بخلاف سابقاتها، يبدو أن القضية الفلسطينية تحظى بحضور لافت في القمة العربية الثامنة والعشرين التي انطلقت أمس في البحر الميت بالأردن، على ضوء المستجدات الأخيرة في الشرق الأوسط.
ووفقاً لاجتماعات الجلسة التحضيرية للقمة التي عقدها وزراء الخارجية العرب فإنه جرى إقرار 27 مشروع قرار لتضمينها في البيان الختامي للقمة، ترتبط فيها تلك القرارات بأهم بنود جدول الأعمال وفي مقدمتها القضية الفلسطينية، والأزمات في كل من سوريا وليبيا واليمن والعراق.
وليس سرًا أن مجمل القمم العربية التي بدأت من قصر أنشاص، يبرز عليها تبادل المدح والثناء واللوم والعتاب ولم تخرج في معظمها عن ردات الفعل ومحاولات حفظ ماء الوجه مع تشابه بياناتها الختامية التي تحمل كثيرًا من الأقوال دون أفعال.
ويمكن الحديث عن عدة أسباب تجعل حضور القضية الفلسطينية لافتًا في القمة الثامنة والعشرين يتمثل أولها في البيئة السياسية الجديدة لا سيما مع وصول الرئيس الأمريكي الجديد دونالد ترامب لسدة الحكم الذي يحمل أفكارًا مغايرة تجاه القضية الفلسطينية.
ومع تصاعد أزمات المنطقة وحالة الانهيار شبه الكامل لمشروع التسوية السياسية بين السلطة و(إسرائيل)، فإن ذلك قد يشكل انطلاقة لتعديل مبادرة السلام العربية وطرح مشروع سلام جديد من شأنه أن يعمل على حل الصراع الإسرائيلي-الفلسطيني.
وكشفت وزيرة الخارجية والقضاء الإسرائيلية السابقة تسيبي ليفني أنها تلقت "تعهدًا من وزراء خارجية أعضاء في لجنة المتابعة للجامعة العربية بأن "المبادرة قابلة للنقاش والتعديل".
وأشارت ليفني إلى أن مسؤولين عربا التقتهم أكدوا لها أنهم "لا يمانعون في إدخال تعديلات على حدود الدولة الفلسطينية العتيدة علاوة على موافقتهم على فكرة تبادل الأراضي، مع العلم أن المبادرة العربية لم تنص على ذلك".
ويدلل على ذلك حديث الأمين العام لجامعة الدول العربية، أحمد أبو الغيط بأن السلطة الفلسطينية سوف تطرح آليات جديدة للتعامل مع القضية، من أجل الوصول إلى إقامة الدولة الفلسطينية المستقلة، في ظل التعنت الإسرائيلي والتوسع في الاستيطان وتراجع المساندة الدولية لحل الدولتين.
ويبدو أن التوجه الجديد جاء بعد تراجع عباس عن شروطه في العودة للمفاوضات مع حكومة الاحتلال وانسداد الأفق السياسي أمامه مما دفعه إلى المناورة ومحاولة كسر حالة الجمود.
ويمكن القول إن هذه المبادرة تأتي في ظل ارتفاع أسهم السلام الإقليمي وبعد فشل محاولات باريس في طرح المبادرة الفرنسية كمخرج للصراع الفلسطيني الإسرائيلي، وإخفاق رئيس السلطة عباس في توجهاته بالقضية نحو الأمم المتحدة.
ومن الجدير ذكره أنها تأتي أيضًا بعد الزيارات الأخيرة والمفاجأة لعباس إلى بعض الدول العربية والتي كان آخرها مصر، الأمر الذي يؤكد وجود محاولات لإحياء جهود الرباعية العربية.
وأخيرًا فإن حضور القضية الفلسطينية يبدو لافتًا في القمة، في ظل اللقاء القريب المزمع عقده في البيت الأبيض بين ترامب رئيس مصر عبد الفتاح السيسي الذي ينوي طرح الملف الفلسطيني على طاولة اللقاء.
وكان وزير الخارجية المصري سامح شكري قال، إن الملف الفلسطيني سيكون مطروحًا، وبقوة، على أجندة لقاء الرئيس السيسي مع الرئيس الأمريكي ترامب، مطلع الشهر القادم، مضيفًا أن "أن الطرح المصري للقضية الفلسطينية سيكون وفق العناصر المتفق عليها فلسطينيًا، وعربيًا، ووفق مبادرة السلام العربية".
وفي نهاية المطاف فإن الفلسطينيين ينظرون إلى أي قمة بعين الترقب والأمل على أن تخفف من معاناتهم وتهتم أكثر في قضيتهم.