قائد الطوفان قائد الطوفان

صور: لأول مرة "الأرض بتتكلم" في غزة!

212
212

الرسالة نت- أمل حبيب

تتسابق أمواج البحر بقوة ثم سرعان ما تستسلم على الشاطئ أمام أول منحوتة رملية تروي حكاية فلسطين على طول 75 مترًا وعرض 4 أمتارًا، في حين تواصل العطاء لأربع وعشرين ساعة الى أن تكلمت الأرض لأول مرة في معرض الفنان أسامة سبيتة!

"الأرض بتتكلم" كانت أول من استقبلنا على لافتة كبيرة علقت في سماء ميناء غزة ليدعوك الفضول للاقتراب تدريجيًا منها، متجاهلًا البحر بزرقته، لتتأمل أول معرض للنحت على رمال الشاطئ في الوطن العربي.

بداية الحكاية

في اللوحة الواحدة يأخذك أسامة برحلات زمنية تبدأ بمنحوتة نصها "بداية الحكاية" سرعان ما تشعر بالضياع وأنت تمر بمنحوتة النكبة مرورًا بجارتها النكسة واحراق المسجد الأقصى، حتى أنك قد تستحضر مشاهد من المجازر الصهيونية بحق الفلسطينيين لدى ابصارك لصبرا وشاتيلا وقد نحتها سبيتة بإتقان.
لم يبدع أسامة في اختيار فكرة معرضه الأول فحسب، بل تفنن في ملئ الفراغات وربط الأحداث الفلسطينية الأبرز التي حفرت بالذاكرة قبل رمال الشاطئ.

رسام البحر كما يلقبه الكثيرون كان يتصبب عرقًا وأشعة الشمس غيرت لون بشرته حتى أن عيناه الخضراوين تحولتا كما زرقة البحر.
"الرسالة نت" وأول ما قابلته كان مشغولًا في وضع لمساته الأخيرة على منحوتاته، يداعب حبات الرمل تارة بكفيه وتارة أخرى يبتسم أمام عدسات المصورين الذين وقفوا تباعًا ليلتقطوا له صورة وكلمة.

أسامة الذي وقف بين الحاضرين ومن خلفه البحر وعن يمينه المعرض، التصق الرمل على ذراعيه ووجهه دون رغبة منه في مسحه أو إزالته، وقال مُرحبًا بالحضور:" هذه اللوحة تعبر عن القضية الفلسطينية وتؤكد تمسكنا بثوابتها".

التمسك بالثوابت كان حاضرًا خلال المعرض حينما ضرب الشباب الأرض بأقدامهم على أنغام ترانيم الدبكة الفلسطينية، في حين حضرت البادية بنشامة أهلها إذ استندت الأكتاف على بعضها في سلسلة للدحية.

موسوعة غينيس

أسامة الذي كان له من اسمه النصيب الأكبر، فلن يقبل الخسارة في أي معركة تحدي كما الأسد تمامًا حيث قال بنبرة تحدي خلال ختام معرضه:" مستعد لتحطيم الرقم القياسي لأكبر لوحة رملية في موسوعة غينيس" .
حيث أعلن الفنان أسامة أن لديه القدرة والجاهزية لتحطيم رقم قياسي عن لوحة مرسومة بالرمال الملونة، ولكنه يحتاج لجهة داعمة أو مساعدة للوصول للجهات المعنية في غينيس.
شمس آذار عكست بأشعتها على رمال الشاطئ لتزيد ذهبيتها اشعاعًا، ولتزيد أسامة حماسًا بالاستمرار رغم غياب حاضنة لأعماله رغم مرور ثلاث سنوات على إبداعه بالرمل.

صوت الموج شاركنا الحديث مع سبيتة ابن السادسة والعشرين ربيعًا، وهو يؤكد لنا أن المعرض نطق الوجع الفلسطيني لاسيما معاناة أهالي غزة حيث عرج بلوحته على العدوان على القطاع بمنحوتة الحرب الأولى والثانية والثالثة وأنهاها بعلامة استفهام، موضحًا بأنها تعني "إلى متى سنتجرع الوجع والقهر.. وما الذي ينتظرنا؟".

هدية للبحر

رائحة البحر تنفذ إلى الأنف بلا استئذان كما أمواجه التي ابتلعت معرض سبيتة في تمام الساعة السادسة مساءً، وعند سؤالنا له هل تشعر بالحزن عند ابتلاع البحر لمنحوتاتك، أجابت ابتسامته قبل الكلمات:" رسوماتي هدية للبحر (...) جميعها له، هذا الرمل للبحر وأعمالي كلها له".

وأوضح ابن الشجاعية أسامة أنه عادة ما يهدم منحوتته الرملية بيديه بعد تصوريها وتوثيقها عبر الفيديو.
البحر الذي يُعد مصدرا لإلهام الكثيرين من الأدباء والشعراء والفنانين، كان مصدرًا للخوف بالنسبة لأسامة فلا يحب الاقتراب منه أو السباحة فيه، الا أنه يتقن مداعبة حبيبات الرمل على شاطئه لتتشكل بين يديه حكاية من تراب، ويعتبره مملكته الخاصة التي ينتمي إليها.

غادرنا المعرض بعد أن بات محفورًا في الذاكرة الفلسطينية، ولا تزال علامة الاستفهام الأخيرة في منحوتة أسامة تشغل حيزًا كبيرًا من تفكيرنا على أمل أن يسجل التاريخ حدثًا مشرقًا للقضية الفلسطينية.

البث المباشر