شكّل طرد السلطات المصرية أمين سر اللجنة المركزية لحركة فتح جبريل الرجوب، صدمة في الأوساط الفتحاوية، لا سيما وأنها الخطوة الأكثر وضوحًا عن حالة العداء القائمة بين الطرفين، منذ رفض رئيس السلطة محمود عباس المبادرة العربية التي قدمتها مصر لاجراء مصالحة فتحاوية داخلية.
تيسير نصرالله عضو المجلس الثوري لحركة فتح رأى، في حديث مع "الرسالة نت"، أن هذه الخطوة رسالة عدائية موجهة للرئيس محمود عباس وتطور خطير طرأ على العلاقة بين الجانبين.
وكانت صحيفة اليوم السابع المصرية قد ذكرت أن الرجوب قد تم منعه من دخول الأراضي المصرية الاحد الماضي.
مختصون في الشأن السياسي أيدوا ما ذهب اليه نصر الله في احاديث خاصة بـ"الرسالة نت"، ووجدوا فيها تعبيرًا واضحًا عن حالة العداء القائمة، ومدى الاستجابة المصرية للقيادي المفصول من فتح محمد دحلان خاصة الجهات الأمنية هناك، لاسيما وأن المطرود هو الغريم السياسي له والمتهم بعرقلة محاولة ارجاعه لفتح.
وأكدّ المختصون أن طرد السلطات المصرية لأمين سر حركة "فتح" جبريل الرجوب من الأراضي المصرية ومنعه من دخولها، هو تعبير عن الغضب الرسمي تجاه قيادة حركة "فتح" ولا سيما الرجوب الذي وقف ضد المبادرة الرباعية التي هدفت لاجراء مصالحة فتحاوية داخلية.
وصرّح الرجوب آنذاك بانه ضد ما اسماه بـ"التدخل الخارجي في الشأن الفتحاوي" ما اعتبرته مصر إساءة لها.
والرجوب هو الشخصية الفتحاوية الوحيدة التي تم طردتها السلطات المصرية من قيادة فتح عقب المؤتمر السابع الذي عقد نوفمبر الماضي.
المحلل السياسي فايز أبو شمالة، قرأ في هذه الخطوة بأنها رسالة غضب موجهة من مصر الى الرئيس الفلسطيني محمود عباس، ويعكس مدى الاستجابة المصرية لدحلان ضد قيادة فتح، مؤكدًا بأنها إشارة لمرحلة قادمة ترتبها القاهرة لدحلان في الفترة المقبلة.
وقال أبو شمالة لـ"الرسالة نت"، إن ما جرى رسالة ضمنية لعباس بأنك لست المتصرف الوحيد، وأنه تعبير عن خلق بدائل جديدة للقيادة الفلسطينية.
وأوضح أن مصر بثقلها الأمني والسياسي عبرّت عن سخطها من تجاوز عباس لتوجيهاتها وقراراتها، وخطوتها رسالة بأنها موجودة وأنها حاضرة ولن تسمح لعباس برمي قراراتها عرض الحائط.
الحدث يأتي ثأرًا مصريًا من الرجوب لتعديه عليها
وكان عباس قد رفض المبادرة العربية التي تقدمت بها مصر قبل اشهر، لاجراء مصالحة فتحاوية داخلية، وركل بقدمه دحلان وفريقه خارج الحركة.
ولفت الى ان الرسالة المصرية هي رد على تصريحات صائب عريقات في القاهرة، والتي قال فيها ان علاقة السلطة بمصر حسنة وان أبو مازن سيزورها قريبًا، "فجاء الرد من الجانب المصري بطرد الرجوب ليؤكد بأنه العلاقة سلبية وأنه لن يسمح بزيارة عباس ما لم يعدل عن مساره".
ويرى أبو شمالة أن مستقبل العلاقة بين الطرفين مرهون بمدى استجابة عباس للمبادرة المصرية، مشيرا الى اطراف المنطقة قد تدعم في لحظة ما عقد مؤتمر فلسطيني يوجد بديلا عن القيادة الحالية، لا سيما وأن هناك حلا سياسيا إقليميا القاهرة لحل القضية الفلسطينية.
ويؤيده المحلل السياسي طلال الشريف المقرب من دحلان، الذي رأى أن ما جرى يأتي في سياق التجاذبات الداخلية في حركة فتح، وعقاب مصري للرجوب على تصريحاته السلبية ضد المبادرة العربية، كما وأنها في سياق توجيه رسائل سلبية لعباس.
وقال الشريف لـ"الرسالة نت" أن الحدث يعبر عن سياق الغضب المصري تجاه قيادة السلطة وعقاب للصلف الذي قابلت فيه المبادرة العربية، ولم تنسى القاهرة رد فعل الرجوب وتصريحاته ضدها.
وبحسب الشريف، فإن ما حدث يمكن توصيفه بأنه ثأر من الرجوب ودفع الرئيس فاتورة موقفه في المؤتمر السابع الذي تجاهل فيه الموقف المصري.
كما يؤكد المحلل السياسي اكرم عطا الله لـ"الرسالة نت" أن السلوك المصري تعبير عن حالة الفتور في العلاقة بين فتح والسلطة مع الجانب المصري، والتي لم يتدارك أي منهما لتحسينها خلال الأشهر الماضية.
وقد شنّ الإعلامي المصري تامر امين هجومًا على جبريل الرجوب والسلطة الفلسطينية، الذي قال انها فاقدة للشرعية.
من جهته، أكّد المختص في الشأن السياسي مصطفى الصواف، أن الخلاف بين الرجوب والسلطات المصرية لم يبدأ من لحظة وجوده في الأراضي المصرية، بل كان منذ رفضه للمبادرة العربية للمصالحة مع دحلان.
ويؤكد الصواف لـ"الرسالة نت"، أن مصر ترى في دحلان بأنه الشخصية المناسبة التي يمكن أن تبني معه علاقات كما فعلت من قبل مع عباس، بينما الرجوب هو شخصية غير مرغوب فيها.
ويشير الى ان تصحيح العلاقة بين السلطة ومصر مرهونة بمدى انصياع عباس للقرارات المصرية.