تصر السلطة الفلسطينية على لعب دور الحارس الأمني للاحتلال في الضفة الغربية، وتسعى بين الفينة والأخرى لتقديم الولاء والقرابين له من خلال الاستمرار في سياسة التنسيق الأمني والتي راح ضحيتها العديد من الشهداء.
ولم تحرك السلطة ساكنا رغم انتهاك الاحتلال لحرمة مناطق نفوذها، حيث ارتقى الشهيد باسل الأعرج في مدينة رام الله الخاضعة لسيطرتها، والتي تضم المقاطعة وغالبية قيادات السلطة دون أن يتدخل أيا من أفراد الأجهزة الأمنية لصد جنود الاحتلال الذين ارتكبوا جريمة الاغتيال.
الشهيد الأعرج لم يكن الوحيد الذي ارتقى في المدن الخاضعة للسلطة بل سبقه عدد من الشهداء الذين استفرد بهم الاحتلال واشتبك معهم، وخرجت بعدها قيادات الأجهزة الأمنية في الضفة الغربية لتفتخر بإحباطها العشرات من العمليات الفدائية ضد الاحتلال.
الرئيس الأسبق لجهاز "الشاباك" عامي أيالون، أشاد نهاية العام الماضي بالتنسيق الأمني بين سلطة رام الله وسلطات الاحتلال، مؤكّدًا أنه "لولا هذا التنسيق لما تمّ إحباط عمليات إرهابية كبرى"، على حد تعبيره.
وقال أيالون، "لقد تجاوز التنسيق الأمني مع الجانب الفلسطيني في بعض الحالات مرحلة التعاون الاستخباري، ليصل إلى حد التعاون الثنائي في العمليات الميدانية".
وكشف موقع “انتيليجينيس اون لاين” الفرنسي عن عقد جهازي الشاباك والوقائي لثمانين لقاءً سرياً على الأقل خلال عام 2016.
الأجهزة الأمنية لم تكتف بالتقارير المرفوعة للاحتلال عن الحالة الأمنية بالضفة، بل تعدت ذلك بممارسات قمعية على الأرض وملاحقة وإبلاغ عن مطلوبين للاحتلال، بل من المقرر أن تعقد محاكم السلطة في الثاني عشر من الشهر الجاري في رام الله محاكمة للشهيد الصيدلي باسل الأعرج الذي ارتقى مؤخراً برصاص الاحتلال، وهو معتقل سياسي سابق لدى أجهزة السلطة.
وتحاكم السلطة الفلسطينية الشهيد الأعرج على خلفية حيازته السلاح مع مجموعة من رفاقه كانوا يخططون لتنفيذ عمليات ضد الكيان العبري.
رحل الشهيد الأعرج وبقي موعد محاكمته ليمثل وقودا يشعل الضفة الغربية التي أكتوى سكانها بنار التنسيق الأمني.
وفي السياق، يذكر الخبير الأمني اللواء يوسف الشرقاوي أن السلطة ترى التنسيق الأمني مقدسا، ولا تكتفي بانتشار أكثر من 40% من جيش الاحتلال في الضفة وعلى حدود غزة بل تزوده بالمعلومات، مشيرا إلى أن السلطة واهمة إذا كانت تعتقد أن التنسيق الأمني يقويها بل هو يضعفها والاحتلال سيطالبها دائما بالمزيد، وفق قوله.
وبحسب الخبير الأمني فإن الكاتب (الإسرائيلي) يوسي سريد خاطب أبو مازن في أحد مقالاته قائلا: لو قتلت نصف شعبك تقربا (لإسرائيل) فل تحصل على مقابل.
وبين أن الاحتلال يتعامل مع الأجهزة الأمنية كمخبرين لديه، لتقلل من قيمتهم أمام الشعب الفلسطيني.
يذكر أن موقع "والا" العبري قال في بداية حزيران الماضي إنه وعلى الرغم من تهديدات السلطة الفلسطينية المتكررة بوقف التنسيق الأمني، إلا أن الواقع على الأرض معاكس لهذه التهديدات، والتنسيق آخذ في الازدهار والتطور.
وبحسب موقع "فلسطين نت" فإن السلطة حرصت خلال التحقيق مع الشهيد باسل الأعرج ومجموعته على انتزاع أكبر قدر ممكن من المعلومات حول المجموعة ومخططاتها إلا أن صمود الشهيد في التحقيق منعهم من الحصول على كافة التفاصيل، ويوضح أن هذا أتاح للشهيد الاختباء طوال الفترة التي أعقبت الإفراج عنه من سجون السلطة.
يذكر أن محاكم السلطة كانت قد عقدت محكمة للشهيد محمد الطيطي في 7/4/2013 من مخيم الفوار جنوب الخليل بعد استشهاده في 13/3/2013، كما تواصل محاكم سلطة رام الله عقد جلسات لمحاكمة أسرى فلسطينيين موجودين حاليًّا في سجون الاحتلال وسط استهجان الشارع الفلسطيني لإنكار السلطة لتضحيات الشهداء والأسرى.