قائد الطوفان قائد الطوفان

ما يدركه جدعون ليفي وينكره عباس

 جدعون ليفي
جدعون ليفي

د. صالح النعامي

من الأهمية بمكان أن نضع القارئ العربي والفلسطيني على وجه التحديد أمام أهم ما جاء في المقال التأسيسي الذي كتبه الكاتب الإسرائيلي جدعون ليفي ونشرته صحيفة "هارتس" الخميس الماضي، والذي يشكل شهادة إدانة لرئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس في أعقاب إجراءاته ضد الأسرى وعوائل الشهداء والجرحى استجابة للإملاءات الإسرائيلية.

صحيح أن ليفي وجه كلامه في المقال لنتنياهو الذي يضغط من أجل وقف مخصصات الأسرى وعوائل الشهداء والجرحى، لكن من الواضح أن الكلام موجه أيضا لعباس الذي استجاب لهذه الإملاءات.

يقول ليفي إن (إسرائيل) "التي كان من المفترض أن تعوض جزءا كبيرا من هذه العائلات الفلسطينية، التي تعرض أبناؤها للقتل بدون مبرر، وأصبح بعضهم معاقين أو أسرى تطالب السلطة الفلسطينية بعدم مساعدة هذه العوائل.... (إسرائيل) التي أدى احتلالها العنيف الى وجود المقاومة الفلسطينية العنيفة".

ويضج ليفي من ازدواجية المعايير الصهيونية، حيث قال: "(إسرائيل) التي اعتقلت مئات الاف الفلسطينيين وفرضت عليهم عقوبات شديدة، وأيادي جنودها تضغط بسهولة على الزناد ولا يمر يوم تقريبا دون التسبب بالقتل والاصابة بدون مبرر - هي بالذات التي تتعامل بسخاء مع مصابيها وأسراها واهالي قتلاها، في حين أنها تطالب ألا يحصل الأسرى وعوائل الشهداء والجرحى على أي شئ".

ويوبخ ليفي (وبالطبع التوبيخ سيكون أكبر لمن يستجيب له)، حيث يقول: "هل هناك وقاحة أكثر من هذه؟ تخيلوا لو تجرأت السلطة الفلسطينية وطالبت بان تتوقف (إسرائيل) عن دفع المخصصات لأرامل الجيش الاسرائيلي كاختبار لنواياها السلمية...ماذا سيكون رد نتنياهو".

ويشير ليفي إلى ما يتجاهله عباس، حيث يعتبر أن المطالبة بعدم منح الأسرى وعوائل الجرحى والشهداء مخصصات مالية إنما يعكس تعاطيا عنصريا استعلائيا، حيث يقول: "نتنياهو يقول في الواقع: الفلسطينيون هم ادنى منا، فابطالنا مقدسون وابطالهم مجرمون، فبمجرد المقارنة بيننا وبين الفلسطينيين تحدث عاصفة هنا".

ويجز ليفي قائلا: "الأسرى الفلسطينيون هم أسرى حرب بالنسبة لهم، ابطال الشعب. وقتلاهم شهداء مقدسون. ولا يمكن ان يكون الامر مختلفا عن ذلك هم الأشخاص الذين ضحوا بكل ما لديهم من اجل الصراع الذي لا يوجد اكثر عدالة منه".

ويرى ليفي أن المال لا يؤثر على دوافع الفلسطينيين لمقاومة الاحتلال، ويقول: " هل تستطيع الاعتقاد بان هناك فلسطيني مستعد لأن يقتل أو يصبح معاق أو سيمضي ايام حياته بالسجن من أجل 1.200 شيكل شهريا لعائلته".

ويضيف: "العقل المشوه فقط يستطيع الاعتقاد بانه لا يوجد لدى المحاربين الفلسطينيين دافع آخر باستثناء المال، بحيث اذا توقفت الاموال ستتوقف مقاومة الاحتلال...لماذا لا نعتقد أن هناك جندي اسرائيلي واحد ذهب ليقتل ويُقتل من أجل المخصصات المالية؟ هل يمكن ان يخطر هذا على بال احد في (إسرائيل)؟ ولكن يمكن اتهام الفلسطينيين بأي شيء. فهم ليسوا مثلنا".

ويواصل ليفي لائحة الاتهام ضد نتنياهو وعباس معا :" عائلات الاسرى الفلسطينيون الكثيرة ضحية الاحتلال، لا يوجد شخص مستقيم واحد يفكر بجدية أنه يجب معاقبتهم، بل عل العكس فمن الأمور البديهية أن يهتم بهذه العائلات. فلا يوجد شخص مستقيم يعتبر أن الأسرى الفلسطينيون يستحقون الموت ".

وفي الوقت الذي يتهم عباس المقاومة بالعبثية، يقول ليفي: " المقاومون الفلسطينيون، أولئك الذين قاموا بأفعال سيئة وألحقوا الضرر بالأبرياء هم أيضا أبطال بنظر أبناء شعبهم ويجب الاهتمام بعائلاتهم بالضبط مثلما أن القتلة عندنا هم ابطال والدولة تهتم بهم وبعائلاتهم".

ويعود ليفي مجددا ليذكر بالنفاق والغطرسة الصهيونية التي يستجيب لها عباس، حيث يقول: "طلب نتنياهو بعدم منح مخصصات للأسرى وعوائل الشهداء والجرحى جاء قبل ذكرى قتلى الجيش الاسرائيلي بأسبوع...فهذا يوم الوفاء القومي لأبطالنا. لا يجب أن نقيس كميات الدم التي سفكها ابطالنا مقارنة بأبطالهم. أو مدى البشاعة والضرر الذي لحق الابرياء. يكفي أن نتذكر: مثلما اننا نقف دقيقة صمت احياء لذكرى ابطالنا ونهتم بعائلاتهم فمن حق الفلسطينيين عمل ذلك بالضبط".

البث المباشر