مجددا؛ تُقدم السلطة الفلسطينية على إحكام الخناق والتضييق على غزة عبر ذهابها بخطوات تشدد من خلالها حصار القطاع وتشارك الاحتلال "الإسرائيلي" فيه.
وفي سابقة هي الأخطر، أبلغت قيادة السلطة منسق شؤون المناطق في جيش الاحتلال "الإسرائيلي" الجنرال يوآف مردخاي، بوقفها تمويل ثمن إمدادات الكهرباء الإسرائيلية لقطاع غزة.
وتزود (إسرائيل) غزة بالكهرباء بمبلغ 40 مليون شيكل شهريا، تعذي القطاع عبر 10 خطوط كهرباء تنتج 125 ميغاوات، وتمثل نحو 30% من إمدادات الكهرباء، فيما يجري اقتطاعها من عائدات ضرائب السلطة.
ويأتي هذا بعد أيام قليلة من قرار السلطة إجراء خصومات على رواتب موظفيها في غزة وإطلاق التهديدات باتخاذ المزيد من الإجراءات القاسية بحق القطاع؛ بحجة الأزمة المالية والضغط على حركة حماس لجلبها لبيت الطاعة.
وتذرعت السلطة بأن عدم تحويل الإيرادات من غزة، أحد أسباب الأزمة، في حين أن ما تجبيه السلطة من غزة أضعاف مضاعفة مما تنفقه على القطاع.
وتستغل السلطة الوضع القائم للتهرب من مسؤولياتها اتجاه القطاع والاستفراد بالقرار المالي، رغم أن ما تحصله من منح ومساعدات مالية مرصود للأراضي الفلسطينية ككل بما فيها قطاع غزة المحروم من هذه الأموال.
ويبلغ اجمالي المقاصة المُحصل من غزة هو 965 مليون دولار سنويا بواقع 80.42 مليون دولار شهريا، في المقابل ما تنفقه السلطة على القطاع لا يتجاوز 22% من إجمالي الموازنة العامة.
مفاتيح الضغوط
ويعتقد الكاتب والمحلل السياسي محسن أبو رمضان أن هذا القرار حلقة من سلسلة خطوات قرر رئيس السلطة محمود عباس أن يتخذها والتي أعلن أنها "غير مسبوقة" ضد حركة حماس للضغط عليها لتسليم الحكومة مهامها بغزة.
وقال أبو رمضان في حديثه لـ"الرسالة نت" إن هذه الضغوط ستمس حياة المواطنين وتنعكس سلبا على واقع غزة لأن توقف الكهرباء عن العمل يعني شلل جميع مناحي الحياة والتسبب بكارثة إنسانية في القطاع.
وأوضح أن ثمن المصالحة يجب أن يكون من خلال تعزيز صمود المواطنين وليس بزيادة أعبائهم والضغط عليهم، وتعميق الأزمة الإنسانية، مؤكدا أن عباس قرر استخدام مفاتيح الضغوط على القطاع وحركة حماس؛ لتلبية طلباته التي يعتقد أنها ستكون مفيدة له في زيارته للبيت الأبيض.
وأشار أبو رمضان إلى أن الرئيس عباس يريد من "حماس" تسليم غزة دون إعطائها أي فرص للشراكة في أطر منظمة التحرير وفي ظل غياب فلسفة الشراكة واللجوء إلى الضغوطات.
إعلان حرب
ويرى الكاتب والمحلل السياسي إبراهيم المدهون، أن قطع الكهرباء بشكل كامل عن القطاع يعتبر إعلان حرب، وعدوان كبير على غزة، واصفا القرار بالشعرة التي قد تقصم ظهر البعير وستنتج عنها تداعيات خطيرة، حال نفذت الخطوة فعليا.
ويؤكد المدهون أن تخلي السلطة عن مسؤولياتها اتجاه غزة سيجردها من حقها الشكلي في الاستحواذ على المقاصة والضرائب، "وهذا سيقوي ويمدد واقع قطاع نحو تعزيز إدارته الوطنية الذاتية، وتحويلها لواقع أكثر مما هي عليه الان".
وأوضح أن هذا القرار قد يدفع القطاع نحو الاحتلال إما فتح قنوات تفاوض عبر وسطاء أو انفجار، مشيرا إلى أن جميع الخيارات مفتوحة في ظل تأزم الموقف وتنكر السلطة عن مسؤولياتها.
ولفت المدهون إلى أن استجابة الاحتلال لطلب السلطة بقطع الكهرباء نهائيا عن غزة، وتأزيم المأزم، سيحصر حماس والمقاومة وأهالي قطاع غزة في خيار الانفجار فقط أو ما يشابهه من خيارات.
ويعمل جدول كهرباء القطاع حاليًا بنظام 6ساعات وصل، مقابل 12 ساعة قطع ويزيد؛ نظرا لاستمرار فرض ضريبة "البلو" من قبل حكومة الحمد الله، وتعطل الخطوط المصرية.
ويحتاج قطاع غزة إلى نحو 400 ميغاوات من الكهرباء، حتى تعمل مدة 24 ساعة، بينما لا يتوفر حالياً إلا 212 ميغاوات توفر (إسرائيل) منها 120 ميغاوات، ومصر 28 ميغاوات، وشركة توليد الكهرباء الوحيدة في غزة، 60 ميغاوات".