نحن والانترنت

صورة أرشيفية
صورة أرشيفية

د. محمد كمال سالم

الحمد لله والصلاة والسلام على سيدنا محمد وآله وصحبه ومن والاه،،، أما بعد:

فلقد بدا واضحًا مدى التطور الهائل الذي وصل إليه العالم في مجال التكنولوجيا، إذ أصبح العالم كغرفة واحدة، يتواصل فيها الناس مع بعضهم البعض مباشرًا سماعًا ومشاهدة من أي مكان في العالم، وقد امتلأت الشبكة العنكبوتية - الانترنت - بملايين المواقع التي تبث الرذائل والفواحش لتخلع الإنسان من إنسانيته، وتضعه في دائرة الحيوانية اللاهثة خلف شهوتها، الأمر الذي تسبب بحدوث أضرار طالت مقومات الحياة الفردية والجماعية، ومخاطر أمنية واجتماعية وسياسية أثرت سلبًا في كل مناحي الحياة، فعمل الإسلام على تحريم تصفح هذه المواقع والمشاركة فيها، فكان لزامًا على أولياء الأمور والمختصين والموجهين والمرشدين من خطباء ووعاظ ومعلمين ومصلحين توجيه أفراد المجتمع للاستخدام الحسن لوسائل التكنولوجيا الحديثة وفي مقدمتها مواقع التواصل الاجتماعي، التي لها فوائد جمّة، ومحاسن عظيمة، وفي نفس الوقت لها أضرار جسيمة وأخطار مدمرة، إذا ما أسيء استخدامها.

ولا شك أن الاستخدام السيئ للانترنت يقود المسلم للوقوع في حبائل الشيطان، حيث تتبع العورات، ومقدمات الفاحشة التي أمرنا الله تعالى باتقائها، بقوله: "وَلَا تَقْرَبُوا الزِّنَا إِنَّهُ كَانَ فَاحِشَةً وَسَاءَ سَبِيلًا"[الإسراء: 32]، وقد نهانا الله تعالى عن ذلك، وحذرنا منه، فقال تعالى: "يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَّبِعُوا خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ وَمَنْ يَتَّبِعْ خُطُوَاتِ الشَّيْطَانِ فَإِنَّهُ يَأْمُرُ بِالْفَحْشَاءِ وَالْمُنْكَرِ"[النور: 21].

وبدا جليًا تحريم النظر إلى العورات مما لا يحل، قال تعالى: "قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ % وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا"[سورة النور:30-31]، وعن أبي هريرة رضي الله عنـه أن النبي صلى الله عليه وسلـم قال: (إِنَّ اللَّهَ كَتَبَ عَلَى ابْنِ آدَمَ حَظَّهُ مِنَ الزِّنَا، أَدْرَكَ ذَلِكَ لاَ مَحَالَةَ، فَزِنَا العَيْنِ النَّظَرُ، وَزِنَا اللِّسَانِ المَنْطِقُ، وَالنَّفْسُ تَمَنَّى وَتَشْتَهِي، وَالفَرْجُ يُصَدِّقُ ذَلِكَ كُلَّهُ وَيُكَذِّبُهُ) رواه البخاري ومسلم.

وجاء التحذير من كشف المسلمة ما أمر الله تعالى بستره أيّما تحذير، فعن عائشة رضي الله عنها قالت: سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلـم يقول: (أَيُّمَا امْرَأَةٍ نَزَعَتْ ثِيَابَهَا فِي غَيْرِ بَيْتِ زَوْجِهَا، هَتَكَتْ سِتْرَ مَا بَيْنَهَا وَبَيْنَ رَبِّهَا) رواه الترمذي وحسنه، ويجري هذا على نشر الصور والمشاهد في مواقع التواصل الاجتماعي وأجهزة الهاتف النقال وغيرها، الأمر الذي قد يعرض المسلمة لمحاذير اجتماعية أو أمنية توقعها في الفتن والشرور.

وأشير في هذا المقام إلى التوجيهات الآتية:

أولًا: استشعار أن الوقت هو الحياة، وأننا مؤتمنون عليه، فلا يُقضى إلا فيما أحل الله تعالى.

ثانيًا: التكنولوجيا نعمة عظيمة مَنَّ الله تعالى بها على الإنسان المعاصر، فليشكر الله باستخدامها في النافع له في للدارين.

ثالثًا: استشعار مخاطر تصفح المواقع الإباحية على الفرد والأسرة والنسيج الاجتماعي، والأمن الفردي والجماعي.

رابعًا: عدم نشر صور خاصة بالفتيات عبر مواقع التواصل الاجتماعي والأجهزة الخليوية خشية الابتزاز والفتن.

خامسًا: استشعار مخاطر متابعة الأفلام والمسلسلات الهابطة على جيل الشباب والفتيات.

سادسًا: دعوة أولياء الأمور والمختصين والموجهين والمرشدين من خطباء ووعاظ ومعلمين ومصلحين إلى توجيه أفراد المجتمع للاستخدام الحسن لوسائل التكنولوجيا الحديثة.

سابعًا: مراقبة الله تعالى، والمسارعة بالتوبة والاستقامة، ففيهما الفلاح والسعادة الحقيقية في الدارين.

وليس آخرًا: أسأل الله تعالى أن يحفظنا وأهلنا وعموم المسلمين، وأن يجنبنا الفتن ما ظهر منها وما بطن.

البث المباشر