رمت حركة حماس الكرة في ملعب رئيس السلطة محمود عباس وحملته المسؤولية عن قطاع غزة وطالبته بتمكين الحكومة من تسلم مهامها في القطاع، عدا عن تعمدها إيصال رسالة بأنها لم تعد تثق بالحوارات الثنائية المغلقة لذا لجأت للحوار "ع المكشوف" عبر الإعلام كما اشترطت حضور الفصائل في أي لقاء بين الطرفين.
هذه بعض الرسائل التي حملها مؤتمر حركة حماس الذي عقد يوم الثلاثاء الماضي في مدينة غزة، والذي بحسب محللين "كان صريحاً، ووضع النقاط على الحروف".
ومن الواضح أن القيادي خليل الحية ابتعد عن لغة الدفاع إلى الهجوم حين ذكر رئيس السلطة بشرعيته المتآكلة، وأنه يحاول أن يخرج بالقضية الفلسطينية من المشروع الوطني إلى قضايا ثانوية كالرواتب والكهرباء.
وبحسب مراقبين فإن المؤتمر كان بمثابة رد تفصيلي من حركة حماس على الكثير من القضايا التي أثيرت في الشارع الفلسطيني مؤخراً.
وفي السياق، قال الكاتب والمحلل السياسي فايز أبو شمالة: "إن مؤتمر حماس كان جدياً وعلى قدر المسؤولية، وفند الكذب والافتراءات بحق غزة كاملة وتنظيماتها"، مشيرًا إلى أنه حمل نبرة التحدي وعبر عن إرادة الشعب الفلسطيني ككل.
ورأى أبو شمالة لـ "الرسالة نت" أن المؤتمر شكل موقفًا قويًا ومثل ردًا على كل الحالمين بأن تركع غزة، موضحًا أنه أوصل رسالة بأن من قصف تل أبيب لا يخشى من تهديدات جوفاء.
واعتبر أن خطاب حماس تميز على الخطابات السابقة بتحميل المسؤولية لعباس الذي لا يحظى بدعم من فتح ولا منظمة التحرير ولا الإقليم، مبينا أنه يريد تركيع غزة لمنطلقات شخصية وخلافات داخل التنظيم، مشيرا إلى أنها المرة الأولى التي تكون فيها حماس واضحة بتوجيه الاتهامات لرئيس السلطة محمود عباس.
وكانت حركة المقاومة الإسلامية حماس، قد أكدت رفضها للغة التهديد التي تمارسها حركة فتح ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس بحق قطاع غزة، مرحبة بذات الوقت بإجراء الانتخابات وإنجاز المصالحة الوطنية، داعية حكومة رامي الحمد الله لتحمل مسؤولياتها في القطاع.
وشددت الحركة على لسان عضو مكتبها السياسي الدكتور خليل الحية، على أن قطاع غزة لا يزال مسؤولية حكومة رامي الحمد الله، وأنها في المقابل، جاهزة للتوافق وحلّ كل الخلافات.
وبحسب المحلل السياسي مصطفى الصواف فإن خطاب حماس كان مسؤولًا ووضع النقاط على الحروف، وأظهر الحقائق التي ضللت عبر وسائل الإعلام خلال الفترة الماضية، مبينًا أن قراءته يجب أن تتم بأكثر من طريقة خاصة وأنه يؤكد أن المشروع ليس لحماس بل هو وطني شامل.
وقال الصواف في حديث متلفز لفضائية الأقصى: "الخطاب ليس بمثابة تقاذف كرات اللهب بل هو كسر لحالة الضبابية"، مبينًا أن فتح سيكون لها قراءة مختلفة لجزئية إرسال الوفد بعد الخطاب.
ويعتقد الصواف أن رئيس السلطة عباس يشعر بما ذكره الحية من عدم موافقة العالم على إجراءاته، لذا هو مضى في التهديد ليثبت للجميع أنه من يملك القرار.
ويبدو أن حركة حماس كانت معنية خلال المؤتمر تذكير رئيس السلطة الفلسطينية بقضايا الشعب الفلسطيني الجوهرية وعدم جره لقضايا ثانوية لذا طالب بموقف واضح من السلطة حول التنسيق الأمني، والانتفاضة، والمشروع الوطني وانتهاكات الاحتلال المستمرة بحق الفلسطينيين وتهويد القدس.
وحول رؤية أبو شمالة للغة الخطاب التي اتسمت بالصراحة، قال: "إن تحميل عباس المسؤولية يبنى عليها مستقبل مواقف سياسية عملية للحركة والتنظيمات الأخرى"، مبينًا أن تلك المواقف قد تكون على شكل لقاءات أو تحالفات بمثابة تشكيل موقف وطني موحد من عباس.
وبحسب أبو شمالة فإن د. الحية استطاع إيصال رسالة بأن عباس لا يتحدث بالحقائق، لذا الرد سيكون عبر وسائل الإعلام والكل الوطني، وهو ما يشكل حالة أكبر من عدم الثقة.
ولفت أن حماس أمام مرحلة جديدة هي والفصائل التي وضعت الخوف من عباس خلف ظهرها، مبينًا أنها أكدت أن أي نزع لشرعيتها ممكن أن يواجهه نزع لشرعية عباس المتآكلة. وذكر أن هناك انتقالًا من حالة الدفاع إلى الهجوم "لذا ركزوا على قضايا جوهرية كالتنسيق الأمني، معتبرين أنه لا حديث في ظل تواصل التنسيق.
ويرى مراقبون أنه وبرغم من الخطاب القوي والصريح إلا أنه يمكن البناء عليه كونه جدد شرعية النظام السياسي الفلسطيني بكل مكوناته (التشريعي الوطني والرئاسة)، وكذلك حين أعتبر أن حكومة الوحدة وطنية تلغي اللجنة الادارية فور تشكيلها.
بدوره، أشار المحلل السياسي الدكتور هاني البسوس إلى أن المؤتمر الصحفي لحركة حماس كان بمثابة رسالة طمأنينة لسكان قطاع غزة، معتبرا في تغريدة له أنه "رسالة واضحة وحاسمة لقيادة السلطة الفلسطينية بتحمل مسئولياتهم كافة، ولجيش الاحتلال الإسرائيلي بعدم ارتكاب أي حماقة".