قائمة الموقع

بالملف الفلسطيني.. ترامب يطوي صفحة خطابه الانتخابي

2017-05-22T05:49:21+03:00
كاريكاتير الرسالة
​غزة-أحمد الكومي

ثلاث قمم ستشهدها العاصمة السعودية، الرياض، يجتمع فيها الرئيس الأمريكي دونالد ترامب مع قادة الدول الإسلامية والعربية؛ لصياغة رؤية مشتركة بين الولايات المتحدة، وشركائها.

ويبرز الملف الفلسطيني كواحد من الملفات التي سيجري تناولها؛ لإحداث "الاختراق" الذي وعد به ترامب أثناء حملته الانتخابية، في إطار الحراك الأمريكي لتسوية الصراع.

والمتتبع لمسار تعامل الإدارة الأمريكية مع هذا الملف، يلحظ انعطافة في مواقف ترامب، أقل غموضاً مما كانت عليه أثناء حملته الانتخابية، التي كان يفضّل فيها إظهار الحياد، على طرح رؤية أو موقف أو تصوّر واضح لحلّ الصراع.

هذا الأمر، ربما ينسحب أيضًا على الموقف من السعودية، فبينما كان ترامب شديد النقد للرياض أثناء حملته، كانت المحطة الأولى له في جولته الخارجية الأولى هي المملكة؛ مما يفسّر أن ترامب الرئيس ليس هو ترامب المرشّح الرئاسي، وأن "الخطاب الانتخابي" قد تمّ بالفعل طيّ صفحاته، وإلى جانب أنه مؤشر على اتزان السياسة الأمريكية في التعامل مع الملفات الخارجية، ومنها الفلسطيني، في ثلاث قضايا، في الوقت الذي كانت أجندة ترامب مركّزة على أمن "إسرائيل" وسلامتها:

أولا: انتقال ترامب إلى الحديث عن المبادرة العربية للسلام، والحديث بأنه يملك توجهًا لإجراء تغيير فيها، مشروط بوجود توافق فلسطيني إسرائيلي عليها، وهذا متغيّر مهم في الوقت الذي كان فيه ترامب يقدّم الغموض بموقفه من هذه المسألة، وبدا ذلك بامتناعه عن الإشارة أو ذكر "حل الدولتين" أثناء لقائه الرئيس محمود عباس، وتصريحه أثناء لقائه رئيس الوزراء الإسرائيلي بنيامين نتنياهو فيما يتعلق بشكل الحّل بين دولة لشعبين أو دولتين، وقوله "إنه يترك الأمر لتوافق الطرفين".

هذا الانتقال أثار مخاوف (إسرائيل) من جدّية الطرح هذه المرة، انطلاقًا من أن مجرد بحث هذه المسألة مع صاحب المبادرة -السعودية- والتفكير بإدخال تعديلات فيها، هو بحد ذاته رسالة ومطلبا من ترامب بأنه يريد استعدادًا إسرائيليا للقبول بها، محاولًا في الوقت نفسه، استغلال حالة التقارب في المواقف بين السعودية ودول الخليج و(إسرائيل)، وجهود تشكيل حلف سنّي تكون (إسرائيل) جزءًا منه.

وكان الجنرال السعودي المتقاعد أنور عشقي، رئيس مركز الشرق الأوسط للدراسات السياسية والاستراتيجية، كشف في وقت سابق لـ "الرسالة" عن أن ترامب سيعرض على الزعماء العرب رؤيته بشأن تعديل المبادرة العربية، وسيناقش ذلك مع (إسرائيل) والسلطة الفلسطينية خلال زيارته لهما.

ويشار إلى أن مطلب تعديل المبادرة العربية كان (إسرائيليًا) من الأساس، وعُرض لأول مرة خلال انعقاد القمة العربية في مدينة العقبة الأردنية قبل أشهر، لكنه لم يحظ بقبول المشاركين في القمة، مع العلم أن (إسرائيل) تطلب تعديل جوهر المبادرة، بأن يكون التطبيع معها مدخلًا لعملية السلام، وليس نتيجة لها، كما تطالب بالاعتراف العربي بها، دولة يهودية قومية.

