بعدما تخرج الشاب الغزي مصعب أبو توهة - 24 عاما- من قسم اللغة الانجليزية في الجامعة الإسلامية راح يبحث عن كتب باللغة التي تعلمها ليطلع على الثقافات الأخرى، لكن بحثه باء بالفشل كونه لم يجد إلا القليل منها، فراح يبحث عن الحلول حتى قرر نهاية المطاف أن ينشئ أول مكتبة للكتب الانجليزية في قطاع غزة.
وبدافع الانفتاح على الثقافات الأخرى، اجتهد أبو توهة في اقتناء الكتب، لكنه وجد مشكلة يعانيها قطاع غزة المحاصر وهي قلة الكتب الإنجليزيةّ، وتأخّر وصول الإصدارات الحديثة بفعل الحصار المفروض منذ 10 سنوات.
بداية انشاء المكتبة للشاب كانت حينما، أطلق حملةً للتبرع بالكتب الإنجليزيةّ؛ من أجل إثراء مكتبته الجديدة، ويروي "للرسالة"، أن الفكرة راودته في صيف العام الماضي، حين لم يجد في غزة أي مكتبةٍ خاصةٍ بالكتب الإنجليزيةّ.
ويوضح أبو توهة، أن فكرته جاءت لتجمع الكتب الخاصة بالأدب واللغة الإنجليزية، مشيرا إلى أنه أطلق حملةً للتبرع بالكتب من خلال مواقع التواصل الاجتماعي، ومواقعَ إلكترونية مشهورة.
ووفق قول صاحب المكتبة الانجليزية، والذي يعمل مدرسا للغة ذاتها بأن فكرته لاقت إعجاب فئات كثيرة من الناس، لاسيما الذين شجعوه على الاستمرار نحو تحقيق هذا الطموح.
المفكر الأمريكي تشومسكي
داخل مكتبته الصغيرة التي تحتوي على العشرات من الكتب الانجليزية، استقبل "الرسالة" ليطلعها على تجربته الأولى في القطاع، فتحدث بأن الكتب أصبحت تصله من الجمهور والأصدقاء عبر البريد الحكومي في قطاع غزة، مبينا أنه حصل على ثلاثة كتب وصلته هدية من المفكر الأمريكي نعوم تشومسكي، بعدما تواصل معه شخصياً.
يذكر أن تشومسكي (مفكر عالمي أمريكي الجنسية ويهودي الدين) كان قد زار قطاع غزة عام 2012؛ للمشاركة في مؤتمر اللغة الإنجليزية الدولي الأول، الذي انعقد في الجامعة الإسلامية بغزة.
وكما سبق أن جمّدت (إسرائيل) إدخال البريد الحكومي إلى قطاع غزّة؛ بذريعة استغلاله في إدخال مواد محظورة داخل طرود بريدية.
واستعرض أبو توهة مكتبته التي تضم الان قرابة 700 كتاب باللغة الإنجليزية، مؤكداً أنه يتطلع إلى جمع أكثر من 2000 كتاب.
كما ويسعى صاحب المكتبة الانجليزية، إلى اطلاق حملة تبرعات جديدة لاستلام كتب إنجليزية، متوقعا أن يكون التفاعل معها أكبر.
ويعاون أبو توهة في إدارة المكتبة أربعة من أصدقائه، من خلال نشر حملة التبرع، والتواصل مع الجمهور، واستقبال الكتب الإنجليزية.
ويأمل أبو توهة أن تصبح المكتبة صرحاً علمياً يقصده الناس؛ للاطلاع على الأدب الإنجليزي، وقراءته، قائلاً: "أطمح أن تكون المكتبة جسر تواصل مع الأشخاص المهتمين باللغة الانجليزية، والمؤسسات التعليمية في الداخل والخارج، وأن تحقق استفادة في تبادل الخبرات والمهارات".
احتجاز الكتب
بدوره، أشار محمد الشريف مدير عام المعارض والمكتبات في وزارة الثقافة بغزة إلى وجود 18 مكتبة عامة في القطاع، وأن غالبية هذه الكتب هي باللغة العربيةّ.
كما أشار الشريف، في حديثه لـ "الرسالة" إلى أن "إسرائيل" تتحكم وحدها في إدخال الكتب إلى غزة، من خلال المعابر الحدودية مع القطاع، قائلاً: "أي كتاب لا ترضى عنه، تمنع إدخاله".
ولفت أيضا إلى وجود صعوبة في إدخال الكتب، حيث تضطر (إسرائيل) إلى احتجازها داخل المعابر الحدودية لفترة معينة إلى حين فتح المعبر والسماح بدخولها.
وتقول وزارة الاتصالات وتكنولوجيا المعلومات في قطاع غزة، في إحصائية حديثة نشرتها عبر موقعها الإلكتروني، إن عدد "البعائث البريدية" الخارجية الواردة إلى غزّة بلغ 71463 بعيثة.
ويذكر أن إسرائيل شنّت منذ عام 2008، ثلاثة حروب على قطاع غزة، تضررت بموجبها العديد من القطاعات والخدمات، ومن بينها قطاع المكتبات والمرافق العامة.