أكدت فصائل وطنية وإسلامية، ضرورة توافر "الإرادة السياسية" لتطبيق المصالحة الفلسطينية بين حركتي "حماس" و"فتح"، وذلك تعليقاً على "المبادرة القطرية" التي قدمت إلى الطرفين قبل ثلاثة أشهر.
وطالبت الفصائل في أحاديث منفصلة مع "الرسالة"، بالاستجابة الفورية لدعوات إنهاء الانقسام الفلسطيني المستمر منذ 10 سنوات.
وكانت مصادر قالت لجريدة "القدس العربي" الصادرة من لندن إن "المبادرة القطرية"، التي قدمت قبل ثلاثة أشهر لحركتي فتح وحماس، وتشمل آليات لحل ثلاثة ملفات خلافية أساسية، ستكون أساس الحوارات التي ستنطلق بين قيادات الحركتين في قطاع غزة بهدف تسهيل الوصول إلى حل ينهي كل آثار الانقسام.
وأضافت أن الخلافات في وجهات النظر حول "المبادرة القطرية" لا تزال قائمة بين حركتي فتح وحماس، وهو أمر يدفع إما إلى فشل الحوار المرتقب، أو تمديد فترة المباحثات إلى ما بعد 25 من الشهر الجاري.
وذكرت أن "المبادرة القطرية" تشمل بندًا لحل مشكلة الموظفين الذين عينتهم حركة حماس، وبندًا لحل الخلافات حول تفعيل المجلس التشريعي، بالبدء بعقد جلسة مشتركة للنواب كافة، وانتخاب رئاسة جديدة، وكذلك إعادة تفعيل منظمة التحرير بدخول حركتي حماس والجهاد الإسلامي.
وأوضحت أن "المبادرة القطرية" تشمل حلولًا للانقسام من خلال تشكيل حكومة وحدة وطنية ببرنامج فلسطيني توافقي، ولا يقتصر البرنامج على مطلب فتح بأن تتبنى برنامج المنظمة، في ظل رفضه من حماس.
رأب الصدع
وقال القيادي في حركة الجهاد الإسلامي خضر عدنان إنه "مع أي جهد فلسطيني عربي وإسلامي لرأب الصدع، وترتيب البيت الفلسطيني"، داعيًا إلى الاستجابة الفورية من قبل الفصائل الفلسطينية لدعوات إنهاء الانقسام الفلسطيني الحاصل بين "حماس" و"فتح".
وأوضح عدنان خلال حديثه لـ "الرسالة"، أنه إذا وجدت الإرادة الفلسطينية الحرة التي تتطلع إلى زوال دولة الاحتلال الإسرائيلي ومقاومته، سينتهي الانقسام الفلسطيني في أقرب وقت ممكن، مشيرًا إلى أن الجهة الوحيدة المستفيدة من استمرار الانقسام هو الاحتلال.
وأضاف "الاحتلال يلعب دورًا مهمًا في اتساع فجوة الانقسام، ويقوم بأعمال على مبدأ فرق تسد؛ لذلك يريدنا متشرذمين دون إرادة".
وأكد القيادي في حركة الجهاد، أن هناك ضرورة فلسطينية ملحة لوجود حوار فلسطيني شامل بعيدًا عن الحوارات الثنائية، مذكراً بمبادرة الأمين العام لحركة الجهاد الإسلامي رمضان شلح والتي طرحها على الساحة الفلسطينية كأرضية لإنهاء الانقسام.
وشدد على ضرورة مشاركة الفصائل في حوار وطني لكي يكونوا الحكم على جلسات المصالحة ومعرفة الجهة الحقيقية التي تعطل تطبيق إنهاء الانقسام الحاصل منذ عشر سنوات، رافضًا أي حوار ثنائي بين الطرفين دون مشاركة الجميع.
