تقرير مراقب الدولة يفضح أزمة القيادة في "إسرائيل"

غزة-محمد شاهين

فجر تقرير مراقب الدولة شابيرا فتيل الأزمة وسط القيادة الإسرائيلية بعد أن كشف عن فشل جيش الاحتلال خلال العدوان الأخير على قطاع غزة، وفضح ضعف قادة الحرب الذين تحكموا في مجرياتها عام 2014.

ولم يتوان مراقب الدولة عن تحميل مسؤولية فشل العدوان لمطبخ قادة الاحتلال الذين طهوا القرارات الحاسمة، وطوعوا قوة الجيش تحت إمرتهم بقيادة رئيس الوزراء بنيامين نتنياهو، ووزير الحرب موشيه يعلون، ورئيس أركان الجيش باني غانتس.

وسلط التقرير الضوء على عجز قيادة الاحتلال عن القضاء على أنفاق المقاومة التي تسببت في إلحاق خسائر فادحة في صفوف الجيش، واتهم التقرير نتنياهو بفتح جبهة غزة دون أن يحدد أهدافه ورفضه أي بدائل سياسية تشاركه قرارات الحرب.

وكشف التقرير تعمد وزير الحرب يعلون اخفاء خطورة الحرب ومآلاتها، وتحفظ على حقيقة عجز الاستخبارات عن تأمين المعلومات الكافية لضرب الأهداف التي تكبد المقاومة الخسائر المطلوبة ولم يستعرض أيا منها على طاولة الكابينيت الاسرائيلي.

وواصل التقرير الانتقادات للقادة الثلاثة بعد أن أوصوا باستخدام الهجمات الجوية دون تحديد أهداف فعالة، ولم يكن يملك الجيش خططا مسبقة لإدارة الحرب ما تسبب بافتقار سلاح الجو إلى بنك أهداف يحسم المعركة مع المقاومة في قطاع غزة.

تنافس الأحزاب السياسية للإطاحة بنتنياهو والوصول لرئاسة الوزراء دفع قادتها الى اتخاذ "شابيرا" عكازاً لفضح فشله، وبث التصريحات المنتقدة له بعد أن استفرد في القرارات الحاسمة خلال المواجهة وتحميله الجزء الأكبر من مسؤولية الفشل.

ويعد تصريح رئيس المعارضة هرتسوغ الأكثر حدة من بين الانتقادات الكثيفة التي وجهت لنتنياهو بعد صدور التقرير حيث قال "إن التقرير كشف عن أوجه تقصير نتنياهو والمجلس الوزاري المصغر في أداء مهامهم، حيث أخفقوا في إدراك التهديدات وتحديد الاستراتيجية وتجهيز جنود جيش "الدفاع" والمواطنين ولا سيما سكان الجنوب"، وفق تعبيره.

وأضاف هرتسوغ "إن مضمون التقرير يجب أن يثير الهلع والقلق لدى الإسرائيليين"، داعياً نتنياهو إلى الاستقالة.

ويرى المختص في الشأن الإسرائيلي د. "جمال عمرو" أن تقرير مراقب الدولة كشف عن أزمة "زعامة" تعاني منها (إسرائيل)، بعد أن أكد على فشل رئيس الوزراء نتنياهو وحكومته الذريع في قيادة دولة الاحتلال خلال العدوان الأخير.

وقال عمرو للرسالة "إن التقرير رغم انتقاداته الكبيرة لنتنياهو والمجلس الوزاري المصغر إلا أنه أخفى حقائق كبيرة لم يجرؤ على كشفها تتعلق بحجم الخسائر الحقيقية في الأرواح والإصابات التي تكبدها الجيش في صفوف جنوده ما كان سيحدث عاصفة كبيرة بين الإسرائيليين".

وأكد عمرو أن التقرير يشكل نقطة انطلاق للمعارضة للإطاحة بنتنياهو خلال الفترة المقبلة، كونه الورقة الوحيدة الرابحة في يدها بعد أن استطاع شابيرا تهشيمه بشكلٍ كامل.

وأشار عمرو إلى أن كرة النار التي أنتجها التقرير تدحرجت إلى أن وصلت الحالة "الإسرائيلية" لإعلان وزير الحرب موشيه يعلون عن تأسيس حزب سياسي جديد ليثبت للجمهور بأنه ليس الرجل الأسوأ بالعدوان الأخير وأنه قادر على ترميم ما أفسده حكم نتنياهو.

وأوضح عمرو إن إعلان يعلون عن تأسيس حزب سياسي سيجعله يكشف عن مزيد من التفاصيل والحقائق التي أخفيت بعد العدوان والتي كان قد حذر نتنياهو من وقوعها دون أن يستجيب لها.

ورأى عمرو أن المشهد الإسرائيلي دخل في النفق المظلم بعد صدور التقرير الذي كشف عن حالة الضياع التي تعاني منها القيادة الاسرائيلية في التعامل مع قطاع غزة، وسقوط الخيار العسكري من الخيارات المناسبة لحل هذه الأزمة.

ويتكون تقرير شابيرا من مئتي صفحة واستمر اعداده ما يقارب العامين، وشارك فيه العشرات من المختصين الذين تم الاستعانة بهم لهذه المهمة، ويرى محللون أن التقرير يحمل جانبا مهنيا، ويخلو من اي حسابات سياسية، لأن مراقب الدولة يتم انتخابه مباشرة من الكنيست وليس للحكومة أي دور فيه، ولا يمكن اقالته إلا بتوافق ثلاثة أرباع أعضاء الكنيست.

البث المباشر