قائمة الموقع

​لقاء عباس-ترامب.. الشرعية الأمريكية مقابل المال وصيغ التسوية

2017-03-11T12:39:05+02:00
​غزة-شيماء مرزوق

تغيير لافت طرأ على العلاقة بين السلطة الفلسطينية وإدارة الرئيس الأميركي دونالد ترامب الذي هاتف الرئيس محمود عباس الجمعة للمرة الأولى منذ دخوله البيت الأبيض قبل حوالي الشهرين، وذلك بعد يوم واحد من إعلان بلاده أنها ستستأنف المساعدات المالية المقدمة للفلسطينيين دون أن تذهب لموازنة السلطة وانما لدعم نشاطات إنسانية.

ولكن المؤشر الأقوى جاء عقب دعوة ترامب لعباس زيارة البيت الأبيض الأسبوع القادم ما يعكس خطوة متقدمة لم تكن متوقعة في ظل الموقف الجاف الذي أظهرته الإدارة الامريكية للسلطة خلال الفترة الماضية.

ويحمل هذا الموقف الجديد عدة مؤشرات هامة يمكن تلخيصها في عدة ملفات:

أولاً الملف السياسي: يأتي هذا الموقف ضمن مشاريع التسوية السياسية التي تطرح مؤخراً لتصفية القضية الفلسطينية، حيث تؤكد اميركا أنها تبحث عن صيغة للحل بعيداً عن حل الدولتين بشكلها المعروف والمتفق عليه في أوسلو وبعدها، والذي يقوم على دولة فلسطينية على حدود عام 1967 وهو الأمر الذي أصبح غير قائم حالياً.

وقد تراجعت أميركا عن موقفها الرافض لحل الدولتين بالمطلق، مبدية قبولها إضافة تعديلات على صيغة الحل بما يتلاءم مع الوقائع على الأرض حالياً، إلى جانب إلقاء القضية في إطار إقليمي أكبر وهو ما تسبب في الخلاف بين السلطة ومصر مؤخراً.

وقد رفض عباس حضور لقاء القمة الإقليمي الذي عقد العام الماضي لبحث القضية بحضور جون كيري وزير الخارجية الأميركي السابق والرئيس المصري عبد الفتاح السيسي والعاهل الأردني عبد الله الثاني إلى جانب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتانياهو، حيث تبنى السيسي المشروع بصيغته الإقليمية.

في المقابل فإن الاتصال الذي جرى بين عباس وترامب تضمن إصرار الأخير على ضرورة البدء بلقاءات مباشر بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي وهو تبني واضح للموقف الإسرائيلي إلى جانب أنه يظهر رفض الولايات المتحدة لصيغة تدويل القضية كما يحاول عباس.

ثانياً الملف المالي: من الواضح أن ترامب يعتمد سياسة مالية مختلفة اتجاه السلطة الفلسطينية وذلك من خلال وقف المساعدات خلال الفترة الماضية ومن ثم تحويلها نحو برامج جديدة بعيداً عن دعم موازنة السلطة وهو ما يطرح تساؤل حول هذه السياسة هل هي ابتزاز للسلطة أم إعادة توزيع للمال بطريقة مختلفة؟.

وربما اللافت في الأمر هو توجيه جزء من هذه الأموال نحو إعادة الاعمار، فذكر غزة تحديداً في هذا السياق ربما يكون فكرة إسرائيلية، خاصة أن الأخيرة تتحدث بوضوح أن الضفة الغربية تحت السيطرة والمشكلة الحقيقية تكمن في قطاع غزة والذي يجب التعامل مع مشاكله الطارئة على الأقل.

ويأتي القرار الأميركي بعد فترة بسيطة من اعلان الاتحاد الأوروبي وقف دعم رواتب السلطة للمستنكفين في غزة وتوجيه هذه الأموال نحو الطبقات الفقيرة مثل الحماية الاجتماعية، وهو ما يشكل حالة من الضغط على موازنة السلطة.

وتتلقى السلطة الفلسطينية منذ العام 1994 سنوياً مساعدات مالية ثابتة، حيث يدفع الاتحاد الأوروبي 350 مليون دولار، فيما تدفع الولايات المتحدة 220 مليون دولار.

وفي العام 2016 بلغ مجموع ما دخل موازنة السلطة من مساعدات خارجية فقط 350 مليون دولار في حين بلغت قيمة المساعدات الخارجية التي وصلت إلى مؤسسات المجتمع المدني مليار و100 مليون دولار ما يعني أن جل المساعدات بدأت تتجه لهذه المؤسسات بعيداً عن السلطة وهذا له علاقة بعاملين:

الأول: ضغوط سياسية، والثاني: نقص الشفافية لدى السلطة والفساد الكبير في مؤسساتها.

ومن المتوقع أن تعاني السلطة خلال العام الجاري والسنوات المقبلة من شح المساعدات والمنح الخارجية والتي تعتبر بند ثابت في الموازنة وغيابها أو تقليصها بشكل كبير يشكل تحدي للسلطة ويضعها أمام أزمة مالية قد تدفعها لعدة خيارات أبرزها ستكون ضد غزة وهي الحلقة الأضعف بالنسبة للسلطة:

الخيار الأول: وقف دفع الرواتب لموظفي السلطة المستنكفين في القطاع والبالغ عددهم قرابة 60 ألف موظف (33 ألف عسكري-27 ألف مدني).

الخيار الثاني: إحالة عدد كبير منهم قد تصل لـ ـ70% أو جميعهم للتقاعد إجبارياً.

وتكمن خطورة هذا الملف بأنه قد يشكل سبب رئيس في فك الارتباط المالي والإداري بين غزة والضفة الغربية وهو آخر الخيوط التي تربط جناحي الوطن.

ثالثاً الملف الميداني: من المتوقع أن يدور النقاش في اللقاء المرتقب حول نقل السفارة إلى القدس، والثمن الذي قد يطلبه ترامب مقابل عدم تأجيج الأمر.

ويدرك عباس أن أقصى ما يمكن أن يقدمه له ترامب هو أن يجعله ضمن قائمة الحلفاء الأمريكيين وعدم انتقاله لخانة الأعداء والمحافظة على كيانه السلطوي.

ومجرد اللقاء والصورة التي سيخرج بها هي هدف كبير بالنسبة للرئيس الثمانيني الذي يشعر خلال الفترة الأخيرة انه محاصر ومحارب داخلياً وعربياً ودولياً وبالتالي فان كونه من زوار البيت الأبيض يعني تجديد الشرعية الأميركية له التي تمنحه حصانة داخلية وعربية، مع ادراكه أن الإدارة الأمريكية لن تمنحه أكثر مما منحته إدارة أوباما ومشروع كيري الذي وصل لنتيجة مفادها أن نتانياهو مراوغ كبير وغير معني بأي حلول.

اخبار ذات صلة