وحسب عدنان، عبرت جميع الفصائل الفلسطينية عن ارتياحها لمبادرة شلح، لكن استدرك بالقول "للأسف لم يكن هناك أي صوت من السلطة الفلسطينية بالضفة المحتلة أو حركة "فتح" للالتفات إلى ما طرحه شلح".
طريق مسدود
بدوره، قال عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية لتحرير فلسطين طلال أبو ظريفة إن "المبادرة القطرية" مثل كل المبادرات التي طُرحت في السابق، المسألة ليست في المضامين، إنما في الآليات التي تدفع إلى تطبيق ما اتفق عليه الطرفان.
وأوضح أبو ظريفة خلال حديثه لـ"الرسالة"، أن جميع الخيارات الثنائية بين حركتي "حماس" و"فتح" وصلت إلى طريق مسدود بغض النظر عن الطرف المعيق لتحقيق المصالحة، داعيًا إلى وضع جميع المبادرات على طاولة الحوارات الشاملة بين الفصائل وصولًا إلى حكومة وحدة وطنية.
ونوه إلى أن خلق الأزمات التي تفتعلها السلطة الفلسطينية في الضفة "لن تفتح الطريق لتجاوز عقبة الانقسام الحاصل بين الطرفين"، داعياً إلى اعتماد وثيقة الوفاق الوطني كبرنامج لحكومة الوحدة الوطنية المقبلة.
وفي حال فشل تطبيق برنامج الوفاق على الحكومة، دعا أبو ظريفة إلى عقد الإطار القيادي المؤقت لمنظمة التحرير الفلسطينية لدراسة كل الصعوبات وصولًا إلى برنامج وطني بعناوينه الجديدة.
وأكد أن الشراكة لها مرتكزات بعيدًا عن سياسة الإقصاء والتهميش والانفراد وإدارة الظهر عن القرارات التي تتخذ بشكل مشترك، رافضًا كل شيء يتناقض مع ذلك.
ودعا إلى توفر إرادة حقيقية لوضع الأمن الوظيفي لكل مواطن فلسطيني بعيدًا عن انتمائه السياسي، متابعًا "لا يجوز أن نجعل مثل هذه القضايا عقبة لاستمرار حالة الانقسام؛ لأن الوضع الإقليمي صعب جدًا، ويجب مواجهة تلك التحديدات".
حسن النية
من جانبه، قال عبد العليم دعنا عضو اللجنة المركزية للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين إن "الفصائل لا تحتاج إلى مبادرات لتحقيق المصالحة بين الطرفين، نحن بحاجة إلى تطبيق ما اتفقنا عليه، وهو واضح وصريح وعملي وسهل".
وأوضح دعنا خلال حديثه لـ"الرسالة"، أن الطرفين بحاجة إلى حسن نية لإنهاء الانقسام، مشيرًا إلى أن رئيس السلطة محمود عباس يريد رضوخ حركة "حماس" تحت الحكم بالضفة.
ورفض أي ضغوطات تمارسها السلطة على سكان القطاع، وقال إن "الأوضاع الاقتصادية في غزة صعبة جدًا، في ظل انتشار البطالة بين الشباب، ويريد عباس أن يصعب الأمر أكثر فأكثر"، داعياً إلى تفعيل اللجنة التحضرية، وإدخال حركتي "حماس" و"الجهاد الإسلامي" لإجراء إصلاحات في المنظمة.
وفي 23 أبريل/نيسان 2014، وقعت حركتا "فتح" و"حماس" (أكبر فصيليْن على الساحة الفلسطينية) اتفاقاً للمصالحة نصّ على تشكيل حكومة وفاق، ومن ثم إجراء انتخابات تشريعية ورئاسية ومجلس وطني بشكل متزامن.
وفي 2 يونيو/حزيران، 2014، أدت حكومة الوفاق اليمين الدستورية أمام الرئيس عباس، غير أنها لم تمارس أياً من مهامها في قطاع غزة.