إذا ما قررت زيارة محل "جلاسيه الأمير" للمرطبات في مدينة غزة، وبينما أنت جالس تتذوق ما اخترته من المثلجات على طاولة الانتظار داخل المحل، ستلفتك قصاصات ورقية بألوان زاهية تأخذ شكل "البوظة"، وحين تقترب منها تجد عناوين لقصص قصيرة بمواضيع مختلفة وأبطالها شخصيات بسيطة، تغريك لإكمال قراءتها حتى النهاية، لتصل أخيراً لحكمة مقتبسة من أجواء القصة.
مشهد لم يعتد أهل غزة على رؤيته بين أروقة المطاعم أو غيرها من محلات بيع المثلجات، فهذه أماكن بالنسبة لهم فقط لتناول الطعام أو تجاذب أطراف الحديث بين الأصدقاء، غير أن "جلاسيه الأمير" يطل بهذا الأسلوب الجديد ليجعل من قضاء الوقت داخله أمراً ممتعاً ومفيداً في آن واحد، تلك الفكرة بحداثتها واختلافها، دفعت "الرسالة" إلى مقابلة مدير المحل يوسف عماد الوادية، والذي بدأ حديثه بالقول: "نسعى دائماً إلى التميز، فكرة "نشجع القراءة" تأتي من باب المسؤولية الاجتماعية وأنه يجب أن يكون لنا أثر في المجتمع، بحثنا كيف يمكن أن ندخل إلى عالم القراءة بطريقة جذابة ومميزة، اخترنا أن نقدم القصص القصيرة لأنها سهلة وبسيطة ويحبها الجميع، ابتعدنا عن اختيار المقالات أو المواضيع الطويلة دفعاً للملل".
تابع حديثه، وهو يشير إلى النادل أن يقدم ضيافة "للرسالة" كأساً من البوظة، قائلاً "الفكرة موجودة لدي منذ فترة، وهي مجهود شخصي إذ كنت أبحث خلال الفترة الماضية عن مبادرة تندرج تحت عنوان "غذي جسمك وعقلك مع جلاسيه"، ثم اعتمدت وسم "#نشجع_القراءة" للترويج لمبادرتنا من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، واستشرت مجموعة من الأساتذة الجامعيين الذين شجعوني وقدموا لي النصائح لتطوير الفكرة."
وأضاف يوسف وهو يقلب إحدى القصص بين يديه "اخترنا تصميماً مميزاً على شكل بوظة في محاولة لجذب القارئ، والقصص التي نقدمها بسيطة وتناسب كافة الأعمار، وكل قصة تنتهي بحكمة أو نصيحة نسعى من خلالها إلى تغيير الشخص الذي يزورنا ويقرأها للأفضل."
أحضر يوسف للرسالة مزيداً من القصص الجاهزة لديه، وغير المعروضة على طاولات المحل، حيث ينوي عرضها على فترات خلال الأيام المقبلة، كنوعٍ من التجديد وكي لا يشعر زائرو المحل بالملل، خصوصاً أن الحملة ستبقى مستمرة.
وقد لفتت نظر الرسالة عمق المعنى التي تحمله نهايات القصص والتي لا بد أن تقدم رسالة عميقة للقارئ.
وحين سألنا عن ردود فعل الزبائن تجاه حملة "نشجيع القراءة" قال يوسف: "المبادرة ما تزال حديثة التطبيق، ولكننا وجدنا إقبالًا إيجابياً من الجمهور، وتشجيعاً على استمرارها، ونحن بدورنا نشجع أن تكون هذه الفكرة بداية لأفكار اجتماعية أخرى جديدة تقدمها المحلات الأخرى، كي نفيد المواطن والمجتمع على حد سواء".
وقبل أن نغادر أروقة "جلاسيه الأمير" أخبرنا مدير المحل أن هذه المبادرة ليست أولى خطواتهم في طريق المبادرات، إذ أعلنوا منتصف العام الماضي عن حملة تشجيعية لطلبة المدارس، من خلال تقديم بوظة مجانية لكل طالب يحصل على درجة كاملة في ثلاثة اختبارات مدرسية خلال شهر واحد، ومن المقرر أن تتكرر ذات المبادرة هذا العام.