ظهر الغضب واضحًا على الكيان الإسرائيلي بمجرد الإعلان عن وثيقة حماس مساء الاثنين الماضي لذا هاجمها بشدة، معتبرًا أنها خدعة لجأت إليها الحركة لتكون مقبولة دوليا دون أن تغير أيًا من مبادئها.
محللون رأوا أن الوثيقة المعتدلة جن منها الاحتلال لأنها "ستفوت عليه فرصة تشويه صورة الحركة في الخارج ونعتها بالإرهاب"، موضحين أن الوثيقة ستحسن من صورة حماس دوليًا، وهو الأمر الذي لا تريده "إسرائيل".
ولم يأت من فراغ ما قاله المتحدث باسم رئيس الوزراء الإسرائيلي دافيد كيز أن حركة المقاومة الإسلامية (حماس) "تحاول أن تخدع العالم بإصدار وثيقة سياسية جديدة" فهو يعكس ما يدور داخل أروقة الاحتلال والذي بدأت ردات فعله تظهر مبكرًا على إعلان الوثيقة منذ لحظة تسريبها.
المتحدث باسم نتنياهو وبحسب ما نقلت عنه وكالة (رويترز) العالمية اعتبر أن حماس تحاول خداع العالم لكنها لن تنجح"، وفق قوله. وتابع قوله: "يبنون أنفاقا وأطلقوا آلاف الصواريخ على مدنيين إسرائيليين، هذه هي حماس الحقيقية".
الكاتب والمحلل للشأن الإسرائيلي الدكتور عمر جعارة أكد على أن الاحتلال جن جنونه من الوثيقة التي اعتبرها خدعة وشكل من أشكال العداء بحقه، مشيرًا إلى أن الاحتلال رأى أن الوثيقة جاءت لتحسين صورة حماس في المجتمع الغربي وبخاصة في الولايات المتحدة.
ودلل جعارة على ذلك بما قاله رئيس المكتب السياسي لحماس خالد مشعل أمس حين ناشد الولايات المتحدة بفهم القضية الفلسطينية جيدًا. ويذكر جعارة أن الاحتلال هاجم الوثيقة بعنف لكونه اعتبرها لا تقل عن الصواريخ، وأنها ستساهم بقدر كبير في تحسين صورة حماس في الولايات المتحدة، لافتًا إلى أن الوثيقة تصر على عدم الاعتراف بإسرائيل بأي شكل من الأشكال، وبالتالي كانت موفقة جدًا، مستدلاً بما تناوله الإعلام الإسرائيلي عنها كمؤشر على نجاحها.
الاحتلال بمستوياته كافة عقب على الوثيقة، فرأى وزير الأمن الداخلي جلعاد اردان، أن الأمر لا يعدو كونه خطوة لتضليل العالم ومناورة للعلاقات العامة، وأن هدف الحركة يكمن في الحصول على الشرعية الدولية، داعياً المجتمع الدولي إلى عدم اعتبار ما وصفه بخديعة حماس تغيراً جوهرياً في سياستها.
وفي السياق أشار محلل الشأن (الإسرائيلي) مأمون أبو عامر إلى أن الاحتلال شن حملة منذ تسريب الوثيقة بصيغتها الأولية، موضحًا أن الوثيقة تقطع الطريق أمام الدعاية المغرضة التي يستخدمها الاحتلال ضد حماس خاصة، وأنها كانت تستخدم بعض النقاط الواردة في ميثاق حماس للترويج ضدها كقضية التهجم على اليهود ومنظمة الأمم المتحدة.
وذكر أن الوثيقة تقطع الطريق على الاحتلال الذي كان يطبع ميثاق حماس بعدة لغات، ويستخدمه في التريج ضدها، ويأخذ منه ذريعة في الاعتداء على الشعب الفلسطيني في الضفة الغربية وقطاع غزة.
وبين أن الوثيقة ستساهم في تحسين علاقة حماس بالدول العربية والدولية في الوقت الذي لا يريد الاحتلال إكسابها صفة شرعية كتنظيم سياسي، بل يريد التعاطي معها كحركة إرهابية ليسهل استهدافها عسكريًا متى شاء.
ذات الرؤية توافق معها الكاتب والمحلل السياسي هاني حبيب والذي رأى أن الموقف الإسرائيلي كان متوقعاً، ورغم أن الاعتدال في هذه الوثيقة كان واضحاً، ومميزاً في ظل موجة من العنف والتصلب الذي ساد أكثر من منطقة في العالم مع صعود أطراف أكثر تشدداً إلى سدة الحكم.
وقال في مقالة له: إن الدولة العبرية هي أكثر من يخشى من اعتدال في الجانب الفلسطيني، فهي كانت ولا تزال توظف التصلب في الشعارات لصالح رسالتها إلى الرأي العام الدولي، الأمر الذي أكسبها تأييداً كان يمكن ألا تناله لو كانت الرسالة الفلسطينية أكثر اعتدالاً مع تمسك بالمواقف".
وفي سياق ردود الفعل (الإسرائيلية) قال الناطق باسم حكومة الاحتلال أوفير جندلمان، خلال مقابلة تلفزيونية مع "هيئة الإذاعة البريطانية" (بي بي سي العربية)، إن "وثيقة حماس الجديدة، هي محاولة من قبل حماس لتلميع صورتها؛ بهدف صد الضغوطات الخارجية التي تمارس عليها (لم يحددها)، وتحسين علاقاتها مع الدول العربية، وخاصة مع مصر".
وأضاف جندلمان أن "عقيدة حماس، واستراتيجيتها لم تتغير، فحماس لا تزال تنظيمًا إرهابيًا وحشيًا، يرفض أي تسوية سلمية، ويسعى إلى تدمير دولتي وقتل شعبي"، وفق زعمه.
في حين قال الصحفي الإسرائيلي المعروف جال بيرغر: "الوثيقة السياسية الجديدة لحماس- الفرق المركزي بينها وبين ميثاق حماس: بدل تحرير فلسطين من النهر الى البحر أصبحت تحرير فلسطين من البحر إلى النهر".