باسم عبدالله أبوعطايا
بعد فترة من النشوز عاد محمود عباس لبيت الطاعة ,فكل الشروط المسبقة التي كان قد وضعها للقاء نتنياهو تنازل عنها وكأن شيئا لم يكن أو كأنها كانت حالة من الخروج عن الرشد في لحظة غضب سرعان ما عاد بعدها إلى رشده بعد تدخل الموفقين بين "الرأسين" .
عباس الذي كان أعلن النشوز إلى حد المطالبة "بالخلع" وأصر منذ ما يقارب الستة شهور على عدم لقاء رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو إلا بعد التزامه بتجميد الاستيطان على أساس ما طرحته خارطة الطريق فى المرحلة الأولى والتي ولم تلتزم بها إسرائيل , مقابل التزام عباس " السلطة " بالتطبيق الحرفي لهذه الخارطة السيئة الذكر والتي بموجبها قامت السلطة بملاحقة المقاومة واعتقالها وإعلانها البراءة المطلقة منها .
عباس الذي تلقف دعوة اوباما للقاء نتنياهو ضرب بعرض الحائط كل الثوابت الفلسطينية التي وضعها هو نفسه وهرول لعقد اللقاء الثلاثي حقيقة لابد من تأكيدها إننا لم نكن في لحظة نعتقد بان عباس رجل مبادئ أو انه سوف يستمر في التمسك بشروط العودة إلى حظيرة التفاوض , ولم تفاجئنا عودته فكنا نتوقعها وان كانت جاءت بأسرع مما كنا نتوقع لكن الغريب هو استخفاف الجوقة التي تحيط بعباس بعقول الفلسطينيين عندما أعلنت بان اللقاء لا يعنى عودة المفاوضات مع حكومة نتنياهو كما أعلن صائب عريقات بعد الإعلان عن اللقاء,
ومن المضحك أن الوفد المرافق لعباس أعلن انه رفض مصافحة وزير الخارجية الإسرائيلي افغدور ليبرمان لكن الأخير قال أن السلام باليد ليس مهما لكنه تفاجأ من تهنئة عريقات له بالغة العبرية بحلول عيد رأس السنة لدى اليهود , ثم يخرج علينا عبر احدى الفضائيات زياد أبو عين ليصور لنا وكان عباس ذاهب لتسلم مفاتيح مدينة القدس وان سياسة عباس الحكيمة ستحرج نتنياهو أمام العالم وتعرى مواقفه أمام الرئيس الامريكي باراك اوباما ونسى أبو عين أن رئيس وزراء دولة الاحتلال استخف باوباما نفسه ولم ينفذ أي مطلب من مطالبه كشرط للعودة للعملية السلمية وبدلا من أن تتنازل دولة الاحتلال تخلى اوباما عن شروطه فهل ميتشل لم يكن قادرا على توصيل الرفض الإسرائيلي إلى واشنطن وكان عباس بحاجة لعقد هذا اللقاء من اجل توضيحه لوباما .
لقاء بلا نتائج
لم يختلف اثنان بفشل اللقاء الثلاثي قبل انعقاده وهذا ما جعل البيت الأبيض يستبق النتائج لتقليل من سقف التوقعات وخرجت القمة بلا نتائح وبدون إعلان محدد لما تم الاتفاق عليه, وفي نهاية اللقاء قال نتانياهو إنه تم الاتفاق على تجديد المفاوضات السياسية مع الفلسطينيين بدون شروط مسبقة،
وأضاف نتنياهو أن أهمية القمة تكمن بمجرد انعقادها، وإنه في هذه الحالة تعني الكثير في ظل عدم وجود اتصالات منذ نصف سنة.وفي المقابل فقد سارع أبو مازن إلى القول بأنه جرت مطالبة إسرائيل بتنفيذ التزاماتها بشأن الاستيطان، بما في ذلك الزيادة الطبيعية.
وقال نتانياهو إنه لا جدوى من قيام كل طرف بعرض الشكاوى أمام الطرف الثاني، وإنه لا يعتقد بأنه يجب وضع شروط مسبقة. وأضاف أنه مقابل مطالب الفلسطينيين فإن إسرائيل تتوقع أن يعترفوا بإسرائيل كدولة يهودية. وبحسبه فإن ذلك ليس شرطا لبدء المفاوضات وإنما هو شرط لنهاية ناجحة لها.
وبحسب نتانياهو فإن "السلام يقوم على ثلاثة أسس؛ الاعتراف والأمن والتطور الاقتصادي".
وفي تطرقه إلى انقطاع الاتصالات السياسية مع السلطة الفلسطينية اعتبر أن الشهور الستة التي مضت ذهبت عبثا، ورغم أنه لا يمكن القول إن جميع العقبات قد أزيلت، إلا أنه تقرر مبدأ عدم وضع شروط مسبقة، على حد قوله.
وتابع نتانياهو أن الحديث تناول "عملية السلام وإيران وتقرير غولدستون". وقال إنه وجهت انتقادات حادة للتقرير، بادعاء أنه "يشجع الإرهاب ويشكل ضربة للسلام".
اما وزير الخارجية الإسرائيلي، أفيغدور ليبرمان فقد رأى ، إن مجرد انعقاد القمة كان مهما. وبحسبه فإن الجانب الفلسطيني قد صرح بأنه لا يوجد لديه شروط مسبقة، من جهة، ومن جهة أخرى طالب بعدة خطوات في الضفة الغربية.
