قائمة الموقع

​في زحمة المتضررين من "إجراءات عباس".. ماذا عن فتح؟

2017-04-27T09:27:25+03:00
​غزة-أحمد الكومي

تطول قائمة المتضررين من إجراءات رئيس السلطة محمود عباس ضد قطاع غزة، لتشمل المواطن، ثم الفصائل وحركة حماس، المستهدفة أولاً، وتتسع إلى مختلف قطاعات الحياة، لكن أحدا لم يسأل عن موقع حركة فتح من كل ذلك، إن كانت ضمن حيّز الأضرار، أم في مأمن منها؟

قد يتّجه أصبع الإجابة إلى الخيار الثاني، بأن فتح بعيدة عن شظايا هذه الإجراءات باعتبار أن مصدرها هو رئيس فتح أبو مازن، لكن يغيب عن أنصار هذا الرأي، أن القرار بشأنها ليس بإجماع التنظيم، بقدر ما هي منفردة بقرار وتوجه شخصي من الرئيس عباس، وإن كانت بديكور اللجنة المركزية؛ الأمر الذي يترتب عليه مجموعة محاذير تمنح فتح صدارة الترتيب في حجم الضرر المترتب على قبولها للاستمرار بهذه السياسة، وهذا التجاوز.

إن أخطر ما في الأمر، هو اختلاف معيار الصديق والخصم لدى فتح، فلغة "التهديدات غير المسبوقة" الموجهة ضد حماس يجعل منها الخصم الواجب كسره وإذلاله لمصلحة أهداف سياسية غير وطنية، فيما تتواصل طلبات الصداقة مع الاحتلال، في مشهد غريب وشاذ على الحركة الوطنية الفلسطينية منذ نشأتها، لم يرد ذكره في تاريخ حركات التحرر في مختلف مناطق الصراع!

إن الرئيس عباس وهو يقرر التضييق على قطاع غزة كمن يطلق رصاصة الرحمة على طليعة التنظيم الفتحاوي في قيادة المشروع الوطني، فتساوق أبو مازن مع الاحتلال في حصار غزة، واستعمال لغة التهديد، يضع فتح في خانة الاتهام وفي الساحة المقابِلة للفصائل، ما لم تبادر إلى إثبات براءتها والدفاع عن شرعيتها، أو الاستمرار في صمتها، وبالتالي تقديم دعم غير معلن لأبو مازن في إجراءاته ضد مليوني فلسطيني في غزة، يشكلون رصيداً وحاضنة شعبية للمكوّن الوطني الفلسطيني.

ولا يمكن إغفال أن استمرار هذا النهج الخاطئ في التعامل مع غزة قد ينذر بتفريخ مزيد من المتجنّحين، الذين يرفضون عملية تدجين ما تبقى من التنظيم، فمن المحظور تجاهل الصورة الجماهيرية الغاضبة التي احتضنتها ساحة السرايا وسط مدينة غزة لأنصار فتح وموظفي السلطة؛ رفضا لسياسة خصم الرواتب.

ولا يجب أن تغيب عن أذهان قيادة التنظيم صورة ذلك الموظف الذي رفع حذاءه وسط السرايا، فهذه الطريقة في الاعتراض هي بحد ذاتها استطلاع لحجم الكراهية ومستوى الرفض لهذه السياسات الخاطئة، فإن كان الحذاء رُفع هذه المرة احتجاجا، فقد يُرفع قادما، تهديدا ووعيدا، وهذا يقدّم لنا مؤشرا على أن "إجراءات الرئيس" والاستمرار بها، تهدد بتآكل شعبية التنظيم في المنظور القريب.

كما تعزز هذه الإجراءات نظرية "حزب الفرد" وتعززها داخل فتح، بشكل يلغي مفاصل التنظيم ومؤسساته، وأدوارها وتأثيرها، ويجعل من المؤتمرات العامة له تقليدية وصورية لمبايعة فرد واحد، وتقديم الولاء له، مثلما حدث في المؤتمر السابع الأخير لفتح. وقد يبدو تفرّد أبو مازن بالتنظيم مبررا على ضوء عدم الجرأة على الانتقاد والرفض، والأهم من كل ذلك غياب القيادة البديلة، فمحمود العالول، أول شخص يتبوأ منصب نائب الرئيس في فتح، لا يمكن أن يسد فراغ غياب أبو مازن، ولا يمكن أن يعوّل عليه في ذلك، ولم يرد حتى في احتمالات القيادة البديلة للرئيس، باعتبار أنه شخصية لا حضور لها، وتفتقد إلى نزعة القائد، والأهم لا تملك المال والنفوذ، الذي يؤهلها لقيادة تنظيم كبير، ومليء بالخصوم، مثل فتح.

وما سبق يقدّم تفسيرا لتراجع الحركة الملحوظ في تبنّي القضايا الوطنية، ونجد ذلك ماثلا في موقف فتح الباهت بشأن دعم إضراب الأسرى الذي يقوده حاليا أحد أبرز قادتها ورموزها، مروان البرغوثي، وامتناعها مؤخرا، وفي غمرة التصعيد السياسي مع حماس، عن تقديم إجابات للأخيرة حول موقفها من أبرز القضايا الوطنية، المتعلقة تحديدا بالانتفاضة، والتنسيق الأمني.

المقطوع به، أن الرئيس عباس يقود حركة فتح إلى مربع خطير، سيضطرها لاحقا إلى تحمّل أوزاره، بعد أن يقدّمها قربانا أمام الرئيس الأمريكي دونالد ترامب، بتصدر التنظيم وتبنّيه للتنازلات الخطيرة المتوقّع تقديمها في البيت الأبيض، وبالتالي تكون في مواجهة شعب لا يجد نفسه إلا في القادة الذين يتبنون كفاحه.

اخبار ذات صلة
فِي حُبِّ الشَّهِيدْ
2018-04-21T06:25:08+03:00