الرسالة نت- محمد أبو قمر
ينتظر المهندس رائد فتوح رئيس لجنة تنسيق دخول البضائع لغزة قائمة السلع الممنوعة التي قرر الاحتلال نشرها في الفترة الأخيرة.
ومن المتوقع أن تتضح طبيعة السلع الممنوعة نهاية الأسبوع الجاري، فيما يحدو الأمل المواطنين بدخول المواد الخام التي من شأنها أن تغير من واقعهم، بعد منع دام لسنوات.
وطفت قضية تخفيف الحصار عن غزة وزيادة كمية البضائع المسموح بدخولها عقب المجزرة التي ارتكبتها قوات الاحتلال في عرض البحر بحق منظمي أسطول الحرية، في محاولة منها لتخفيف حدة السخط الذي لحق بها.
قيد الانتظار
وتلقى فتوح رسالة من الطرف الإسرائيلي تظهر عزمهم تزويده بقائمة السلع الممنوعة خلال الأيام القليلة المقبلة.
وكان مكتب رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو قد أصدر بيانا جاء فيه أن "إسرائيل" ستنشر في أسرع وقت ممكن قائمة بالسلع الممنوعة لدخول قطاع غزة المحاصر، وأن جميع المواد غير المدرجة في القائمة سيسمح بدخولها إلى القطاع.
وأضاف مكتب نتنياهو أن الإجراءات الجديدة ستتضمن أيضا السماح بدخول مواد البناء لمشاريع الإسكان الجاري تنفيذها تحت إشراف دولي.
وقد صادق المجلس الوزاري الإسرائيلي المصغر للشؤون الأمنية والسياسية على توسيع قائمة أنواع البضائع الداخلة إلى قطاع غزة معتبرا ذلك "تخفيفا" للحصار، فيما يطالب الفلسطينيون برفع كامل للحصار عن قطاع غزة المفروض منذ أربع سنوات.
وبحسب فتوح الذي تحدث "للرسالة" فان زيادة طرأت على عدد السلع المسموح دخولها للقطاع عقب ما جرى ضد أسطول الحرية، مشيرا الى أن السلع التي كانت تدخل قبل ذلك التاريخ تقدر بمائة وثلاثين سلعة فقط، فيما ارتفعت هذه الأيام لتصبح ستمائة سلع، وذلك من أصل أربعة آلاف كانت تصل القطاع قبل أن يضرب الحصار براثنه على السكان.
ويعتقد رئيس لجنة تنسيق دخول البضائع أن ما دخل حديثا خطوة جيدة، لكنه أكد أنها ليست كافية ، وقال " في حال وافق الطرف الإسرائيلي على إدخال مواد خام فسيكون ذلك اختراقا في جدار الحصار".
ويشير فتوح الى أن المواد التي دخلت في الفترة الأخيرة من أدوات منزلية وقرطاسية وزراعية تشكل مصدر عمل لعدد من المواطنين.
مماطلة إسرائيلية
وقد نشرت صحيفة "هأرتس " مؤخرا تقريرا قالت فيه أن جمعية "تواصل" الإسرائيلية قدمت عريضة الى المحكمة الإسرائيلية تطالبها تبيان الأسباب لمنع إدخال العديد من المواد الى قطاع غزة ، وطوال ستة شهور لم تتلق أي إجابة من المحكمة التي لازالت تماطل في توضيح أسباب ذلك.
وأشارت الصحيفة الى أن وزارة الحرب الإسرائيلي مع الإدارة المدنية المسئولة عن إدخال البضائع وتحديد الأصناف التي يجب أن تدخل، هي ، حيث تضع سببا واحدا أمام تبرير أي رفض لإدخال أي مادة قطاع غزة والمتمثل بأمن إسرائيل.
حتى أن مؤسسة "مسلك" الحقوقية الإسرائيلية للدفاع عن حرية الحركة تدحض الرواية الإسرائيلية في تحديد مفهوم الحصار والمسموح والممنوع موضحة أن " ثمة سلع كثيرة تمنع إسرائيل نقلها, منها المأكولات, وعتاد الصيد, والورق, رغم عدم وجود أي شك في ثنائية استعمالها لأهداف مدنية وعسكرية في آن واحد " الأمر الذي أسفر عن وقف النشاط الاقتصادي في القطاع، وشلّ الإنتاج، ودهور مستوى الحياة في القطاع.
