قائمة الموقع

​الخلافة والتسوية.. أبرز أسباب غضب مصر من عباس ورجاله

2017-03-11T12:09:01+02:00
​غزة-شيماء مرزوق

تدهورت العلاقة بين السلطة الفلسطينية والسلطات المصرية بشكل غير مسبوق، لا تخطيء العين مؤشراته التي خرجت للعلن منذ شهور كان آخرها طرد سلطات مطار القاهرة القيادي في حركة فتح جبريل الرجوب ومنعه من دخولها قبل أيام.

الرجوب الذي يعتبر الرجل الثالث في حركة فتح كونه أمين سر لجنتها المركزية وأحد المرشحين لخلافة عباس يعتبر القيادي الفتحاوي الأول الذي يطرد من مصر، فيما لا يتوقع ان يكون الأخير في ظل ما تردد عن تسليم مصر قائمة بأسماء قيادات فتحاوية للسلطة في رام الله وضعوا على لائحة الممنوعين من دخول أراضيها.

وربما الموقف المصري ضد الرجوب يأتي كونه أحد خصوم ومنافسي القيادي الفتحاوي المفصول والمدعوم من مصر محمد دحلان، وذلك منذ حقبة التسعينات حيث شغل دحلان منصب رئيس جهاز الامن الوقائي في غزة، بينما كان الرجوب على رأس ذات الجهاز في الضفة.

كما أن رجوب من أشد المعارضين للمصالحة بين عباس ودحلان، كما أعلن عدة مرات رفضه مبادرة الرباعية العربية "مصر والأردن والسعودية والإمارات" لإجراء مصالحة فتحاوية داخلية وإعادة دحلان لصفوف الحركة.

في المقابل ورغم الهدوء وضبط النفس الذي تحاول السلطة ممارسته اتجاه القاهرة التي باتت تتخذ مواقف صارمة معها، إلا أنها لا تخفي خشيتها من مخططات مصرية لفرض دحلان على الساحة الفلسطينية. ويبدو أن مصر حسمت خيارها اتجاه دحلان وأنها لا ترى غيره بديلا مناسبا لرئاسة السلطة الفلسطينية خلفاً لعباس، وبعدما فشلت في تعبيد طريق المقاطعة له من خلال المصالحة التي أغلق أبو مازن كل أبوابها، ستلجأ إلى خيارات أخرى تفرضه بالقوة على رئيس السلطة الثمانيني ورجاله.

وتعتبر أزمة دحلان لب الخلاف القائم بين القاهرة ورام الله إلى جانب قضية أخرى تسربت تفاصيلها خلال الأيام الماضية والتي تتحدث عن سبب إضافي للغضب المصري على السلطة وهو رفض الأخيرة المشاركة في القمة الإقليمية التي كان من المقرر عقدها في مصر بمشاركة رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو وعدد من زعماء المنطقة قبل نصف عام.

وبحسب صحيفة هآرتس العبرية فإن موقف عباس ناتج عن قناعته بجدية نتنياهو في دفع مبادرة سلام إقليمية. وقالت الصحيفة أن السيسي وافق على الانخراط في هذه اللعبة، وجون كيري الذي أراد ان ينهي فترته في الخارجية الامريكية بنتيجة أيا كانت.

وربما ترى مصر في مبادرة السلام الإقليمية التي اقترحها نتانياهو وتراجع عنها فيما بعد سببا إضافيا لدعم دحلان الذي سيعمل بقوة على دفع عملية التسوية حال وصوله لرئاسة السلطة، كما سيكون على تنسيق مباشر ودقيق مع القاهرة في كل تفاصيل التسوية التي تسعى مصر من خلالها التأثير على مجريات الأحداث في المنطقة واستعادة دورها كقوة إقليمية.

وتعتقد مصر أن عباس بات رجلا ضعيفا ويحاول إبقاء الوضع من حوله على ما هو عليه في الوقت الذي تسير فيه المنطقة بأحداث متسارعة تتطلب تحركات إقليمية لفرض عدد من الملفات في المنطقة ربما تبدأ بالقضية الفلسطينية والتي ستؤثر بدورها على باقي القضايا العالقة.

وتتلخص مبادرة نتانياهو في ثمانية نقاط أبرزها الالتزام بحل الدولتين ووضع نهاية للصراع وانهاء جميع المطالب، والحصول على اعتراف متبادل بين دولتين قوميتين، مع ترتيبات أمنية متواصلة وحل جغرافي متفق عليه يعترف ايضا بالمراكز السكانية القائمة.

إلى جانب اجراء مفاوضات ثنائية مباشرة دون شروط مسبقة، كما تنظر (إسرائيل) بشكل ايجابي لروح مبادرة السلام العربية والعوامل الايجابية فيها، وتبارك بدء المحادثات مع دول عربية حول هذه المبادرة من اجل عكس التغييرات الدراماتيكية في المنطقة في السنوات الأخيرة.

وقبل نتانياهو في مبادرته تجميد هادئ لنشاط (إسرائيل) في مستوطنات الضفة، مع إصرارها على ضم الكتل الكبيرة إطار الاتفاق النهائي.

وقد أكد نتانياهو في الوثيقة التي عرضها على المعارضة الإسرائيلية انه سيعمل مع السلطة الفلسطينية على تحسين الوضع الاقتصادي بشكل كبير، وتعزيز التنسيق الأمني، إلى جانب رغبته في استقرار بعيد المدى في قطاع غزة، بما في ذلك الاعمار الانساني والترتيبات الامنية الناجعة.

وترى مصر في هذه الوثيقة فرصة تاريخية يمكن البناء عليها في الظروف الراهنة للمضي قدماً في تسوية إقليمية تشمل الدول العربية خاصة السعودية والامارات، خاصة أن (إسرائيل) تصر على بند المشاركة الإقليمية في أي تسوية قادمة ما يضمن لها تطبيع علاقاتها مع جميع الدول العربية في إطار انهاء الصراع وتصفية القضية الفلسطينية بشكل نهائي.

وأمام رفض عباس لهذه المبادرة وقناعته بأن نتانياهو يتلاعب بالجميع ولا نية جدية لديه لتحريك عملية التسوية، تتعزز القناعة المصرية ومن خلفها العربية أن الرجل هرم وبات غير قادر على قيادة مشروع سياسي وأن كل ما يعنيه هو المحافظة على وضعه الحالي وضمان مستقبل عائلته في حال مغادرته السلطة.

ويظهر هنا دحلان امام المصريين كرجل المرحلة القادمة الذي يتمتع بالمرونة والعلاقات المتينة مع دول عربية وإقليمية وحتى غربية أبرزها أميركا، ويحاول تسويق نفسه باستمرار أنه سيسعى لإيجاد حل للقضية الفلسطينية تنهي حالة الصراع القائمة وهو ما يقوي فرصه لدى القاهرة وباقي العواصم العربية التي باتت تدير ظهرها بوضوح لعباس.

اخبار ذات صلة