لم يعد مستحيلًا أن تُبصر القدس القديمة مرةً قبل الرحيل، حيث بات بالإمكان أن تعيش جزءًا من ذاك الحلم لدى زيارتك لمدينة الإنتاج الإعلامي التابعة لفضائية الأقصى!
من البديهي أنك ستدقق النظر في جدران تلك المدينة كما فعلت "الرسالة" في زيارتها الأولى للمدينة بخان يونس جنوب القطاع وتعود للنظر مجددًا في الجدران التي ستأخذك لا محالة إلى مشهد أهالي البلدة القديمة ولا سيما كبار السن منهم، الذين يستندون برؤوسهم على الجدران وفي خلفية الصورة قد يظهر لك جنديان أو أكثر يحدقون بك إن التقطت صورة أو يمنعانك تحت تهديد السلاح.
مدينة تحاكي القدس!
عند مرورك من أمام باب العامود قد تخترق أذنيك صوت الرصاصات التي اخترقت جسد الثائر محمد أبو خلف، حيث لم يكتف وقتها جنود الاحتلال برصاصة أو رصاصتين لإعدامه بدم بارد على عتبات باب العامود قبل عام بل تعدت العشرين رصاصة!
"باب الشهداء" هو التسمية الفلسطينية الجديدة لمنطقة باب العامود والتي تعززت منذ اندلاع انتفاضة القدس أكتوبر 2015 كان حاضرًا كذلك في محيط مدينة الإنتاج التابعة لقناة الأقصى الفضائية بمنطقة المحررات جنوب قطاع غزة.
تلك المدينة التي تزيد مساحته عن خمسة آلاف متر مربع، تم تحضيرها لتصوير مسلسل بوابة السماء الذي ستبثه قناة الأقصى خلال رمضان وتتضمن مقهى السلام، ومتاجر، وبعض المعالم كمركز الوسام التعليمي.
منعتنا جنود الاحتلال من العبور والتجول في أروقة المدينة خلال مشهد تمثيلي، جسد خلاله الغزي حالة القمع والعنف التي يتعرض لها المقدسيون.
الجدران تهتف!
الجدران كانت تهتف كذلك "بالروح.. بالدم نفديك يا أقصى"، مرورًا بــ" فلسطين في القلب"، وليس انتهاءً بـــ" لن تركع أمة قائدها محمد".
ممرنا بالزقاق الذي لطالما حلمنا أن نتجول عبره لاقتناء بعض الذكريات من رائحة القدس حيث طريق باب السلسلة، وهناك قابلت "الرسالة" مدير دائرة الإنتاج في قناة الأقصى زهير الافرنجي حيث قال عن المدينة:" للسنة السادسة على التوالي ننتج مسلسلًا، لكن لأول مرة ننتج مسلسلًا داخل أروقة مدينة إنتاج إعلامي"، وأضاف:" كان حلمًا طيلة السنوات الماضية، واليوم نضع اللبنة الأولى له".
وتدور أحداث المسلسل بحسب الافرنجي في حارة من حارات القدس من جهة باب السلسلة مشيرًا إلى تسليط الضوء خلاله على معاناة المقدسيين من شرطة الاحتلال، في حين يبرز صمود وشموخ المواطن المقدسي في وجه الإبعاد والعزل.
هذا العام يوجد قفزة في المدينة والسيناريو والأداء التمثيلي يؤكد الافرنجي على ذلك وهو الأمر الذي لمسناه من خلال التجهيزات لمقطع تصويري لا يتعدى النصف دقيقة إلا أنه سبقته تجهيزات لساعات، ومنها استعدادات الممثل رائد قنديل ضمن الطاقم الفني، والذي كان مشغولًا بتجهيز الممثلين في غرفة الحلاقة "المزين" بأقل الإمكانيات وأبسط الأدوات.
تكبيرات المرابطات
وأنت تتجول بين أزقة مدينة الإنتاج الإعلامي قد تهمس لنفسك مقطعًا من قصيدة تميم البرغوثي " في القدس من في القدس إلا أنت ".
ستلتقط صورة لك هناك فتأخذك دون استئذان إلى مشهد أهالي البلدة القديمة ولا سيما كبار السن الذين يستندون برؤوسهم على الجدران وقد يظهر لك في خلفية الصورة جنديان أو أكثر يحدقون بك أو يمنعانك تحت تهديد السلاح.
تكبيرات المرابطات المقدسيات سمعنا صداها أيضًا في مدينة الإنتاج بعد مقابلتنا لصاحبة دور تمثيلي للمرابطة المقدسية وهي رائدة أبو دية وعن تجربة الرباط في المسلسل تقول بابتسامة فخر:" شعور لا يوصف أن أكون مرابطة تتصدى للجنود خلال منع النساء من دخول المسجد للصلاة أو لتعليم القرآن وحفظه ".
رأينا فيها ملامح درة الأقصى هنادي الحلواني واستحضرنا كذلك هتافها " باب الأقصى من حديد"، في حين كشف لنا المخرج المنفذ للمسلسل سعد العطار بأن الحلم كان بتصوير المسلسل هناك في القدس.
وقال:" نظرًا لعدم تمكنا من تصوير هذا العمل داخل أسوار البلدة القديمة في القدس ارتأينا أن نجهز بعض الديكورات التي تحاكي ولو جزءًا بسيطًا حارات القدس لإظهار جزء بسيط من معاناة الأهالي هناك من الضرائب الباهظة والتشريد والمنع من الصلاة ".
"اصحى" كان يصرخ بها الممثل علي نسمان الذي لفت انتباهنا بطريقة لباسه التي تميل للمهرج أو للإنسان الذي يعاني اضطرابات عقلية خلال دوره بالمسلسل والذي طلب أن تبقى مفاجأة ستعرض خلال رمضان.
بعد أن عاد ليصرخ "اصحى" ثمّن نسمان دور الإعلام الفلسطيني لالتفاته بدرجة كبيرة للأعمال الفنية التي تعنى بالقضية ولا سيما الأسرى والقدس.
غادرنا المدينة ولم يغادرنا الأمل بأن نزور البلدة القديمة في القدس، ونشتري كعكًا طازجًا ونصلي ركعتين في الأقصى قبل الرحيل!