وقالت "مسلك" في تقرير لها : " حظر نقل المواد الخام إلى قطاع غزة هو جزء من السياسة الاقتصادية التي تطلق عليها إسرائيل "العقوبات الاقتصادية"، أو "الحرب الاقتصادية"، فيما تعتبرها منظمات حقوق الإنسان "عقوبات جماعية".
وتدلل مسلك على ذلك بالقول "تسمح إسرائيل لسكان غزة بشراء رُزَم المرجرين الصغيرة – الزبدة - وهي من المواد الاستهلاكية، في حين تحظر نقل قطع المرجرين الكبيرة لأنها معدَّة للاستخدام الصناعي وليس للاستهلاك البيتي، إذ يمكن استعمالها مثلا في مصنع محلي لإنتاج البسكويت، وهو الأمر الذي تأباه إسرائيل لأنه ينطوي على نشاط اقتصادي.
وتؤكد المنظمة أن ما تود إسرائيل منعه ليس المنتَج بحد ذاته، بل استعماله لأهداف صناعية". وتضيف :"إننا أمام سياسة ترمي إلى تدمير الاقتصاد في قطاع غزة كوسيلة ضغط فقط".
ليس هذا فحسب بل تكشف المؤسسة الحقوقية عن حقائق أخرى تفضح سياسة إسرائيل التي ترفض الكشف عن قائمة السلع المسموح بدخولها إلى قطاع غزة أو الإفصاح عن إجراءات أخرى لها علاقة بتقييد مرور البضائع.
ومضت "مسلك " تقول :" لأشهر عديدة ادعت الدولة عدم وجود قائمة بالبضائع المسموح بإدخالها؛ لكنها اعترفت، في ردها على التماس قدمته جمعية مسلك في إطار قانون حرية المعلومات، بوجود قائمة بالبضائع المسموح إدخالها ووثائق أخرى، وادعت أن كشف هذه الوثائق سيضر بأمن الدولة أو بعلاقاتها الخارجية.
تدمير الاقتصاد
وفي السياق ذاته اعتبر وزير الاقتصاد المهندس زياد الظاظا أن السلع التي تسمح سلطات الاحتلال بإدخالها إلى قطاع غزة " مثيرة للضحك و تلاعب بمشاعر الناس وتزييف للحقائق ".
وأضاف الظاظا في تصريحاتٍ صحفية "أن الاحتلال الإسرائيلي كعادته دائماً يحاول أن يتلاعب بالحقائق ويزيفها، ويحاول أن يحرف الأنظار عن الحصار المشدد المفروض على غزة".
وشدد على أهمية إنهاء الحصار عن غزة، وإدخال جميع المواد اللازمة خاصة الإسمنت والحديد والحصمة والمواد الأولية الخام للصناعة والزراعة والسماح بحركة الاستيراد والتصدير بين غزة والعالم، موضحاً أن لحكومته الحق في قبول أو رفض هذه السلع وفقاً لما يتفق ومصلحة المواطن.
فيما انتقدت منظمة العفو الدولية توجه إسرائيل بتخفيف الحصار عن غزة معتبرة ذلك مؤشرا واضحا على أنها لا تنوي إنهاء العقاب الجماعي للسكان المدنيين في القطاع، وأنها تريد تخفيفه فقط’.
وأشارت المنظمة إلى أن القيود المفروضة على استيراد المواد الخام وحظر التصدير شبه التام على بضائع القطاع والقيود المفروضة على حركة سكان القطاع منه وإليه دمرت الاقتصاد في القطاع وزجت بسكانه بالبطالة والفقر والاعتماد على المنظمات الإغاثية.
وجاء في بيان للمنظمة بشأن إعلان إسرائيل تخفيف الحصار ’لن تحل هذه المشكلة إذا استمر الحصار’.
ويبقى المواطنون في انتظار قائمة السلع الممنوعة التي من شأنها أن تكشف إذا ما كانت هناك نية لدى الاحتلال بتخفيف الحصار أو أن ما تقوم به مجرد تلاعب إعلامي.