لم تمض حادثة اغتيال الشهيد مازن فقهاء كأي حادثة جنائية يقفل ملفها بالقبض على مرتكبها والمثول أمام القضاء بالإجراءات الروتينية، كون القاتل فيها لم يجني على المقتول لأسباب شخصية، وانما نفذ جريمته إرضاءً لجهات خارجية تورط بالعمل معها.
دقائق قليلة بعد اغتيال مازن فقها، كانت كفيلة بإغلاق جميع منافذ قطاع غزة براً وبحراً، وحولت المنطقة الهادئة التي استشهد بها إلى منطقة عسكرية مغلقة، وانتشرت حين ذاك الحواجز بجميع شوارع قطاع غزة الرئيسية لتشرع الأجهزة الأمنية فيها بحملة تحقيقات واسعة ودقيقة.
السفر من بوابة بيت حانون ممنوع وكذلك دخول القوارب البحر، وكتائب القسام بنبرة الواثق تخرج وتعلن بأن من يقف وراء عملية الاغتيال هو الاحتلال "الإسرائيلي" وسيتحمل تبعاته والرد بالمثل، ثم تؤكد الأجهزة الأمنية بأنها لن تذخر جهدًا في القبض على القاتل خلال الفترة المقبلة.
رويداً رويداً بدأت الإجراءات الأمنية المشددة بغزة تخف وتيرتها بعودة وزارة الداخلية بالسماح بالتنقل عبر بوابة "إيرز" وبعدها عودة الصيد إلى البحر بشكله الطبيعي، وبعد إعلان الوزارة رفع الحواجز الأمنية المنتشرة بشوارع القطاع بأسابيع قليلة، خرج رئيس المكتب السياسي لحركة حماس إسماعيل هنية ويرافقه عدد من قيادات الحركة وزوجة الشهيد مازن فقهاء من أمام منزله ليعلن عن تمكن الأجهزة الأمنية من القبض على المجرم الذي نفذ عملية الاغتيال ومساعدوه.
السيناريو السابق يشكل معادلة جديدة قالت "إسرائيل" أنها ستتعامل به مع المقاومة في قطاع غزة على لسان وزير حربها ليبرمان، لتكسر الأجهزة الأمنية لحماس المعادلة خلال 48 يوماً فقط التي بدأها الاحتلال باغتيال فقهاء وأقفلتها غزة بالقبض على الخلية القاتلة.
بدوره يؤكد أكرم عطا الله المحلل السياسي بأن الأجهزة الأمنية استطاعت أن تحقق الإنجاز الأهم في ملف اغتيال الشهيد مازن فقهاء بتمكنها من إلقاء القبض على العملاء الذي تساوقوا مع الاحتلال ونفذوا الجريمة بحنكة مشددة.
وأوضح عطا الله للرسالة نت بأن كشف خيوط الجريمة الكبيرة ربما سيهدأ من وتيرة الرأي العام في قطاع غزة بعد موجة كبيرة من الغضب أتت بأعقاب اغتيال الفقهاء، ما شكل حالة من الارتياح في الشارع الفلسطيني.
وقال عطا الله "المرحلة المقبلة تمثل مرحلة نصف الانتقام لدماء مازن فقها، بعد الكشف عن القاتل وتنفيذ حكم الإعدام بحقه رداً على اغتيال فقهاء، أما النصف الأخر من الانتقام والمتمثل برد المقاومة على "إسرائيل" ستتمهل به قادتها إلى الوقت الذي تراه مناسباً-في ظل حالة التوتر مع الاحتلال والتي قد تنفجر بمواجهة بأي لحظة".
ولم يختلف نعيم بارود المحلل السياسي مع سابقه بعد تأكيده بأن كشف خيوط جريمة اغتيال فقهاء والقبض على المنفذين من قبل الأجهزة الأمنية، شكل ضربة موجعة "لإسرائيل" وأولى عمليات الرد ستكون بالقصاص منهم.
أما المرحلة التي ستعقب القصاص، يعتقد بارود بأن المقاومة الفلسطينية على رأسها كتائب القسام، ستتمهل في عملية الرد على الاحتلال "الإسرائيلي" وستبلغ الحكمة به، إلا أن توجه ضربه موجعة له توازي جريمة اغتيال فقهاء.
وينهي بارود حديثه مع الرسالة، بتأكيد على أن الأجهزة الأمنية سجلت انجازاً تاريخاً، بعد ان استطاعت كشف خيوط أحد الجرائم الكبيرة والمقعدة التي ترتكبها أجهزة المخابرات الإسرائيلية بذكاء عال بفترة زمنية قصيرة.
وكان الشهيد مازن فقها قد اغتيل يوم الجمعة الموافق 24 مارس 2017 أمام منزله في حي تل الهوى غرب مدينة غزة، وذلك بأربع رصاصات بمسدس كاتم للصوت، وحملت كتائب القسام آن ذاك الاحتلال بالوقوف خلف الجريمة بصورة متكاملة.