نظم مركز أطلس للدراسات، صباح الثلاثاء، ندوة نقاشية تحت عنوان "قمة البحر الميت: ما وراء الأكمة"، لقراءة وقائع قمة العرب الأخيرة والوقوف على نتائجها.
وحضر الندوة عدد من المحللين والباحثين السياسيين، الذين أجمعوا على أن ملف القضية الفلسطينية سيكون ضحية إيداع قادة العرب بيضهم في السلة الأمريكية، وأن التنازل عنها لن يكون عقبة أمام الاستسلام المطلق للإدارة الأمريكية.
وقال تيسير محيسن المحلل السياسي خلال ورقة عمل ناقشها بالندوة "إن انعقاد القمة العربية أتى لتكييف الحالة العربية وتهيئتها للاندراج ضمن الاستراتيجية الأمريكية وخدمتها ، فقد صعد العرب من لهجتهم خلالها، لكن فلسطين لن تكون عقبة حقيقية أمام مسعاهم الجديد في وضع كل بيضهم داخل السلة الأمريكية".
وأضاف محيسن "إن معظم العرب سلموا بحتمية الاستراتيجية الأمريكية، ويسعى كلٌ منهم للاندماج فيها وخدمتها، ويحاول أن ينجو بنفسه ويلوذ من الفشل الداخلي والخارجي؛ في سبيل ذلك يبدون استعدادًا واضحًا للتضحية بالمسألة الفلسطينية إن اقتضى الأمر".
وأشار المتحدث الرئيسي في الندوة إلى أنه من غير المؤكد أن تنجح الاستراتيجية الأمريكية الجديدة، إلا أن العرب حسموا خيارهم الوحيد، سواء فيما يتعلق بفلسطين (المبادرة) أو ما يتعلق بالاصطفاف خلف ترامب.
بدوره أكد غازي الصوراني الباحث الاقتصادي على أن جوهر السياسيات الأمريكية لم يتغير منذ عقود طويلة، وإنما شكلها هو الذي يتغير، سواء في العلاقة مع العدو الإسرائيلي أو مع العرب.
وأعرب الصوراني عن قلقه من تداعيات قادمة خطيرة ومريعة، تسعى إلى تمريها "اسرائيل" والولايات المتحدة والنظام العربي عبر رئيس السلطة محمود عباس الذي من الممكن بأن يكون بدأها بخصومات رواتب الموظفين، وقد تتجاوزها لتصل المدرسين في المدارس وسحب الأطباء من المستشفيات، الكهرباء، السولار، ... الخ بهدف الضغط على حركة حماس، وهو ما سيؤدي إلى مزيد من المخاطر على قطاعات شعبية كبيرة، وتحويل قطاع غزة من -بطن ولاد للهوية الوطنية إلى بطن ولاد باليأس والإحباط-.
من جانبه، الكاتب في صحيفة "فلسطين" محمد العقاد ذكّر الحضور بوثيقة كامبل لعام 1905 في مؤتمر لندن، والتي تؤسس لحالة الفك والتركيب في العالم العربي، لكنه أشار إلى قدرة الفلسطينيين على إفشال مخرجات القمم العربية التي لا تلبي طموحاتهم، مدللًا على ذلك بإسقاط قمة عمان عام 1988 بالانتفاضة الأولى.
ومن جانبه رأى المحلل والكاتب طلال عوكل أن الاجراءات التي اتخذتها وتتخذها السلطة تجاه قطاع غزة تندرج في سياق تحضير الساحة الفلسطينية للانخراط في صفقة تاريخية تديرها الولايات المتحدة، تحقق لإسرائيل ان تقيم علاقات معلنة مع الدول العربية، وتتيح للعرب التغطي بحل سياسي دون الحد الأدنى من الحقوق الفلسطينية.
وأكد أكرم عطا الله المحلل السياسي على ضرورة متابعة التغيرات في التوجهات الإقليمية من منظور إسرائيلي، وربطها بالقمة العربية، حيث تسعى إسرائيل لتحقيق مسألتين؛ الأولى: تحويل العلاقات مع دول الخليج إلى علاقات علنية، والثانية: تشكيل تحالف سني ضد إيران، معتقدًا أن القمة العربية تمهد الطريق نحو هذا السبيل.
وحول إجراءات السلطة بحق موظفي غزة أوضح عطا الله أن "السلطة ربما تهدف إلى استعادة غزة، وتصحيح خطأ الانقسام الذي حصل قبل عشرة سنوات، وعلينا مساعدة حركة حماس بالتعامل الإيجابي لإنهاء الانقسام".
وبالعودة إلى القمة العربية قال الكتاب حسن لافي "إن "القمة العربية الأخيرة جاءت لتعيد العرب في حضن المنظومة الأمريكية بشكل كامل، في هذه القمة يقطع العرب الطريق على أنفسهم في أن يكونوا مناورين بين القوى العظمى التي ستتحكم في تقسيمهم".
وأضاف لافي ."تكمن الخطورة في أن العرب وإسرائيل هم الحلفاء لأمريكا في هذه التقسيمة، وستكون هناك مصالح عربية ومصالح إسرائيلية لدى نفس الوكيل وهو أمريكا، وبالتالي إسرائيل ستكون صاحبة اليد الطولى".
وبالنسبة للمشهد الفلسطيني، أشار لافي إلى أن مصير الضفة ستحدده القوى اليمينية الاستيطانية، التي ستفرض الحل على الحكومة الإسرائيلية، بينما مصير غزة بيد حماس صاحبة السيادة. أزمة الرواتب هي نقطة في بحر المؤامرة الاستراتيجية التي تحاك للشعب الفلسطيني.
وبيّن الكاتب توفيق أبو شومر أن العرب تبنوا القضية الفلسطينية وكانوا محركيها في البداية، ثم تحولوا إلى داعمين للنضال الفلسطيني، ثم أصبحوا متفرجين، والآن بدوا أكثر خطورة، فهم يريدون التخلص من آثار القضية الفلسطينية، بحجة أنها أخرت تقدمهم وسببت لهم مشاكل مع شعوبهم.