"إذا امتلكت أموالا كثيرة، من الصعب أن تجد وقتا للبحث عن مواهب جديدة"، قاعدة شهيرة في سوق الكشافين بملاعب أوروبا والعالم، فالميزانية الصغيرة تجبرك على السعي وراء اكتشاف أسماء مميزة.

وطبّق توتنهام هذه القاعدة فعليا, رغم قوة الوضع المالي للنادي الإنجليزي، لأنه نجح في تحقيق المعادلة الصعبة، بجلب لاعبين من دوريات أخرى دون ضجيج إعلامي وجماهيري، كما فعلوا مع كريستيان إيركسن، الموهوب الحاسم من أياكس عام 2013.

ومع وجود منافسة مشتعلة في شمال لندن بين أرسنال وتوتنهام، يبدو بقاء إريكسن لسنوات مقبلة مع راتب أقل ومزايا هادئة مضمونا، وهنا الفرق الحقيقي بين الناديين، في استغلال الموهبة والاستفادة منها في حدود العقل والمضمون, لأن الأول يعاني للحفاظ على نجومه أمثال مسعود أوزيل وأليكس سانشيز, اللذين يحصلان على رواتب خيالية.

قصة الانتقال

بعدما وصل ويليان بورخيس دا سيلفا إلى توتنهام من أجل التعاقد الرسمي، وفي الثواني الأخيرة قبل إتمام الصفقة، عرقل تشيلسي العملية وخطف البرازيلي، ما جعل "السبيرز" يضع كامل تركيزه على اسم آخر، وهو الدنماركي إيركسن، موهبة أياكس وأحد نجوم الدوري الهولندي خلال الألفية الجديدة.

تحدث فرانك دي بوير مدرب أياكس وقتها عن اللاعب واصفا إياه بـ"المايسترو الصغير"، لأنه خيار أكثر من رائع لأي ناد يريد نجم وسط مهاري ومجتهد وقوي، وبالطبع يقدر على شغل كافة الوظائف في كل مراكز الوسط.

وجعلت كلمات دير بوير مسؤولي توتنهام يتحركون بشكل جاد لجلب اللاعب, مقابل 12 مليون جنيه إسترليني فقط.

وسط متكامل

يمتاز إيريكسن بقوة كبيرة في التمرير والتسديد، بالإضافة إلى قدرته على العودة إلى نصف ملعبه، والقيام بالشق الدفاعي على أكمل وجه، لسابق لعبه بهذا الشكل مع أياكس.

واستفاد الأرجنتيني ماوريسيو بوكيتينو مدرب توتنهام من مزايا نجمه، من أجل اللعب بأكثر من رسم خططي في الموسم، مع توظيفه في 3-4 أماكن وفق ظروف كل مباراة وخصائص المنافسين.

ونجح النجم الدنماركي في كل الاختبارات، وحمل فريقه في أوقات الحسم على مستوى الإنتاج والأرقام، رغم أنه أقل من ديلي آلي وهاري كين وفق منظور البريق الإعلامي واهتمام الصحافة الإنجليزية.

وصنع اللاعب 11 هدفا خلال آخر 12 مباراة، بالإضافة إلى تسجيله 5 أهداف، أي مساهمته في 16 هدفا خلال هذه المدة الزمنية القصيرة، نتيجة حمايته بثنائي محوري صريح بالمنتصف، وتمتعه بالحرية اللازمة للتحرك في الفراغات المتاحة.

ما بعد توتنهام

يؤكد الكثيرون أن مشروع توتنهام الحالي مستمر لسنوات إضافية، بسبب صغر سن معظم اللاعبين وإصرار المدرب بوكيتينو على الاستمرار فترة طويلة، لدرجة أنه رفض عروضا قوية من عدة فرق كمانشستر يونايتد وبرشلونة كما تحدثت الصحف خلال السنوات الأخيرة، وبالتالي من الصعب تفريط الإدارة في أي نجم، خصوصا مع حملة تجديد التعاقدات التي بدأت منذ بداية الموسم، لتشمل معظم إذا لم يكن كل أعمدة التشكيلة الأساسية.

ويعتبر إيركسن بالأخص عملة نادرة في الفترة الحالية، بسبب تعقد إيجاد لاعب وسط متكامل، يجيد اللعب في منتصف الملعب بين الدفاع والهجوم.

ورغم استمرارية النجم في الشق الهجومي خلال الموسم الجاري، إلا أنه يمكنه العودة خطوات إلى الخلف والقيام بدور العامل المشترك بين الدفاع ولاعبي الثلث الأخير.

ختاما ليس بالسهولة إقناع توتنهام بالبيع، لكن بعد فترة معينة سيبدأ إيركسن بنفسه السعي نحو انطلاقة جديدة، وسيتضاعف هذا الشعور في حالة عدم تحقيق بطولة كبيرة في أقرب وقت، لتبقى كل الطرق مفتوحة مع وجود أكثر من سيناريو غير متوقع، على أمل تحرك فعلي من أحد الأباطرة الكبار في إسبانيا أو إيطاليا، أو حتى إنجلترا.