نشرت وسائل إعلام عبرية في الأيام القليلة الماضية أكثر من استطلاع رأي تناول شعبية عدد من قادة أحزاب الكيان، تؤشر لاحتمالية تبكير انتخابات الكنيست قبل موعدها الرسمي في مارس 2018، بالتزامن مع أصوات مؤيدة لذلك، بدأت ترتفع من داخل حكومة بنيامين نتنياهو، المحاصر بإخفاق تقرير مراقب الدولة، وبتحقيقات حول شبهات فساد.
وتنطلق هذه الاستطلاعات من إعلان عدد من قادة الكيان نيتهم إنشاء أحزاب جديدة للمنافسة على قيادة (إسرائيل)، كان أبرزهم وزير الحرب الأسبق إيهود باراك، الذي عاد عن اعتزال الحياة السياسية؛ لمواجهة نتنياهو الذي وصفه بـ"الجبان الذي يجب أن يرحل".
كما أعلن وزير الجيش السابق موشيه يعلون، الذي قال إنه "اكتشف أهمية (إسرائيل) بالنسبة إليه" بعد اعتزال منصبه10 أشهر، تشكيل حزب جديد والمنافسة على رئاسة الوزراء. وقد أظهر استطلاع للرأي أجرته القناة الثانية نهاية الأسبوع الماضي، أن حزب يعلون الذي لم يتشكل بعد، قد يجتاز نسبة الحسم.
يذكر أن يعلون كان قد أعلن استقالته من منصبه كوزير للجيش في 20 مايو/أيار الماضي؛ في خطوة جاءت ردا على عرض نتنياهو حقيبة الجيش على وزير الخارجية السابق أفيغدور ليبرمان.
كذلك قرر عضو الكنيست عن حزب الليكود آفي ديختر، منافسة زعيم الحزب نتنياهو على قيادته ورئاسة الوزراء، وقال في تصريحات له إنه "لا يمكن لنتنياهو الاستمرار في منصبه والتحقيقات مستمرة معه، بيبي لا يقول الحقيقة وهذه المسألة إشكالية خطيرة للغاية فهو يدير بلادا، وليس قرية صغيرة".
وبالتزامن، قالت تسيبي ليفني إنها ستخوض الانتخابات بكتلة سياسية جديدة تستند إلى "المعسكر الصهيوني"، في مشهد ينبئ بحجم التقلبات الجارية على الساحة الحزبية الإسرائيلية، بعد نشر تقرير مراقب الدولة، قد تضع نهاية سياسية لنتنياهو بعد 68 عاما من عمره، وبعد أربع دورات في رئاسة الوزراء، على ضوء تراجع الرضى الجماهيري عنه على حساب صعود أحزاب أخرى، وفق استطلاع للرأي نشرت نتائجه هآرتس، وانتهى إلى صعوبة التقدير باستمرار الخريطة الحزبية كما هي اليوم في الانتخابات المقبلة.
وقد تكهّن يائير لابيد رئيس حزب "يوجد مستقبل" بأن تنتهي ولاية الحكومة الحالية في شهر حزيران المقبل، وأن تجري انتخابات الكنيست الـ21 هذه السنة، وفي شهر ايلول تحديدا. وكذلك رجّح رئيس الائتلاف الحكومي، دافيد بيتان، إجراء انتخابات جديدة، في حال استمرت "التهديدات والتصريحات المنطلقة من بعض أحزاب الائتلاف".
ومما يدعم هذا الخيار، ما كشفت عنه القناة العبرية الثانية عن أن الخلافات بين نتنياهو وشريكه في الائتلاف موشيه كحلون، زعيم حزب (كلنا)، آخذة بالتصاعد؛ بسبب عدة قضايا، أبرزها إصرار الأول على إغلاق سلطة البث وقانون وسائل الإعلام.
واستثمرت ليفني هذا الخلاف للقول إنه يجب استغلال الفرصة الناجمة عن الأزمة الحالية؛ لتشكيل حكومة جديدة، واستبدال حزب الليكود، "وتغيير هذا المسار المدمر لـ(إسرائيل)"، على حد تعبيرها.
وعلى ضوء ما تقدّم، فإن الدعوة إلى انتخابات إسرائيلية مبكرة قد تكون أقرب للتنفيذ عن احتمالات بقاء نتنياهو في زعامة الليكود ورئاسة الحكومة، مع العلم أنه غالبا ما يتم تقديم موعد الانتخابات في (إسرائيل) لخلافات مماثلة تندلع بين الأحزاب، وعلى وقع رغبة هذه الأحزاب في رفع حصتها من مقاعد الكنيست، لتمرير سياساتها، والأهم حالة التفكك والمنافسة التي قد يشهدها حزب الليكود، بعد إعلان يعلون وتحدي ديختر.
يذكر أن انتخابات الكنيست تتم مرة كل أربع سنوات، لكن يمكن له أن يحل نفسه بأغلبية عادية (50+1) أي من خلال تصويت 61 نائبا من أصل 120 نائبا، والدعوة لانتخابات مبكرة، سواء جاء هذا التبكير بتوافق أحزاب في الكنيست إفشالاً للحكومة أو بعد استقالة رئيس الوزراء طوعا أو كرها.
وتشير تقديرات إلى أن الكنيست كان قد قرر تبكير الانتخابات ثماني مرات منذ تشكيله، كان آخرها الدورة الـ19 التي لم يكمل الكنيست نصف فترته القانونية.
وإجابة على سؤال مطروح حول مصير نتنياهو ما إذا جرت انتخابات مبكرة في (إسرائيل)، يعتقد المتابع للشأن الإسرائيلي "صابر كل عنبري" أنه إذا كان سبب تنظيم هذه الانتخابات هو استقالة نتنياهو كرها بعد توجيه لائحة الاتهام ضده، فعلى الأرجح سيموت الرجل سياسيا، لكن إذا كان السبب شيئا آخر، فإن هناك احتمالا واحدا لعودته للمشهد السياسي مجددا، ورغم أنه احتمال ضعيف لكنه وارد.
وذكر أن هذا الاحتمال يتمثل في أن يفشل منافسوه في إقناع الجمهور الإسرائيلي بقدرتهم على توفير الأمن لهم ونجاح نتنياهو في إظهار نفسه الأقدر على ذلك، وخاصة بفضل سجله الحافل بالحروب على الشعب الفلسطيني، وتصوير نفسه على أنه الأقدر على مواجهة "الخطر الإيراني"، وخاصة في ظل الدعم القوي الذي يلقاه من حليفه الأمريكي ترامب.