه، من أجل الحيلولة دون عقده.
ودأبت فتح على افتعال الأكاذيب لتخريب المؤتمر، من قبيل اصدار بيانات بأسماء شخصيات كأمثال غسان الشكعة وغازي الحسيني تندد بالمؤتمر، وتبين خلال مراجعتهم فبركة هذه البيانات وانها لم تصدر عنها.
ومن بين محاولات التخريب العمل على ارسال ايميلات تحمل اسم المؤتمر وتوجيه رسائل شتم لشخصيات وطنية، فيما تؤكد إدارة المؤتمر عدم وجود أي ايميل رسمي يحمل اسمه.
وادعت فتح ان المؤتمر يسعى لاستحداث بديل عن منظمة التحرير، التي غيبّت دور اللاجئين الفلسطينيين في الخارج لعدة عقود.
ويقدر عدد الفلسطينيين في الخارج بستة ملايين فلسطيني، وهم يمثلون نصف عدد الفلسطينيين.
خوف حركة فتح يتلخص في عدد من الأسباب الرئيسية، وفي مقدمتها الخوف من استحداث وسائل وأجسام تمثل الفلسطينيين، وتنازعها مكانتها التي بنت عليها العديد من المصالح الخاصة فيها، لا سيما وأن الجاليات الفلسطينية المشاركة في المؤتمر قد فضحت تقصير الدور الرسمي للسلطة والمنظمة سلفًا في العديد من المحطات.
ويهدف المؤتمر في الأصل لبحث انشاء مؤسسات تضمن تفعيل الدور الفلسطيني، لحين التمكن من اصلاح منظمة التحرير، "فإما ان تفتح الاقفال او لا حاجة لوجود المنظمة" كما يقول حافظ الكرمي رئيس المنتدى الفلسطيني لـ"الرسالة".
وتدرك القيادة المتنفذة للمنظمة أن المؤتمر سيعيد تفعيل الدور الحقيقي للفلسطينيين وسيظهر الثقل لوجود اللاجئين في الخارج، وهو يعني الاضراب بمصالح السلطة الذين اختزلوا المشروع بالسلطة الفلسطينية.
يذكر أن قيادة المنظمة شنّت هجومًا لاذعًا على خطوة تنظيم تحالف العمل الوطني الذي تشكل عام 2008م، واعتبرتها خطوة للصراع على الشرعية، وهو ما يؤكد الموقف العدائي المبدئي لأي تحرك من شأنه ان يستعيد دور اللاجئين، وربطه بشكل مباشر في قضية الصراع على التمثيل.
وبحسب المعلومات، فإن السلطة استعانت باطراف إقليمية آنذاك وجهت رسائل مباشرة لحركة حماس وبقية الفصائل الأخرى المشاركة، تطالبها بالعدول عن هذه المسألة ، وهو ما أسهم في تراجع الخطوة.
وحرّضت السلطة اكثر من مرة على دور الجاليات الفلسطينية في الخارج، وتهجمت قيادة المنظمة على مؤتمر فلسطينيو أوروبا العام الماضي، بل وصل الامر حد تدخل سفارات السلطة لدى بعض الدول الأوروبية وتحريضها على مؤتمرات فلسطينية كما جرى في بلغاريا، ما أدّى لطرد الوفد الفلسطيني المشارك من غزة.
ومع انكشاف الدور الدبلوماسي للسلطة في الخارج، وغياب منظمة التحرير عن كبرى الجرائم التي تعرض لها اللاجئون تحديدا ما جرى في سوريا وتخليها عن النازحين، وعدم قدرتها على وضع حلول لانهاء الخلافات في مخيمات لبنان، مقارنة بتصاعد العمل الشعبي الذي قام بتأدية هذا الدور، كلها أسباب دفعت السلطة لدق ناقوس الخطر امام خطورة هذا الدور على صعيد حضورها الدولي وتحديدا في القارة العجوز.
وتورط الدور الرسمي في هذه البلدان بفضائح سياسية كبرى، من قبيل محاصرة الامن الصيني لمقر سفارة السلطة قبل أعوام، وصولا لاتهام دبلوماسيين لدى السلطة بالتورط في تجارة أسلحة، وليس انتهاءً بشبه الفساد حول الصندوق القومي للمنظمة، كلها صبّت في تعزيز دور الجاليات وفتحت الطريق امامها لتدشين مؤسسات وطنية ومرجعيات يمكنها أن تلعب الدور الغائب للمنظمة.
زياد العالول المتحدث الرسمي باسم المؤتمر الشعبي لتعزيز دور اللاجئين المزمع عقده في الخامس والعشرين من الشهر الجاري في إسطنبول التركية، أكدّ بدوره أن المؤتمر يهدف لتعزيز مفهوم الشراكة السياسية وإصلاح منظمة التحرير.
وأوضح العالول لـ"الرسالة"، أن الهدف من المؤتمر هو اعلاء صوت اللاجئين وتوحيد طاقاتهم واستثمار قوتهم وتعزيز صمودهم، والحفاظ على الهوية والثوابت.
وقال إن المؤتمرون لا يسعون لبناء جسم جديد مختلف عن منظمة التحرير، ولكن في الوقت ذاته سيطالبون وبقوة العمل على اصلاح المنظمة وإعادة تفعيل دورها، " لأنها ليست ملكا لمن يحتكر مفاتيحها في الوقت الراهن".
ويضيف عليه الكرمي، بأنه في حال تعذر اصلاح المنظمة فإنه من المهم البحث عن وسائل واجسام جديدة تضمن تمثيل الفلسطينيين.
من جهته، أكدّ علي هويدي مدير الهيئة (302 ) للدفاع عن حقوق اللاجئين، إن مؤتمر اللاجئين الفلسطينيين المزمع عقده في إسطنبول، يأتي من باب الحرص والدفاع عن المشروع الوطني الفلسطيني.
وقال هويدي لـ"الرسالة"، إن المؤتمر يعتبر منصة سياسية واسعة يشارك فيها مختلف التوجهات السياسية والأهلية والمثقفين والادباء، ويهدف للتأكيد على الثوابت الوطنية و حق العودة، وتفعيل دور اللاجئين الفلسطينيين في الخارج. وشدد على ضرورة إعادة تفعيل هذا الدور من خلال تطوير مؤسسات المنظمة لتكون مظلة جامعة لكل الفلسطينيين.
بدوره، يقول المحلل السياسي شاكر الجوهري، إنّ مؤتمر فلسطينيي الشتات بإسطنبول، سيوجه ضربة لكل المؤامرات الأمريكية الصهيونية، لتصفية القضية الفلسطينية، كما يفرض على المؤتمرين، اتخاذ قرارات حاسمة لإطار فلسطيني دائم، "بديل لمنظمة التحرير الحالية، بعد أن فشل برنامجها فشلا لا حدود له".