تسعى السلطة الفلسطينية لقطع الشعرة التي تربطها بقطاع غزة والمتمثلة برواتب الموظفين، لذا تناقش إجبار موظفيها على التقاعد المبكر ضمن سياسة التقسيم والتقزيم، وتنفيذا لسياسة رئيس السلطة محمود عباس والتي تحدث عنها في حواره الأخير ووصفها "بالردود غير المسبوقة" ضد القطاع.
ويرى مراقبون أن القرار سيساهم في تعزيز الانفصال ضمن مخطط إقليمي تحاول السلطة فرضة تدريجيا.
ووفق تقارير وتسريبات صحفية فإن السلطة تتعرض لضغوط من أجل فك ما تبقى من ارتباط إداري ومالي مع غزة وفق معطيات تشير إلى أن ميزانيتها تلقت سنويًا منذ العام 1994 مساعدات مالية ثابتة بقيمة مليار دولار، في حين بلغ مجموع ما دخل موازنة السلطة خلال العام الماضي 2016 نحو350 مليون دولار فقط.
ويأتي الحديث عن التقاعد المبكر حسب مراقبين في ضوء شروط آلية الدفع الأوروبية الجديدة المفروضة على السلطة برام الله مؤخراً.
وكان مسؤول في المفوضية الأوروبية في القدس المحتلة، أعلن مؤخراً أن الاتحاد الأوروبي تبنى للعام الجاري سياسة دعم مالي جديدة فيما يخص قطاع غزة للعام 2017 بالتنسيق مع السلطة، مبيناً أن السياسة الجديدة تقوم على وقف توجيه أموال الدعم الأوروبي لصالح صرف رواتب موظفي السلطة في غزة.
الكاتب والمحلل السياسي الدكتور حسام الدحني اعتبر أن دراسة قرار التقاعد المبكر يأتي ضمن سلسلة من الإجراءات والخطوات التي تقوم بها حكومة رام الله وتعزز الانفصال والتفرقة بين القطاع والضفة، مشيرا إلى أن السلطة اتخذت سابقا قرار بحرمان موظفي غزة من علاوات القيادة، والتعينات الدبلوماسية والتعينات بشكل عام.
وبحسب الدجني فإن القانون يأتي لتستغني الحكومة عن أكثر من 23 ألف موظف متوقع أن يطالهم التقاعد لتعزيز الانفصال الإداري، ضمن حلول إقليمية تحاول السلطة أن تفرضها بشكل تدريجي دون الإعلان عنها.
ومن المتوقع أن تعاني السلطة خلال العام الجاري والسنوات المقبلة شحًا في المساعدات والمنح الخارجية ما يضع السلطة أمام أزمة مالية قد تدفعها إلى عدة خيارات ستكون غزة ضحيتها... الخيار الأول: وقف دفع الرواتب لموظفي السلطة المستنكفين في القطاع والبالغ عددهم قرابة 60 ألف موظف (33 ألف عسكري-27 ألف مدني)، الخيار الثاني: إحالة عدد كبير منهم أو جميعهم إلى التقاعد إجبارياً.
وتشير المعطيات أن السلطة عمليًا قامت بعديد من الإجراءات على طريق فك الارتباط والفصل سواء بعمليات قطع رواتب خصومها السياسيين أو بالتخلي عن دورها في ملفات حيوية مثل الكهرباء الى جانب سلسلة طويلة من المناكفات الإدارية.
وفي السياق قال الدجني أن ما يجري هو ضمن مخطط دلي يدفع بالسلطة الفلسطينية بأن توقف رواتبها لغزة تنفيذا لمراحل متقدمة في فرض الحل الإقليمي.
ولفت إلى أن مواد القانون تتيح لقائد قوى الأمن الوطني لفرضه على الموظفين، لافتا إلى أن
الرابط الوحيد للسلطة بغزة هو راتب الوظيفة العمومية وفي حال اتخذ القرار ستتأكل الشعرة إلى أن تسقط وبالتالي تستفيد إسرائيل من الخطوات بشكل كبير.
وبحسب الدجني فإن رئيس السلطة توعد القطاع بإجراءات قاسية بذريعة اللجنة الإدارية والتي كانت موجودة أصلا منذ الانقسام، موضحا أنه سيستخدمها كذريعة لتمرير القانون وامتصاص الغضب الفتحاوي، وقد يتخذه مبررا لخطوات أكثر خطورة.
وأكد أن الموظفين ليس أماهم خيار سوى الموافقة في ظل غياب قيادة أو تنظيم تدافع عن الموظفين.