وتابع ليبرمان إنه عندما يجري الحديث عن خطوات لبناء الثقة، فإن الخطوة الأولى التي تتوقعها إسرائيل هي أن تقوم السلطة بسحب الدعوى التي قدمت إلى المحكمة الدولية في لاهاي ضد إسرائيل بتهمة ارتكاب جرائم حرب.
بالتأكيد أن حديث قادة الاحتلال عن عدم خروج القمة بنتائج هو حديث المنتصر وان ما قام به عباس من خلاها هو منح صك الغفران لاسرائيل للاستمرار في سياستها التي تلتهم القدس وتقطع الضفة وترفض أي التزامات دولية وتضع هي الشروط فعباس الذي يلعب اليوم دور" المحلل " لفتح كل الأبواب الموصدة في وجه إسرائيل سواء على المستوى العربي الذي تقيم العديد من دولة علاقات سرية وغير شرعية مع إسرائيل لكن دخول عباس من الأبواب الأمامية يعطى الضوء الأخضر لمن يدخلون من الأبواب الخلفية .
الخاسر والرابح
قد يكون ليس من السهل الحديث عن المكسب والخسارة فى قمة خرجت بغير نتائج لكن لو عدنا إلى المواقف السابقة لكل الإطراف يمكن أن نقدر وبشكل لا يدع مجال للشك أن عباس هو الخاسر الأكبر .
اوباما وضع لنفسه أربعة أهداف الأول عقد لقاء قمة بين عباس ونتنياهو وهذا ما تحقق أما الهدف الثاني فكان تحريك عملية السلام وفشل في ذلك حتى الان أما الهدف الثالث فكان التزام إسرائيل بتجميد كامل للاستيطان وفشل في ذلك أيضا والرابع كان إحراز اختراق عربي في مسالة التطبيع مع إسرائيل . وهذا حتى ألان لم يتحقق أيضا وان كان أصبح ممكن بعد لقاء عباس نتنياهو .
أما نتنياهو فقد حدد لنفسه ثلاث أهداف كانت على النحو التالي الأول لقاء قمة مع عباس دون مقابل وهذا تم, ثانيا : تنازل أمريكي عن فكرة وقف الاستيطان وهذا تحقق, وثالثا : إظهار عباس كمن يرفض السلام وهذه أيضا تحققت أما محمود عباس فقد حدد هدفين لا ثالث لهما الأول تجمد الاستيطان والثاني البحث في قضايا الحل النهائي والهدفين لم يتحقق منهما شيئا بل وتنازل عباس عنهما.
وبحسبة بسيطة لا تحتاج إلى كثير عناء أو ذكاء يمكن الحكم على اللقاء الثلاثي ومن الذي خرج منه منتصرا محققا لأهدافه.
"أفي يسخروف" احد الكتاب في صحيفة هآرتس قال أن القمة الثلاثية لن ينتج عنها قفزة نوعية في الاتصالات بين الإسرائيليين والفلسطينيين ولا في اي جانب من اتفاق الحل الدائم.
وأضاف أن إسرائيل والسلطة الفلسطينية يشددون في جميع الفرص أن الحديث لا يدور بتاتاً عن مفاوضات وإنما عن جلسة سابقة للمفاوضات وتقليل التوقعات تم عملها بسبب الحسابات الائتلافية لنتنياهو من ناحية وناحية أخرى بسبب أن القمة تضعف موقف عباس والذي تنازل عن الشروط السابقة للقاء والتي تتمثل في تجميد البناء في مستوطنات الضفة الغربية وخاصة شرقي القدس.
وأوضح يسخروف أن القمة أعدت أولا وأخيرا من اجل السماح لحكومة أوباما بتقديم هذا التصوير المرتقب منذ فترة والذي يتمثل في الثلاث قادة يسلمون على بعضهم البعض والتي توضح بداية طريق جديدة للمفاوضات .
وتابع الكاتب انه وعلى اثر الفشل المدوي للبيت الأبيض في إخضاع إسرائيل وإجبارها على الموافقة على التجميد المطلق للبناء في المستوطنات أو مقايضتها بخطوات تطبيعية من قبل الدول العربية تجاه إسرائيل وأيضا صورة الثلاث زعماء معاً تقدر بأنها منقطع النظير وتساعد أوباما ورجاله بتحريك وليس بأي شيء العملية السلمية المترددة والمتململة .
وأكد الكاتب أن العلة تكمن في فهم السلطة انه وعلى حسب مبدأ الولايات المتحدة تسلق أبو مازن الشجرة العالية والتي تتمثل في تجميد البناء في المستوطنات, ولكن الآن يتوجب على أبو مازن أن يقفز من هذه الشجرة دون أي شيء مقابل, وإمداد الحكومة الأمريكية بالسلعة التي لم تحلم بها.
عباس وبدون شك هو الخاسر الرئيسي في لقاء القمة هو ورجاله الذين اهتموا بالتشديد أمام الجمهور الفلسطيني وفي كل فرصة انه ليس هناك معنى للقاء ثلاثي دون وقف قاطع للبناء في المستوطنات وخاصة قي شرقي القدس.