وفي هذا السياق، يعتقد الكاتب السياسي هاني حبيب أن "المتغير الأساسي في سياسة ترامب حول المسألة التفاوضية على الملف الفلسطيني الإسرائيلي، يتعلق بالبُعد العربي لهذه السياسة، خلافاً لما جرى الأمر عليه في عهد إدارتي اوباما، إذ إن التغطية العربية لهذا الملف باتت أمراً ضرورياً يعمل عليه ترامب بشكل جدّي من خلال سلسلة القمم التي تمت لهذا الغرض".

ثانيا: تراجع ترامب عن نقل السفارة الأمريكية من (تل أبيب) إلى القدس، بعدما وعد خلال حملته أن يضع هذا الأمر على "سلّم الأولويات"، مقدمًا بذلك أولويات الولايات المتحدة على أي اعتبارات دفعته لإعلان ذلك خلال دعايته الانتخابية، مستندًا ربما في ذلك على نصائح خبراء ودبلوماسيين أميركيين بأن نقل السفارة سيقود لردات فعل عربية وإسلامية؛ نظرًا للقيمة الدينية لمدينة القدس؛ الأمر الذي أثار ارتياح القيادة الفلسطينية، وتسبب بانزعاج إسرائيلي.

ومن المهم الإشارة في هذا السياق إلى الجدل وبوادر الأزمة الدبلوماسية التي أوشكت أن تحدث بين الولايات المتحدة و(إسرائيل) على خلفية الاستعدادات لاستقبال ترامب، ورفض الوفد الأميركي اقتراحًا إسرائيليًا بزيارة الرئيس لحائط البراق، لاعتباره أن المنطقة تقع تحت السيادة الفلسطينية، وأنه لا سلطة لـ(إسرائيل) عليه، قبل أن يتم الاتفاق على أن تكون زيارة ترامب للمكان وحده، دون مرافقة أي مسؤول إسرائيلي.

ثالثا: موقف السلطة الفلسطينية من قطاع غزة، واستمرار الرئيس عباس في "خطواته غير المسبوقة" ضد غزة، حتى بعد لقائه ترامب، يرجّح أنها خطوات تتم بضوء أخضر أمريكي، ضمن استراتيجية ترامب لمحاربة الإرهاب، التي تزامنت مع إعلان حركة حماس وثيقتها السياسية الجديدة، ضمن محاولاتها لدفع هذه التهمة عن نفسها. وبالتالي، فإن قطاع غزة هو جزء أساسي لا يمكن تجاوزه في أي تسوية يخطط لها ترامب، اعتمادًا على إجراءات أبو مازن، التي يحاول من خلالها ترويض القطاع للقبول بالحلول القادمة، مرفقًا بعرض كبير سيقدمه عباس للرئيس ترامب خلال لقائهما، يتضمن، وفق ما كشف عنه موقع "ميدل إيست آي" البريطاني، تخلي الفلسطينيين عن 6.5% من أراضيهم لصالح الاحتلال، أي ما مساحته ثلاثة أضعاف ما كان معروضا في السابق، "وهي رؤية مخالفة لرؤية الغالبية العظمى من الشعب الفلسطيني".

ويمكن اعتبار ما كشفت عنه صحيفة معاريف العبرية بشأن رسالة خاصة وجهها أعضاء في الكونغرس الأمريكي إلى الرئيس ترامب يدعونه فيها بإيجاد حل لتصريف مياه غزة، "كجزء من جهوده لإحلال السلام". ويُفهم من الرسالة أنها دعوة لتسوية الأمور مع قطاع غزة، وإدراك مخاط تجاهله، إذا ما كان الرئيس الجديد معنيًا باستقرار المنطقة، وحفظ أمن (إسرائيل).

اخبار ذات صلة