قليلًا ما يسمع سكان قطاع غزة عن منطقة "خربة العدس" الواقعة شمال مدينة رفح، والتي كانت تزهر في أرجائها أشجار البرتقال التي يأكل منها جنوب قطاع غزة بأكمله، عدا عن سلة خضار متنوعة.
وفي التعريف الأولي للمنطقة، تعتبر خربة العدس منطقة زراعية تحدها من الشمال قرية مصبح ومن الجنوب طريق عوني ضهير المؤدي إلى وسط البلد ومن الشرق حي الجنينة ثم قرية الشوكة ومن الغرب مخيم الشابورة للاجئين كما أنها منطقة مرتفعة نسبيًا وتشرف على مساحة جيدة من مدينة رفح.
وفي سبب التسمية، يقول الحاج أبو محمد النحال إن أصل التسمية يعود إلى أن المنطقة كانت قبل عام 1900 تشتهر بزراعة العدس، وكما كانت منطقة طينية، ما تسبب في تعريفها بين سكان غزة والمناطق المجاورة بأرض العدس ومن ثم خربة العدس أي عزبة.
وأوضح أن سكان المنطقة لم يكن يتجاوز الثلاثين مواطنًا مقسمين على عدة أراضٍ زراعية، ويقطنون في بيوت من الطين ومعرشات من عسف النخيل الذي كانوا يجلبونه من مناطق غرب رفح.
وفي ديوان عائلة النحال، اجتمع عدد من كبار السن الذين يمثلون مخاتير العائلة، عدا عن كونهم من وجهاء المنطقة ككل، ليحدثوا "الرسالة" عن عادات وتقاليد "خربة العدس" على مدار العقود الماضية.
ويقول الحاج أبو أحمد النحال الذي يبلغ 97 عامًا، إن أي مناسبة كانت تحدث في المنطقة يجتمع فيها كل أفراد العائلات الأصلية وهي عوائل النحال وقشطة والشاعر وزعرب وضهير.
وأشار إلى أن العائلات كانت تعتمد في عادات الزواج والنسب على ذات العوائل من سكان المنطقة، في اختيار العرائس للشبان، فيما يبدأ تزويجهم من سن ال 20 عامًا وفي حد أقصى يصل إلى 25 عامًا.
وأوضح أن الأوضاع اختلفت في الخربة خلال السنوات الخمس عشر الأخيرة، بحيث كثرت الأعداد، ودخلت عادات جديدة على المنطقة، فيما كان سابقًا يلتزم كل سكان الخربة بحديث كبار المنطقة، وهذا الأمر تبدد مؤخرًا.
وأجمع سكان منطقة "خربة العدس" ووجهاؤها على أن أبرز الأزمات الدائمة تتلخص في مشاكل شبكات الكهرباء والمياه وتعبيد الشوارع الفرعية فيها، فيما دعوا إلى الاهتمام بالمنطقة.
ويشير المزارع أبو محمد الشاعر إلى أن منطقة "خربة العدس" قدمت عددًا من الشهداء والجرحى والأسرى على مدار سنوات الصراع مع الاحتلال (الإسرائيلي) وخصوصًا في انتفاضتي الحجارة والأقصى، عدا عن الحروب الثلاثة الأخيرة على غزة.
وقال الشاعر إن خربة العدس كانت غنية بالزراعة، حيث تنتج سلة خضروات متكاملة على مدار عشرات السنوات، عدا عن كميات الحمضيات التي تنتجها من بساتينها المتناثرة في مناطق الخربة كاملة.
ويضيف الشاعر أن نسبة الأراضي الزراعية تراجعت بشكل جنوني خلال السنوات العشر الأخيرة، بعد اتجاه سكان الخربة إلى بناء منازل جديدة في ظل تزايد أعدادهم، وبيع الأراضي لسكان جدد والاستفادة من الأموال.