قصة قصيرة للكاتبة الإماراتية مريم الساعدي
تجلس المرأة الشابة الأنيقة على الكرسي الخشبي المغطى بوسائد حمراء في المقهى الجميل المطلّ على واجهة بحرية، بعد أن تضع طفلها الصغير في كرسي الأطفال بجانبها. المرأة عشرينية رشيقة بشعرٍ طويلٍ أشقر، ترتدي فستاناً قصيراً أخضراً، الطفل بعيون زرقاء واسعة وشعر بنيّ داكن؛ شعره يبدو مقصوصاً لتوّه. يأتي رجل من بعيد بخطوات سريعة متقاربة. يلامس كتف المرأة من الخلف، فتلتفت وتنهض ضاحكة لعناقه؛ يعانقها وهو يعتذر للتأخير؛ يقبّل الصغير بضجّة ويلاعبه حتى يضحك، يجلس بجانب الطفل مقابلاً المرأة.
الرجل شاب وسيم بجسد رياضي فارع، شعره بني داكن كثّ يمشّطه إلى الخلف. يمدّ الرجل ذراعه نحو المرأة ويزيح خصلة شعر تسقط على وجهها. تقول له إنها القصة الجديدة. “جميل”! يقول لها مبتسماً وفي عينيه بريق الإعجاب والحب، ويبدو كمن يغبط نفسه أن يكون هذا الجمال أمامه له كله. الطفل يربت بيديه الصغيرتين على الطاولة؛ ويحرك قدميه.
النادل يأتي ويروح بطلباتهم. الأم تُطعم الطفل؛ الأب ينظف ما يسقط من طعام الطفل ويلاعبه مشجعاً على تناول الطعام، المارّة يداعبون الطفل الجميل وهو يودّعهم كل مرّة ملوّحاً بيده الصغيرة. الأم تضحك وترفع هاتفها الجوال تلتقط به صور طفلها وهو يُحييّ المارّة ضاحكاً. الأب يضحك ويتابع تناول طعامه، الطفل يمسك كُمّ والده؛ يخلع الأب جاكيته ويتنهّد؛ يحكي للمرأة عن يومه الطويل، الطفل يُصدر أصواتاً مضحكة وهو يمسك بذراع والده ويقول “بابا بابا”؛ تبدو لأول مرة إذ تشهق الأمّ سعادة ويصفّق الأب بهجة.
التقارير الأولية تقول إن الانفجار أسقط مجموعة من الضحايا لم يتم تحديد عددهم بعد، عدسة كاميرا التلفزيون تظهر فوضى أنقاض يلوح من بينها رأس صغيرة بشعر بني داكن ويد صغيرة تقبض على ذراع رجل تقبض كفّها على قطعة قماش أخضر.
التحقيقات اللاحقة تُحمّل مسؤولية التفجير إلى رجل وجد نفسه صالحاً بما يكفي لإرسال الآثمين إلى الجحيم.