أكد بسام أبو شريف المستشار السياسي للرئيس الراحل ياسر عرفات، تعرض الأخير لما أسماه "خيانة" في أيامه الأخيرة، مشيرا إلى دور قيادات السلطة في الضغط على القيادة الفرنسية لإخفاء التقرير الحقيقي حول ملابسات اغتيال الرئيس الراحل.
وقال أبو شريف في حديث خاص بـ"الرسالة نت" من مقر اقامته في عمان: "إن آخر جملة قالها لي الرئيس عرفات: "لقد خانوني يا بسام (..) لا يوجد حولي رجال"، وفق قوله.
وذكر أنه عندما طالب الرئيس الفرنسي الأسبق جاك شيراك بالكشف عن التقرير الحقيقي الذي يكشف أسباب وفاة عرفات "تهرب"، وتابع "علمت من أطراف مهمة أن قيادات عليا في السلطة هي التي ضغطت على فرنسا لإخفاء التقرير، في محاولة لتضليل الحقيقة والتغطية على أطراف الجريمة".
ورجح أن تكون (إسرائيل) قد تسللت إلى عرفات عن طريق أصدقائه والمقربين منه، كما جرت العادة في كثير من عمليات الاغتيال التي تعرضت لها قيادات فلسطينية، لافتًا إلى أنه طالب عرفات بالحذر من مخطط لاغتياله بالسم.
وذكر أنه توقع قتله بالسم، بسبب وجود وعد من رئيس وزراء الكيان الإسرائيلي الأسبق ارئيل شارون للرئيس الأمريكي الأسبق جورج بوش، بعدم المساس جسديًا بعرفات، ما عزز من فرضية إقدامه على تصفيته بالسم على غرار ما حدث مع القائد وديع حداد ومحاولة اغتيال القائد خالد مشعل رئيس المكتب السياسي لـ"حماس".
ودعا الفصائل والجماهير الفلسطينية للضغط على رئيس السلطة محمود عباس لإعلان نتائج التحقيق في وفاة عرفات، معربًا عن استهجانه لما صرح به عباس بأنه يعرف قاتل عرفات ولا يرغب في الكشف عنه، متوقعًا تورط شاؤول موفاز وزير الحرب الإسرائيلي الأسبق بمتابعة تنفيذ اغتيال عرفات.
وأشار إلى أن عرفات كان يتوجس من أنه في حال غادر الأراضي المحتلة، فإن (إسرائيل) لن تسمح بعودته مجددًا، لهذا رفض الخروج من رام الله خلال مرحلة الحصار.
وأضاف أن المحيطين بعرفات أحبطوا مقترحًا لمغادرة الأراضي المحتلة، كي يواجه قيادة الأنظمة العربية التي تآمرت عليه نهاية حياته. وتابع أن عرفات كان يدرك الحملة المحلية والعالمية التي كانت تشن عليه، فكان على يقين بأن محاصرته في رام الله كانت تستهدف تطويقه لاغتياله.
ومنذ عشر سنوات على اغتيال عرفات لم تعلن لجنة التحقيق التي شكلتها السلطة عن أي من نتائجها التي توصلت إليها، فيما تراشق كل من محمود عباس رئيس السلطة ومحمد دحلان الذي شغل منصب مسؤول الأجهزة الأمنية في غزة قبل طرده منذ عدة أعوام، الاتهامات حول مسؤولية كل منهما في التورط باغتيال عرفات.
وأظهر تحقيق وثائقي لقناة الجزيرة القطرية، معلومات تشير إلى تسمم الرئيس عرفات بمادة اشعاعية.
**دكتاتورية عباس
وفي غضون ذلك، شنّ أبو شريف انتقادًا لاذعًا على عباس الذي وصفه بـ"الديكتاتوري"، مستهجنًا صمت فصائل المنظمة على "دكتاتوريته". وقال: "على فصائل المنظمة أن تدرك بأن ما يُصرف لها من الصندوق القومي ليس منّة من عباس، إنما حق لها ولقياداتها".
وأبدى أبو شريف استغرابه من "قيادات التنظيمات، التي تسكت جماهيريا على إجراءات الديكتاتور"، مطالبا فصائل المنظمة "أن تقف بصلابة في وجه الفردية والانتقائية والمزاجية التي يمارسها عباس".
وأضاف: "نرفض دكتاتورية عباس، الذي يترأس فلسطين وكأنها مزرعة عائلته"، وفق تعبيره.
كما أبدى أبو شريف رفضه المسّ بقوت العائلات الفلسطينية عبر وقف دفع رواتب الموظفين، قائلا إن السلطة يجب أن تعرف أن الشعب قاوم قبل أن تكون، وسيبقى كذلك.
يذكر أن فصائل منظمة التحرير تتلقى مخصصات مالية من الصندوق القومي الفلسطيني (تأسس عام 1964)، الذي يعد الجهة المسؤولة عن جميع الشؤون المالية المتعلقة بالمنظمة.
وفي غضون ذلك، أكدّ أبو شريف أن أي إجراء يتخذ بزيادة التضييق على غزة ومحاصرتها، هو جزء لا يتجزأ من مخططات تصفية القطاع التي يخطط لها الأعداء، من أجل تحويل الفلسطينيين إلى عبيد لدى الاحتلال، على حد قوله.
وأشار إلى دور غزة في تحمل عبء القضية الفلسطينية على مدار المراحل الماضية من عمر الثورة الفلسطينية، و"لا يمكن لأحد أن يكسر جبروتها".
وتابع: "يجب أن تعي السلطة أن أجهزتها ودوائرها ووزاراتها وجدت لتخدم الشعب، وإذا تحولت للعمل ضده، فإنها بذلك تكون عدوة له وتصطف الى جوار اعداءه".
وأضاف: "نحن شعب دفع ثمن ديمقراطيته بالدماء قبل أن تتشكل السلطة، ولن يسمح الشعب بتحويل سلطته الى إدارة دكتاتورية تسحق الشعب وتجويع العشب وسرقة أمواله والتلاعب في مصيره".
ودعا أبناء الاجهزة الأمنية بضرورة التكامل الجماهيري في مواجهة الاحتلال، محذرا من "أن من يحاول منع مواجهة الاحتلال سيكون قد حدد له موقع في صفوفه"، وفق تعبيره.
وأكدّ أن السلطة الفلسطينية مطالبة بوقف التنسيق الأمني، والتوقف عن التفرد والانتقائية في تنفيذ القرارات التي جرى التأكيد عليها في المجلس المركزي.
وكان رئيس السلطة محمود عباس قد هدد بإجراءات "حاسمة" ضد قطاع غزة، فيما رفضت حكومته رفع الضرائب المفروضة على الوقود المشغل لمحطة توليد الطاقة الوحيدة في القطاع.
كما خصمت حكومة رامي الحمد الله ما نسبته من 30-50% من رواتب موظفي السلطة في غزة.